عظة الراعي في ختام أعمال السينودس

  • شارك هذا الخبر
Saturday, June 19, 2021

ألقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي عظة في قداس ختام أعمال السينودس المقدّس، جاء فيها: "دعا يسوع رسله الإثني عشر، وأعطاهم سلطانًا وأرسلهم" (متى 10: 1 و7).



1. كما أنّنا بالنعمة الإلهيّة بدأنا دورة سينودس أساقفة كنيستنا المقدّس، بالنعمة الإلهيّة نختتمها. ونرجع إلى جذور دعوتنا وسلطاننا ورسالتنا وهي في بداية الإنطلاق عندما "دعا يسوع رسله الإثني عشر، وأعطاهم سلطانًا وأرسلهم" (متى 10: 1 و 7)



2. الرسل هم الذين دعاهم المسيح ليكونوا معه، باختيار حرّ ومجّاني، من دون استحقاق مسبق من أي واحد منهم، وهذه الدعوة تتواصل إلى اليوم وبلغت إلى كلّ واحدٍ منّا. هؤلاء أرسلهم، وأعطاهم سلطانًا لممارسة رسالتهم. الرسالة هي رسالة المسيح التي من أجلها صار إنسانًا وحقّق سرّ الفداء بموته وقيامته. والسلطان هو من الله، لا من البشر. دعوة، وإرسال، وسلطان. ثلاثة من مصدر إلهيّ، مؤتمنة عليها الكنيسة، بأساقفتها وكهنتها ومكرّسيها ومكرّساتها وشعبها. ولا يحقّ لأحد أن يتصرّف بها على هواه، أو أن يجعلها على قياسه، أو أن يخضعها لشروط شخصيّة أو خارجيّة.



3. جعلهم المسيح، وهو الراعي الأبديّ، جسمًا أسقفيًّا ثابتًا ووضع على رأسه بطرس الذي اختاره من بينهم، مسلّمًا إيّاه سلطان الرعاية (راجع يو 21: 15-17)، ليكون المبدأ والأساس الدائم والمنظور لوحدة الإيمان والشركة (راجع دستور عقائديّ في الكنيسة 18). إنّ بطرس والرسل وخلفاءهم يمارسون سلطتهم ويؤدّون رسالتهم باسم المسيح وبشخصه: "كما أرسلني أبي أرسلكم أنا أيضًا ... وأنا معكم إلى نهاية العالم" (يو 20: 21؛ متى 28: 20).



4. نظّم الرسل الكنيسة بشكلً تراتبيّ، عملًا بتعليم المسيح، ووفقًا لإيحاءات الروح القدس. واعتنوا باختيار خلفاء لهم، بدءًا بمتّيا الذي اختاروه بالقرعة والصلاة خلفًا ليهوذا الإسخريوطيّ (راجع أعمال 1: 21-26) وصولًا إلينا. واختاروا أيضًا معاونين كثر لهم في الخدمة بينهم كهنة ومؤمنون علمانيّون من رجال ونساء.
وذلك إدراكًا منهم أنّ الرسالة الموكولة إليهم تقتضي أن تتواصل بعد موتهم، فتركوا بمثابة وصيّة لمعاونيهم مهمّة استكمال العمل الذي بدأوه وتوطيده، موصين إيّاهم "برعاية القطيع كلّه الذي أقامهم عليه الروح القدس ليرعوا كنيسة الله" (راجع أعمال 20: 28). وهكذا اختاروا من بين معاونيهم من يخلفهم، ووضعوا تدابير لكي يختار هؤلاء خلفاء لهم ليواصلوا الرسالة من بعدهم. وهكذا استمرّ هذا التقليد الرسولي حتى يومنا (راجع الدستور العقائدي في الكنيسة، 20).



5. أمّا رسالتهم فمناداة: "قد اقترب ملكوت الله"

ملكوت السماوات هو كنيسة المسيح التي هي زرعه في الأرض وبدايته، لكونها شركة الاتّحاد بالله والوحدة بين البشر. هذا هو مفهوم ملكوت المسيح وملكوت الله. وفيما تنمو الكنيسة-الملكوت رويدًا رويدًا على الأرض، فإنّها تتوق إلى الملكوت الكامل، وتسعى بشوق وبكلّ قواها إلى أن تتّحد بملكها في المجد (الدستور العقائديّ في الكنيسة، 5). إنّه ملكوت الحقيقة والمحبّة والحريّة والقداسة والعدالة والسلام، الذي ننشره على كلّ الأرض لمجد الله الآب.
لا تقتصر هذه الرسالة على الشأن الكنسيّ، الروحيّ والراعويّ. بل تشمل أيضًا القطاع الإجتماعيّ في كلّ ما يتعلّق بالإنماء المتوازن، والتضامن على مبدأ "مسؤوليّة الجميع عن الجميع"، والترابط بين أعضاء المجتمع من أجل التعاون والتكامل؛ والقطاع الإقتصاديّ في ما يتعلّق بإتاحة فرص العمل للجميع، وتعزيز حقوق العمّال والأجور اللائقة والكافية لتحقيق الذات وإنشاء عائلة، وتحفيز القدرات الشخصيّة، وإعطاء تسهيلات للقطاع الخاصّ والإنتاج المحلّي في مختلف القطاعات الزراعيّة والصناعيّة والسياحيّة والخدماتيّة؛ والقطاع السياسيّ في ما يختصّ بالخير العام والعدالة والسلام. هذه الرسالة نحملها بايدينا مع كهنتنا وشعبنا وذوي الارادات الطبية، اجل رسالة لبناء ملكوت الله، يبدأ على ارضنا ويكتمل في السماء.



6. فلنعد، أيّها الإخوة الأجلّاء إلى أبرشيّاتنا حاملين الطاقة الروحيّة التي نلناها في رياضتنا الروحيّة، وتلك الراعويّة والإجتماعيّة والكنسيّة التي وفّرتها لنا أعمال السينودس المقدّس. ولنشدّد الرجاء في نفوس أبناء أبرشيّاتنا وبناتها، تمجيدًا للثالوث القدّوس الآب والإبن والروح القدس. آمين".