خاص- "طبخة" سياسية من العيار الثقيل بين التيار والإشتراكي!- محمد المدني

  • شارك هذا الخبر
Saturday, June 26, 2021

خاص- الكلمة أون لاين

محمد المدني

رغم إشتعال الجبهات السياسية والحزبية بين كبار القوى والتيارات السياسية ودخول رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى "حلبة" الصراع الحكومية إلى جانب الرئيس المكلف سعد الحريري، لا يزال رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط متمسكًا بمواقفه الحيادية الداعية إلى عقد تسوية وطنية تنتشل لبنان من قعر الهاوية.

وفي ظل التقارب العوني - الإشتراكي الساعي إلى ضمان أمن وإستقرار الجبل، تدور في الكواليس السياسية الضيقة معلومات حول " طبخة" سياسية من العيار الثقيل بين التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الإشتراكي، مضمونها دعم التيار للإشتراكي في الإنتخابات النيابية المقبلة ليتمكن من إبقاء سيطرته على المقاعد الدرزية في البرلمان، بالمقابل يقوم جنبلاط والحزب الإشتراكي بدعم المواقف الصادرة عن ميرنا الشالوحي ومساندة التيار للمحافظة على وزنه النيابي كأكبر كتلة برلمانية، وقد تصل الأمور إلى إحتمال تبني الإشتراكي وصول جبران باسيل إلى سدّة الرئاسة خلفًا للرئيس العماد ميشال عون.

وللغوص في تفاصيل هذه "الطبخة" التي لم تستوي بعد، فإن أكثر ما يقلق جنبلاط اليوم هو عدد من النقاط، أولها الإنتصار الذي تحقق في سوريا والذي أعاد للنظام السيطرة على اغلب المناطق، وإنتصار محور المقاومة، ونجاح المفاوضات الأميركية الإيرانية، كلها أمور أربكت جنبلاط وأشعرته أن نجمه في السياسة بدأ بالأفول، لذلك بدأ بالإنعطافة الحالية عله يحافظ على الحد الادنى من إمكانية العودة إلى العلاقات مع سوريا، ولو عبر نجله النائب تيمور جنبلاط.

النقطة الثانية تتمثل بالواقع الدرزي الذي يدرك جنبلاط أنه كباقي المذاهب الأخرى، يعاني من الأزمة الاقتصادية الخانقة ولذلك عليه العمل على تحصين بيئته، وما حماسه للقاء رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان في خلدة وبحضور رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب إلا إدراكًا منه لخطورة المرحلة المقبلة، فيأتي هذا الإجتماع لتحصين الواقع الدرزية من جهة، وإرسال رسالة ودية إلى سوريا حليفة أرسلان ووهاب من جهة أخرى.

النقطة الثالثة والأهم، أن جنبلاط يدرك أن ما حافظ على وجوده وزعامته سابقًا وما يؤمن بقاءها مستقبلاً هو قدرته على أن يكون بيضة قبان السياسة اللبنانية، لذلك فإن جلّ إهتمامه ليس بعدد المقاعد النيابية التي يحصل عليها بل بفعالية هذه المقاعد، والتي تتحد بالمكان الذي يتموضع به، لذلك نراه دائمًا يختار الجبهة التي لا تستطيع من دونه أن تكون أكثرية أو حاسمة، ويأخذ مواقف تؤمن له هذا الدور، وهو محترف بالسياسة والإنتخابات ويعرف كيف تدار الأمور.

أما النقطة الرابعة فتتعلق بتراجع شعبية التيار الوطني الحر وإحتمال تقدم القوات اللبنانية وفوزها بعدد اضافي من المقاعد النيابية، ما يشغل بال بيك المختارة الذي لا يرغب بإحتمالية أن يصبح رئيس حزب القوات سمير جعجع الأقوى مسيحيًا، ما يجعله المرشح الابرز للرئاسة، لذلك نرى البيك مبادرًا إلى خطب ود التيار، مما يساعده أولاً في إغراء الوطني الحر في الجبل وتمكنه من الفوز بمعظم المقاعد الدرزية ليبقى ممسكًا بقرار الطائفة في المرحلة المقبلة، خصوصا مع إحتمال أن تتغير التحالفات الإنتخابية وآلية تصويت تيار المستقبل والقوات اللبنانية تجاه الحزب الإشتراكي.

في جلساته الخاصة، يؤكد رئيس الإشتراكي أن ليس هناك تقارب غير اعتيادي بين المختارة وميرنا الشالوحي، وكل ما في الأمر أن الإجتماعات التي تدور منذ فترة على صعيدٍ حزبي هي فقط من أجل المحافظة على كل مقومات الإستقرار في الجبل بين مختلف المكونات، ولا سيما المكون الدرزي والمسيحي. وهذا مرده إلى أن الحزب الإشتراكي يحاول دائمًا عدم ترك أي ثغرة في إطار العيش المشترك في الجبل ولا سيما عندما تكون هناك توترات سياسية لهذا السبب أو ذاك.

إذا يعتبر جنبلاط أن العلاقة بين الطرفين فيها تقارب بالمعنى السياسي، ومستمدة من خشية دائمة على مستوى أمن الجبل وعدم ترك مجال لكي تدخل عناصر شغب أو عناصر تتسلل عبر الثغرات من أجل الإطاحة بالإستقرار وبالعلاقة المسيحية الدرزية، هذا هو السبب الأساسي وهذه هي دائمًا البوصلة التي يتحرك وفقها الإشتراكيون، وهذا أيضًا ينطبق على إنفتاح جنبلاط على قوى سياسية درزية أخرى ولاسيما الأمير طلال أرسلان والوزير وئام وهاب، وإجتماع نهار السبت كان مخصصًا لسد أي ثغرة أمنية أو غير أمنية يمكن أن تسبب مشكلة في الجبل لأسباب سياسية عدة.