ريمون شاكر- "مين جرَّب المجرّب كان عقلو مخرّب"!

  • شارك هذا الخبر
Monday, July 26, 2021

التوافُق بين "الثنائي الشيعي" و"الرباعي السنّي" على ترئيس نجيب ميقاتي، هو توافُق على إبقاء الطبقة السياسية الفاشلة والفاسدة نفسها في الحُكم، وإبقاء اللبنانيين تحت رحمة العُهر السياسي والمحاصصَة وتقاسُم المغانم، من دون أيّ أمل في التغيير والإصلاح...

وفيما تستعدّ الكتل النيابية الأخرى لحسم مواقفها من التسمية تباعاً، كان لافِتاً الموقف الرافض ل"تكتل لبنان القوي" من تكليف الرئيس نجيب ميقاتي، واعتبار تكليفه صورة طبق الأصل عن تجربة الرئيس سعد الحريري، إذ هو أحد أركان "نادي رؤساء الحكومات السابقين" ومُلتزِم بشروط النادي ومواقفه وتوجّهاته...
اللافِت أيضاً، إعلان رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع عدم تسمية أيّ شخصية يوم الإثنين، مُعتبِراً بأنه "من رابع المستحيلات الوصول إلى إصلاح أو تغيير في النهج طالما أنَّ الثنائي "عون - حزب الله" وحلفاءهما مُمسِكون بالسلطة".

وهكذا، فإنّ تكليف ميقاتي، في حال حصوله، من دون دعم الكتلتين المسيحيتين الكبيرتين في المجلس، سيضع "الميثاقية" التي نادى بها الرئيس نبيه بري موضع شكّ والتباس.

السؤال الذي يطرح نفسه، هل أنّ سيف العقوبات الأوروبية والأميركية عجَّلَ في تحديد موعد الإستشارات وفي حَسم إسم الرئيس المكلَّف، أم أنَّ الخوف من إنزلاق لبنان نحو الفوضى والإضطرابات مع مواصلة الإنهيار الإقتصادي والمالي والمعيشي بشكل مُخيف، كان السبب الأول في إستعجال إختيار ميقاتي؟

في الحقيقة، أسباب كثيرة دفعَت العهد و"حزب الله" إلى السير بميقاتي، وأهمّها:
إمتصاص نقمة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي خسر المعركة التي أدارها مع صديقه الرئيس سعد الحريري طوال تسعة أشهر، واستباق غضب الشارع قبل حلول الذكرى السنوية الأولى على جريمة 4 آب، وتفادي العقوبات الغربية التي ستُفرَض على مُعرقِلي تشكيل الحكومة، وتخوُّف من إمتداد نيران حروب المنطقة إلى الحدود اللبنانية، ثمّ إلى الداخل اللبناني، بعد الإشتباك الصاروخي الإسرائيلي- السوري في سماء لبنان، وإطلاق صاروخين من الأراضي اللبنانية على المستعمرات الإسرائيلية، والأهمّ والأخطر، وصول البلاد إلى الإنفجار الإجتماعي بسبب الفقر المُدقِع والبطالة المستفحلة وأزمة شحّ المحروقات التي تُلقي بثقلها على القطاعات الإقتصادية والإستشفائية وتهدِِّد المواطنين في يومياتهم ورغيفهم وصحتهم، مع توقُّع إنهيار شبكة إمدادات المياه العامة في لبنان خلال شهر، حسب تحذيرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف".

من هذا المنطلَق، وبسبب هذه الإنهيارات القاتِلة، والخوف من الإضطرابات والفلتان الأمني، سيحصل التكليف يوم الإثنين، ومخاض التأليف قد لا يطول كثيراً، إذا صدقَت الوعود بنزع الألغام التحاصصية، وأُزيلَت العقبات والشروط الأميركية-السعودية-الإيرانية من أمام تشكيل الحكومة...
ولكن يبقى السؤال الأبرز : ماذا يتوقّع الناس من حكومة برئاسة نجيب ميقاتي؟

لقد خَبِرنا هذا الرجل في مجال "الأعمال"، أي ال business عام 1994، عندما "شفَطَ" منا مبلغ 500 دولار نقداً، دفعناها بمثابة وديعة للحصول على رقم ثابت في الهاتف الخليوي !
فأين هي هذه الودائع؟
ثم عرفناه عام 2019، عندما إدّعَت النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غاده عون عليه وعلى إبنه وشقيقه وعلى بنك عوده بتهمة "الإثراء غير المشروع"، وأحالتهم أمام قاضي التحقيق الأول للتحقيق معهم في خبَر حصول متموّلين على قروض من مصارف مدعومة من المصرف المركزي بملايين الدولارات على أنها قروض إسكانية...
فأين هي أموال الإسكان؟

ثمّ خبِرنا ميقاتي السياسي المسؤول، عندما كان وزيراً للأشغال العامة والنقل منذ كانون الأول 1998 وحتى تشرين الأول 2004 في حكومتَي الرئيس سليم الحص والرئيس رفيق الحريري. فما هي الإنجازات العظيمة التي حقّقها في الطرقات والشواطئ والمرافئ والمطار؟
وخَبِرناه أيضاً رئيساً للحكومة عام 2005 في حكومة مؤقّتة لإجراء الإنتخابات النيابية، ثمّ رئيساً للحكومة للمرة الثانية في كانون الثاني 2011 على أثر سقوط الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري بعد إستقالة وزراء "حزب الله" وحلفائه... واستمرّت حكومة ميقاتي حتى آذار 2013. فماذا أنجز ؟ وماذا قدّم للبنان؟
لن أُطيل الكلام، هناك مثل هندي ينطبق على واقعنا : "جيفة واحدة تكفي لجمع الغربان".

يا سادة، لماذا تفتِشون عن الأموات؟ لا تتعبوا ولا تأملوا ولا تطلبوا "الدبس من طيز النمس"، فقد صدَقَ المثل الشعبي:
"مين جرَّب المجرّب كان عقلو مخرّب".