نحن قلقون... بوريل: الأزمة هي من صنع اللبنانيين

  • شارك هذا الخبر
Saturday, June 19, 2021

صدر عن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل خلال زيارته للبنان، ملاحظات جاء فيها:

أنا سعيد جداً لوجودي مرة أخرى هنا في لبنان لأنني قبل سنوات جئت إلى هنا كوزير للخارجية الأسبانية وتشرفت حينها بلقاء رئيس الجمهورية ميشال عون. لكن هذه هي زيارتي الأولى للبنان بصفتي الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي.

لبنان جار وشريك عريق للاتحاد الأوروبي. نحن قلقون للغاية من الأزمات الاقتصادية والسياسية الحالية التي يواجهها لبنان. أنا هنا اليوم لأعبر، باسم الاتحاد الأوروبي، عن تضامننا ودعمنا للشعب اللبناني، ولكي نعرب أيضاً عن هواجسنا للسلطات السياسية.

من ناحيتنا في الاتحاد الأرووبي، نحن مستعدون لإنجاز ما علينا للاستمرار في دعم لبنان وشعبه. ففي عام 2020، قدمنا مساعدات للبنان بقيمة 333 مليون يورو، أي نحو مليون يورو في اليوم. وبالتعاون مع الأمم المتحدة، وضعنا إطار عمل لمساعدة الشعب اللبناني بشكل مباشر. ولدينا عدة أدوات أخرى تحت تصرفنا لمساعدة الحكومة اللبنانية، ونحن على استعداد لحشدها بمجرد أن نرى تقدماً ملموساً في الإصلاحات اللازمة.

ولا يمكننا أن نقدم هذه المساعدات من دون حصول تقدم في عملية الإصلاحات. وهذه إصلاحات يتعين على البلاد أن تنجزها لتجاوز الأزمة الحالية. لذلك دعوني أكون واضحاً، لدينا الموارد والرغبة للمساعدة أكثر. لكن للمساعدة أكثر، يجب أن تستمر عملية الإصلاح وأن تتسارع للتمكن من تجاوز الوضع الحالي. دعوني أعطي مثلاً، فور وضع برنامج لصندوق النقد الدولي، سنكون قادرين على النظر في القروض والضمانات الميسرة، والتدابير التجارية بالإضافة إلى برنامج المساعدة المالية الكلية. وهذا يعني مبالغ مالية كبيرة وإجراءات ستساهم في دفع الاقتصاد اللبناني.

لكنني أريد أيضاً أن أنقل رسالة حازمة إلى جميع القادة السياسيين اللبنانيين باسم الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. إنّ الأزمة التي يواجهها لبنان هي أزمة محلية فرضها اللبنانيون على أنفسهم وهي ليست أزمة آتية من الخارج أو سببها عوامل خارجية. أنها أزمة داخلية أنتم صنعتموها والعواقب وخيمة جداً على الشعب اللبناني. فنسبة البطالة تصل إلى 40 في المئة، وأكثر من نصف الشعب يعيش في الفقر. وهذه أرقام كبيرة.

ويتعين على القيادة اللبنانية تحمل مسؤوليتها واعتماد التدابير الضرورية من دون المزيد من التأخير. يجب تشكيل حكومة وتنفيذ الإصلاحات الرئيسية فوراً. لا يمكن أن نفهم كيف أنه بعد 9 أشهر من تكليف رئيس للحكومة، لم تشكل حكومة بعد في لبنان. ووحده اتفاق طارئ مع صندوق النقد الدولي سينقذ البلاد من الانهيار المالي. فلتجنب الانهيار المالي، لبنان في حاجة لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ولا مجال لإضاعة الوقت، فقد بلغتم شفير الانهيار المالي.

لقد عقدت للتو اجتماعاً صريحاً مع فخامة الرئيس ميشال عون حول هذه المسائل وسأتابع نقاشاتي مع القيادات اللبنانية الأخرى، لاسيما مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

دعوني أشدد على أننا مستعدون للمساعدة إن كان هذا ما تريدونه. لكن إن حصل المزيد من العرقلة للحلول للأزمة الحالية المتعددة الأبعاد في البلاد، فسننظر في مسارات عمل أخرى كما اقترحت بعض الدول الأعضاء. لقد ناقش مجلس الاتحاد الأوروبي الخيارات، بما في ذلك العقوبات المستهدفة. بالطبع نحن نفضل عدم السير في هذا الطريق ونأمل ألا نضطر لذلك. وهذا الأمر بيد القيادة اللبنانية.

