خاص- ...عن "انفصام" الشعب اللبناني… ماذا يقول الطب النفسي؟

  • شارك هذا الخبر
Thursday, July 1, 2021

خاص- الكلمة أون لاين

ضحى العريضي

في أقلّ من سنتين انقلبت حياة اللبنانيين رأساً على عقب، بشكل تدريجي، حتى أصبحنا اليوم في قلب الانهيار الكبير. والخطير في الأمر أن فرص الحلول تبدو معدومة، على عكس كل الأزمات السابقة، في ظل استعصاء سياسي وانهيار شامل في مختلف النواحي. كل هذه المعطيات، إضافة إلى صدمة انفجار المرفأ، تركت أثراً كبيراً على الوضع النفسي للشعب اللبناني الذي فقد الأمان الاجتماعي والاقتصادي.

في المقابل، ورغم الواقع المزري نلاحظ تناقضاً كبيراً في تعامل المواطنين مع الأزمة. من جهة، هناك احتجاجات وقطع طرقات بشكل شبه يومي، بينما من جهة ثانية نرى المطاعم والمسابح وأماكن السهر "full"، برغم ارتفاع الأسعار. هنا، قد يقول البعض إنه ما زالت هناك فئة قادرة على صرف الأموال، خاصة ممن يقبضون Fresh Dollar أو سواهم.

لكن اللافت أن البعض ممن يثورون في النهار، سواء من خلال المشاركة بالاحتجاجات فعلياً أو برفع الصوت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، منددين بالأوضاع وطالبين المساعدة، هم أنفسهم يخرجون مساء أو في عطلة نهاية الأسبوع. فكيف يمكن تفسير هذه الازدواجية، إن صحّ التعبير؟! وأي واقع نفسي يعيشه الشعب؟

يمرّ اللبنانيون بفترة من القلق الكبير، يوضح رئيس قسم الطب النفسي في مستشفى" أوتيل ديو" ورئيس "الجمعية اللبنانية للطب النفسي" البرفيسور سامي ريشا، لموقع "الكلمة أون لاين، فـ"الشعب يحاول أن يعيش بطريقة عادية، مدركاً في الوقت نفسه أنه يتصرف بشكل خاطئ، وهو ما يحصل عندما يعاني الشخص من حالة قلق قوية، حيث يسيطر التخبط على تصرّفاته، فتأتي أفعاله متناقضة ويقوم بالأمر وعكسه، سواء من الناحية السياسية أو في الحياة اليومية"، مؤكداً أن هذا أمر معروف، وفي الحالة اللبنانية يبدو المواطن عاجزاً عن معالجة الأزمة التي يمر بها أو حتى التعامل معها نتيجة الخوف والتخبط.

لكن د. ريشا يرفض وصف ما يمرّ به الشعب اللبناني بـ"الإنكار"، كما يظنّ البعض، فهو يدرك أن تصرفاته خاطئة وبالتالي فإن الوعي هو المسيطر في هذه الحالة وليس اللاوعي.

إذاً، القلق الكبير الذي يمرّ به اللبنانيون قد يؤدي إلى الانفجار وصولا إلى الاكتئاب والإحباط الشامل، يؤكد د. ريشا، وهو ما بدأ يظهر عند البعض، محذراً من "أننا على أعتاب مرحلة نفسية شديدة الخطورة"، وفي السياق يلفت إلى أنه شخصياً لم يشهد طيلة سنوات عمله الطويلة في لبنان مثيلاً لما يحصل على صعيد صحة المواطنين النفسية، خاصة خلال الأشهر القليلة الماضية.


قد يظنّ البعض أنه يمكن التعامل مع الأوضاع الصعبة التي نمرّ بها بالابتعاد عن كل ما يمكن أن يؤدي إلى القلق أو الاكتئاب، غير أن المشاكل باتت تلاحق المواطن في كل مكان، سواء في طوابير البنزين أو في المصرف أو السوبرماركت...، ولذلك "حتّى لو بعدنا عن الاكتئاب بيرجعلنا"، وفق تعبير د. ريشا.

وبغض النظر عن خطورة المرحلة، لا تبدو المقارنة بين الشعب اللبناني وغيره من الشعوب في مقاربة هكذا أزمة، سهلة، نظراً لكمية الصدمات التي يمرّ بها خاصة منذ سنة إلى اليوم، بحسب ريشا، الذي يلفت إلى قدرة الشعب اللبناني على الصمود والتحمل، وهي ميزة تعود لعشرات السنوات، مذكّراً بالتناقض أيام الحرب بين الاختباء من القصف نهاراً والسهر ليلا، أو حتى في حرب تموز 2006، حيث عادت الناس إلى أشغالها وحياتها الطبيعية لحظة وقف إطلاق النار.

وبانتظار الفرج، يبدو أن الخيارات تضيق أكثر فأكثر أمام الشعب اللبناني، فهل سينجح بالصمود هذه المرّة أيضاً؟!