خاص - مشروع "الحزب" سيسقط التحالف الشيعي... بعد مرحلة برّي! - علي الأحمد

  • شارك هذا الخبر
Monday, June 14, 2021

خاص - الكلمة أونلاين

علي الأحمد

كثيرة هي القضايا التي يختلف حولها حزب الله وحركة أمل، بعضها يتعلق بـ الملفات السياسية الداخلية ومنها ما يخص المواقف من القضايا الإقليمية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، لا سيما أن حزب الله بات لاعبًا أساسيًا في المعادلات الإقليمية خصوصًا بعد اعادةً إنتخاب الرئيس السوري بشار الأسد لولاية رئاسية جديدة، وهذا ما يشكل إنتصارًا لحزب الله على المستويين الداخلي والخارجي.

رغم سعي قيادتي حزب الله وحركة أمل الدائم لضبط الخلاف السياسي والشعبي عبر عدة إجتماعات رفيعة المستوى، إلا أن التباين بين الثنائي الشيعي بات واضحًا وقد يخرج عن السيطرة في عدة إستحققات سياسية قادمة أبرزها الإنتخابات الرئاسية عام 2022، خصوصاً إذا تمكن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من إقناع حزب الله بأنه المرشح الأنسب لمشروعه، في حين أن رئيس مجلس النواب الرىييس نبيه بري لن يقبل وصول جبران إلى سدة الرئاسة ويفضّل عليه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.

لا نبالغ حين نقول أن الإختلاف بين الحزب وأمل يتخطى مسألة تشكيل حكومة أو موقف معين من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أو حتى تحديد سياسية موحدة من الأحزاب والقوى السياسية الأخرى، فالخلاف الحقيقي يكمن في السيطرة والإحكام على الطائفة الشيعية سياسيًا ودينيًا.

يعلم مطلعون على اهداف حزب الله أن مشروعه عقائدي بحت، يتعلق بولاية الفقيه ممثلة بمرشد الجمهورية الإيرانية السيد علي خامنئي الذي يريد وضع كل الطائفة الشيعية تحت عباءته، خصوصاً أن مناصري أمل وهم ثلث الشيعة في لبنان يتبعون المرجع السيد علي السيستاني في العراق، ومن المعروف أن الإختلاف العقائدي بين المرجعين كبير إلى درجة تحريم السيستاني خوض الشيعة الحرب السورية إلى جانب الرئيس بشار الأسد، الأمر الذي أفتاه خامنئي وأدى إلى سقوط آلاف الضحايا الشيعة في الحرب السورية منذ إندلاعها عام 2011.

أبرز ما يجعل حزب الله غير مجاهرًا بنواياه ومشروعه "الشيعي"، هو رئيس حركة أمل نبيه برّي الذي يتمتع بشعبية واسعة وحنكة سياسية تجعله بمأمن عن أي مشروع إلغائي، لذلك يتطلع قياديو الحزب إلى مرحلة ما بعد نبيه برّي، وأولى المعارك الشيعية - الشيعية ستكون على كرسي رئاسة مجلس النواب التي تسيطر عليها حركة أمل منذ الطائف حتى يومنا هذا، وبحسب المعطيات فإن السيد خامنئي يريد هذا المنصب لحزب الله، لما يُشكله من أهمية سياسية في لبنان وخارجه، كما يعطي حزب الله شرعية دولية في حال كان رئيس مجلس النواب من حصة الحزب.