أود أيضاً أن أقول بعض الكلمات عن اللاجئين في لبنان عشية اليوم العالمي للاجئين غداً. سنتحدث عن اللاجئين، ولا بد من الإشادة باللبنانيين في هذا الإطار، على الدعم الكبير من الشعب اللبناني للاجئين. عشية هذه المناسبة، علينا أن نشيد بهذه الجهود. نحن جميعاً ندرك جيداً العبء الذي يضعه اللاجئون على لبنان، وخصوصاً أولئك الذين قدموا من سوريا المجاورة. كان لبنان ملاذاً للفارين من صراع وحشي في سبيل خدمة الإنسانية. ومنذ البداية، قدم الاتحاد الأوروبي دعماً جوهرياً لكل من اللاجئين والمجتمعات المضيفة. ونحن مستعدون لتقديم المزيد. نحن مستعدون لتقديم المزيد من الدعم للبنان والأردن وتركيا والبلدان التي تستقبل وتهتم بهؤلاء اللاجئين.

ونحن على ثقة من أن السلطات اللبنانية ستواصل احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية. وسنواصل تقديم الدعم للاجئين وللمجتمعات اللبنانية التي تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين. واسمحوا لي أن أؤكد على أن الأزمة الاقتصادية التي يواجهها لبنان هي نتيجة سوء الإدارة، وليست مرتبطة بوجود اللاجئين. ليس من العدل القول إن أزمة لبنان سببها وجود اللاجئين.

هناك أمر آخر يتعلق بموارد لبنان. رغم هجرة الأدمغة الناجمة عن الأزمة، يمتلك لبنان موارد بشرية قيّمة. وهذه الموارد البشرية هي الموارد الأهم ويمكن للبنان الاعتماد عليها. وأنا أتطلع إلى اجتماعي مع العديد من الناشطين وممثلي منظمات المجتمع المدني - ليس فقط السياسيين والمؤسسات - لكي أستمع إلى رأيهم في شأن الوضع الحالي ومناقشة طرق دعم جهودهم.
أعتقد بأن في لبنان مجتمع مدني حيوي، وبفضل هذا المجتمع المدني الحيوي وجميع اللبنانيين الذين يناضلون يومياً من أجل مستقبل بلدهم، أنا على قناعة بأن هناك مخرجاً للأزمة.

اسمحوا لي أن أنهي كلمتي باللغة الفرنسية بالإشارة إلى أمرين مهمين بالنسبة إليّ:
أولاً الانتخابات المرتقبة في عام 2022 يجب أن تُجرى في موعدها المقرر. ويجب عدم تأجيلها، بل أن تُجرى في التاريخ المحدد لها. ونحن مستعدون لإرسال بعثة لمراقبة الانتخابات، بطبيعة الحال إذا تلقينا دعوة في هذا الصدد. فهذا من شأنه أن يساعد العملية الانتخابية كثيراً لضمان سيرها وفق المبادئ الديمقراطية وأن تكون حرة وعادلة.
ويتعين على السلطات اللبنانية إجراء التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في شهر آب الماضي، ويجب أن تفضي هذه التحقيقات إلى نتائج. فبعد نحو عام، ما زلنا ننتظر نتائج التحقيق.
أخيراً، أود أن أشدد على أنني هنا في لبنان كصديق وكممثل لصديق للبنان وشعبه، ألا وهو الاتحاد الأوروبي. والأصدقاء الحقيقيون يسمون الأشياء بأسمائها بأمانة. فإذا كان لبنان جاهزاً لتحمل مسؤوليته، فسيقوم الاتحاد الأوروبي بما عليه. نحن مستعدون حقيقةً لزيادة دعمنا ودعم لبنان. وآمل في أن نتمكن من ذلك.

الأسئلة:

سؤال: هل كان هناك خطة مساعدات إنسانية للشعب اللبناني الذي يعاني؟ هل من مهلة لذلك؟ وهل ستُقدم هذه المساعدات من خلال الدولة، أو المؤسسات، أو المجتمع المدني؟ وبالنسبة إلى العقوبات، هل من الواضح من هي الشخصيات اللبنانية التي ستستهدفها هذه العقوبات؟ وبحسب أي معايير؟
بالنسبة إلى المساعدات الإنسانية، لن أكرر هنا لائحة الموارد التي سبق أن قدمها الاتحاد الأوروبي للبنان. فقد قدمنا نحو مليون يورو في اليوم العام الماضي. وقد زدنا هذه المساعدات وسنكون مستعدين لزيادتها أكثر في حال التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
لا يمكننا إطلاق المساعدات المالية الكلية والمساعدات من الميزانية من دون اتفاق مسبق مع صندوق النقد الدولي. يجب أن يكون هناك اتفاق مع صندوق النقد الدولي. ولا يمكن للحكومة الحالية التوقيع على الاتفاق أو الالتزام بالإصلاحات معه، بل يمكنها إتمام الاستعدادات لذلك، وعليها العمل بشكل يمكّن الحكومة الجديدة من توقيعه. لا يمكن لحكومة تصريف أعمال توقيع الاتفاق وولا يمكنها إلزام الحكومة المقبلة في مسائل أساسية، ولكن يمكنها إتمام التحضيرات بما يسمح للحكومة المقبلة عند تشكيلها بأن تجد المهمة مُعدَّة، فلا تقوم بعمل يمكن إتمامه الآن.
المساعدات من الميزانية هي للميزانية. إنها مساعدات مالية كلية تعني الحكومة. لكننا قدمنا مساعدات ونحن مستعدون لتطوير مساعدات تُقدم مباشرة إلى المجتمع المدني. بعد انفجار مرفأ بيروت، لفتني الناس الذين طلبوا منا تقديم المساعدات مباشرة إلى السكان، وتوفير المساعدات إلى المجتمع المدني مباشرة. وقد بذلنا كل ما في وسعنا لهذه الغاية. احفظوا هذا الرقم جيداً، لقد قدمنا نحو مليون يورو في اليوم العام الماضي. كسماعدات إنسانية من الاتحاد الأوروبي.
بالنسبة إلى العقوبات، العقوبات لا تصنع سياسة، ونحن نتمنى ألا نطبقها، فهي لا تصب في مصلحة علاقاتنا. ولكن المسألة طُرحت ونحن نناقشها ولم نتخذ أي قرار في شأنها بعد. وتأتي هذه الزيارة قبيل انعقاد مجلس الشؤون الخارجية الأوروبية في لوكسمبورغ الاثنين المقبل في إطار الجهود المبذولة لنرى كيف يمكننا المضي قدماً والمساعدة. العقوبات مسألة مطروحة وتتم مناقشتها. لم يُتخذ أي قرار وأتمنى ألا نقررها.

