خاص ــ تباعد سياسي بين الحليفين التاريخيين... برّي منزعج من مواقف جنبلاط؟ محمد مدني
شارك هذا الخبر
Wednesday, July 7, 2021
خاص ــ محمد مدني
اكلمة اونلاين
مع إستمرار فشل الأطراف السياسية في تشكيل الحكومة نتيجة الصراعات الحادة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل من جهة والرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري من جهة أخرى، يُحكى أن العلاقة بين برّي ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ليست على ما يرام، وأن رئيس المجلس منزعج من مواقف جنبلاط الداعية إلى تسوية تنتج حكومة بعيدًا من حسابات الربح والخسارة.
لسنا بحاجة لسرد قوة ومتانة العلاقة التاريخية بين برّي وجنبلاط الذين لم يتخاصما حتى في أحداث أيار 2008 التي جرت في بيروت وبعض مناطق جبل لبنان، لكن خطورة المرحلة الراهنة دفعت الرجلين للتمترس خلف مصالحهما الحزبية والطائفية، لذلك نرى موافق البيك مختلفة عن مواقف الرئيس برّي، خصوصاً فيما يتعلق بالعلاقة مع الطرف المسيحي الأقوى على الساحة اللبنانية أي التيار الوطني الحر.
يُقال أن نبيه بري يُنفذ سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في لبنان، وأن وليد جنبلاط كان إلى جانبه، لكن الأخير تدارك الأمور وقرأ المعطيات الدولية وعودة سوريا إلى الخارطة الدولية عبر حوار مفتوح مع دول الخليج، أما برّي فمصمم على سياسته الإنتحارية في مواجهة "العهد" بغية الحفاظ على دوره السياسي - الشيعي، في ظل الحديث عن رغبة سوريا ورئيسها بشار الأسد في إستبداله بشخصية أخرى تُلبي طلبات النظام السوري وتكون كما كان برّي خلال حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد.
هذا بالإضافة إلى أنه لا يمكن صرف النظر عن سقوط الجبهة الثلاثية "برّي - الحريري - جنبلاط" نتيجة إنسحاب بيك المختارة من المعارك السياسية، ووقوفه على ضفة التسويات والحوارات إن كان مع التيار الوطني الحر مسيحيًا ومع الحزب الديمقراطي اللبناني وتيار التوحيد العربي درزيًا، ولعل إنفتاح جنبلاط على التسويات سببه خوف البيك على الدروز كي لا يكونوا ضحية أي تسوية محتملة، بالإضافة إلى سعيه الدائم ليكون "بيضة القبان" في المعادلة السياسة.
آراء أخرى تقول أن جنبلاط لم ينسحب من الثلاثية المذكورة سابقًا، وتشير إلى أن هناك خصوصية في العلاقة الدرزية - المسيحية بـ الجبل، وهذه العلاقة هي فوق كل إعتبار بالنسبة إلى وليد جنبلاط، الذي يعتبر أن الحفاظ على المصالحة في الجبل أهم من الحفاظ على العلاقة مع الرئيس المكلف سعد الحريري ومن الملف الحكومي والمجلس النيابي، ومن أركان المصالحة والحفاظ عليها هو الإنتباه إلى العلاقة مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر لما يمكن أن يؤثر على إستقرار العلاقة الدرزية - المسيحية، لذلك فإن وليد جنبلاط لن يذهب بعيدًا مع برّي والحريري في الصراع مع ميشال عون.
وتشير إلى أن المعركة التي يخوضها نبيه برّي بمواجهة عون وباسيل مختلفة عن أي معركة قد يخوضها جنبلاط ضد "العهد"، لأن معارك برّي والتيار يضبطها حزب الله ويعالجها حين تخرج عن السيطرة، كما أن برّي لديه علاقات جيدة مع المسيحيين المعارضين لـ ميشال عون وهم الأكثرية، لذلك لديه توازن في الموضوع المسيحي.
أما سعد الحريري وبحسب الآراء عينها، لديه غطاء في صراعه مع ميشال عون وأبرشيته، وفي الوقت ذاته هو متحالف مع معظم المسيحيين الآخرين مثل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والقوات اللبنانية وشخصيات مسيحية مستقلة، حتى لو كانت علاقته مع القوات ليست متوترة، وهذه نقطة ضعف في مكان ونقطة قوة في مكان آخر، لأن حزب الله يتحسس من أي علاقة قوية بين السنة والمسيحيين، وخاصة القوات. لذلك فإن الحريري يُغطي صراعه مع "العهد" بعلاقاته القوية مع المسيحيين المعارضين لـ العهد.
إذا كل طرف سياسي يعمل ضمن إطار معين، وكل طرف لديه أولوياته وإعتباراته وخياراته الأساسية، لكن العلاقة بين برّي وجنبلاط من الثوابت التي لا تتزحزح مهما حصل، حتى لو صادف أن حصل إختلاف في الرأي الا أن علاقتهما شديدة المتانة، وقد مرت بمراحل أخطر من اليوم، وحافظ عليها الرجلان بكل إرادة وتصميم.