المعطيات تفيد بأن هذه المعركة قد تنحصر بين مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم والمعاون السياسي للرئيس برّي النائب علي حسن خليل والنائب جميل السيد، ووفق الأجواء الراهنة فإن خليل سيكون مرشح حركة أمل الرسمي لمنصب رئاسة مجلس النواب ، أما اللواء السيد فقد يكون القنبلة التي تُفجّر الوضع في ظل رغبة بشار الأسد بأن يكون السيد هو خليفة برّي، وأن يفرضه على حزب الله كما فرضه عام 2018 في الإنتخابات النيابية، ومن المعروف أن جميل السيد دخل الحياة البرلمانية بأصوات مناصري حزب الله لكنه لا يمثل الحزب ولا يعبر عن مواقفه ولا يحضر إجتماعات كتلته النيابية وهذا ما يظهر السيد كمرشح سوريا لرئاسة مجلس النواب، الأمر الذي ترفضه أمل بشكلٍ قاطع نتيجة الخلاف الحاد بين برّي والسيد، وإصرار الأخير على إنتقاد أداء وزراء أمل عند كل مناسبة، في حين يجب عدم اغفال معادلة حضور مدير الامن العام اللواء عباس ابراهيم في اكثر من معادلة، ولا سيما ان لديه شبكة علاقات دولية تصرف لا يمكن اغفالها وهي مصدر قوة على اصعدة متعددة ولا سيما موقع الطاىفة الشيعية تجاه الخارج ...
هذا ويتحدث سياسي شيعي مخضرم ، عن إنشققات ستحدث في صفوف أمل بعد الرئيس برّي، وأن حزب الله سيُغري عدة شخصيات بارزة في الحركة لإقناعهم بالإنضمام إلى الحزب، علمًا أن مشروع الحزب طويل الأمد ومنظم، وهذا ما قد يدفع عدة شخصيات شيعية للإنضمام إلى قافلة حزب الله بحثًا عن منصب سياسي أو حزبي بارز أو لحماية أنفسهم من تداعيات أي معركة سياسية وشعبية قد تحصل بين الحزب والحركة، على غرار ما حصل في الثمانينات عندما تمكن الحزب من هزيمة أمل في ضاحية بيروت الجنوبية، ما دفع المئات من عناصر أمل إلى الإلتحاق بالحزب.

ما يعزز فرضية إنكسار الجرة بين الحليفين هو وجود شخصيات متطرفة حزبيًا إلى جانب برّي، وفي مقدمهم المستشار الأمني لـ برّي أحمد بعلبكي، الذي يصرّ في عدة مناسبات على عدم الخضوع لرغبات الحزب، وعلى سبيل المثال عند حصول اي إشكال بين مناصري أمل وحزب الله يرفض بعلبكي إنهاء الإشكال على حساب عناصر أمل، ويطلب من برّي إتخاذ موقف حاسم كي لا تنكسر "هيبة" الحركة في المناطق ذات التنوع الحزبي كبعض قرى الجنوب والضاحية، لذلك فإن شخصية بعلبكي وسواه من المقربين للرئيس برّي تؤكد أن مشروع حزب الله لن يمر بسلام، لأن المقربين يدركون أهمية أن تحافظ الحركة على قاعدتها الشعبية وخياراتها السياسية.

والجدير ذكره، أن قيادة الحزب تعمد دائمًا إلى مخاطبة قاعدتها الشعبية بأسلوب تُحمّل عبره أمل مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية في البلاد، بذريعة أن برّي هو من يتحكم بمفاصل الدولة عكس حزب الله المنشغل بالمعارك الحربية إن كان في سوريا واليمن والعراق أو في الجنوب على الحدود مع إسرائيل، ويروج الحزب أيضًا فكرة أن التحالف بينه وبين حركة أمل هدفه حماية الدم الشيعي، وأن الحزب يتساهل في الكثير من الملفات الداخلية مع أمل كي لا يسقط التحالف بينهما، لذلك يتقصد الحزب الإشارة دائمًا إلى أنه يوكل الرئيس برّي في كل تفاصيل الداخل من توظيفات إدارية ومحاصصات وزارية، وهذا ما يستغله الحزب لـ يبرأ نفسه من تهم الفساد التي تصوب غالبًا على أمل.

الأيام القادمة ستشهد عدة إختلافات عميقة بين الثنائي الشيعي، والمشروع الذي يخفيه حزب الله اليوم ستكشفه التطورات السياسية في المستقبل، على أمل أن لا نعود إلى حقبة سقوط الدماء والإغتيالات وحرب الشوارع، لكن ما حصل في سوريا وما يشهده العراق واليمن خير دليل أن مشروع ولاية الفقيه سيتوسع ولن تلجمه دماء ولا تحالفات وتسويات يدفع اللبنانيون ثمنها دائمًا.