سؤال: لكن هل جئتم لفرض عقوبات على السياسيين اللبنانيين الذين يعرقلون تشكيل الحكومة؟ ومن هم هؤلاء السياسيين؟ لقد التقيتم الرئيس ميشال عون. هل الرئيس عون هو أحد هؤلاء السياسيين الذين يعرقلون تشكيل الحكومة؟
أنا جئت بصفتي صديقاً ولست مدعياً. لم آتي إلى هنا لاتهام أي أحد، بل جئت لأفهم الأمور بشكل أفضل ولأطلع على الوضع ولكي أتحدث إلى الجهات الفاعلة وأعرف ما هي الصعوبات.
والعقوبات عملية تستعرق وقتاً طويلاً وتستلزم معرفة دور كل طرف. إذاً هذه زيارة صديق يريد أن يعرف الصعوبات التي يواجهها لبنان، وفهم المشاكل التي يبدو أنه لا يمكن تجاوزها حتى الآن، ولكي نحاول إيجاد حلول. فلا تعتبروني شخصاً جاء ليوجه اتهامات، بل شخصاً جاء ليعرف بشكل أفضل الوضع والمشكلات والحلول.

سؤال: كيف تصفون سلوك الطبقة السياسية اللبنانية وتالياً الوضع الرهن في لبنان؟
كما قلت في البداية، إنّ جزءاً كبيراً من الأزمة في لبنان هي من صنع اللبنانيين. إنها أزمة...

استطراد: من سبَّب هذه الأزمة؟
بطبيعة الحال، إن تفجير مرفأ بيروت ليس من المسؤولية المباشرة لأي كان. ولكن من الواضح أنها أزمة سياسية تعوق تشكيل حكومة بعد 9 أشهر من التكليف، وهذه مسؤولية تقع على عاتق المسؤولين السياسيين. ليس السبب الأحوال الجوية السيئة، ولا الحرب السورية، ولا الاتحاد الأوروبي. أنها الطبقة السياسية اللبنانية التي تتحمل المسؤولية.

استطراد: أي طرف؟
الطبقة السياسية ككل.

استطراد: من المسؤول؟
الجميع بنسب مختلفة.

سؤال: هل يمكنكم مساعدة لبنان في إعادة اللاجئين إلى سوريا، طالما أنهم يعيشون بصورة عادية ولم يعد هناك حرب؟ كيف يمكنكم مساعدة السوريين في العودة إلى بلدهم؟
أولاً يجب أن نساعد لبنان على إبقاء اللاجئين حيث هم في لبنان. وقد طالبت بتطبيق مبدأ عدم الإعادة القسرية، أي عدم إعادة اللاجئين إلى سوريا غصباً عن إرادتهم. وحتى يتمكن اللاجئون من العودة إلى بلدهم، فيجب أن تكون عودتهم حرة وكريمة. وطالما أن هذه الظروف غير متوفرة في سوريا، فلا يمكننا إعادة اللاجئين إلى بلدهم.

استطراد: ما فائدة العقوبات للشعب اللبناني؟
لكل شيء أوانه. حتى الآن، العقوبات لم تُعتمد. هي على الطاولة ونحن ندرسها. وإذا اعتًمدت، فهي ليست إلا طريقة لتشجيع الطبقة السياسية على إيجاد حلول سياسية يحتاجها لبنان. لكن أشدد على أنني أتمنى أن يتم هذا من دون اللجوء إلى العقوبات.