خاص- "هيدي مش حياة نحن عايشين من قلّة الموت"- عبير بركات

  • شارك هذا الخبر
Saturday, June 12, 2021

خاص- الكلمة أون لاين

عبير عبيد بركات

بينما ينعم السياسيون بالهدوء وراحة البال في اجتماعاتهم لتأليف الحكومة وهم يكسبون المزيد من الوقت لعرقلة التأليف للحفاظ على مكاسبهم السياسية والطائفية، يدور الشعب على الطرقات باحثاً عن مستلزمات بقائه على قيد الحياة، ويُذَلّ أمام محطات البنزين والصيدليات والمستشفيات.

الدولار قارب 15000 ليرة. مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت شيّدت سياجاً حديدياً ضخماً على مداخلها تحسباً لأي موجات عنف قد تشهدها المستشفيات نتيجة إغلاق ابوابها في وجه المرضى. بعض الصيدليات لجأت إلى التوقف القسري عن العمل وأقفلت أبوابها بعدما فرغت رفوفها من الأدوية. بدأت تلوح في الأفق ازمة فقدان الطحين بعدما أشار رئيس الإتحاد العمالي العام الى ان وزارة الاقتصاد بصدد اتخاذ خطوة خطيرة وهي ايقاف دعم منتجات القمح لتضاف الى معاناة المواطنين في ظل وضع اقتصادي ومعيشي متدهور وغير مسبوق.

أما التجار، فهم أسوأ من السياسيين ويشكلون مافيا تفتك بصحة الناس وأرواحهم، فبعضهم أخفى مستلزمات غسيل الكلى والمغروسات الطبية والكواشف المخبرية في المستودعات وهي بضاعة مدعومة تكفي حاجة السوق اللبناني لمدة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر على الأقل بينما الناس يموتون على أبواب المستشفيات .

الشعب اللبناني قَبِل الخضوع للإذلال اليومي على كل المستويات الحياتية لأنه مخدّر كلياً ويئس من محاولة الإطاحة بالمسؤولين ومحاسبتهم، فهل يُلام؟ أي محاسبة يمكن أن تحصل بعد مرور 10 أشهر على إنفجار المرفأ فيما لم يتوقّف أي زعيم؟

منذ مدة كان القطاع الصحي قد أطلق صرخات عدة للتحذير مما ستؤول اليه الأمور، ولكن فقط المواطن هو مَن يدفع الثمن دوماً، كما حصل مع والدي الطفلة ميلا التي تبلغ من العمر 4 سنوات، واللذين لم يتركا مستشفى إلا واتصلوا بها، ليصطدموا بجواب واحد "لا سرير لدينا"، فما ذنب هذه الطفلة البريئة؟

هل من يُعيدها إلى الحياة؟ هل توقظ وفاة ميلا الطفلة ضمائر المسؤولين والعاملين في القطاع الصحي؟


لم يعد الكلام يفيد. لم تعد المقالات تفيد. نحن نعيش من قلّة الموت. الخوف يخيّم على قلوبنا. نخاف أن نمرض. لا نستطيع إطعام أطفالنا. سنعود إلى سهرات الشموع. لم نعد نطمح ولم نعد نحلم.

Abir Obeid Barakat