لؤي ضاهر غندور- تعديل إحداثيات الحدود البحرية لا يحتاج أساساً لمرسوم والكرة في ملعب دياب

  • شارك هذا الخبر
Saturday, April 17, 2021

كتب المحامي لؤي ضاهر غندور

تحت تأثير الضغط الشعبي والإعلامي وقّع وزير الأشغال العامة مرسوم تعديل المرسوم 6433 وأحاله إلى السراي الحكومي مذيّلاً بعبارة "لعرضه على مقام مجلس الوزراء"، الأمر الذي دفع رئيس الحكومة لرمي الكرة على الفور إلى دوائر القصر الجمهوري التي سارعت بدورها إلى الإعلان عن رد المرسوم إلى حيث أتى متذرعةً برأي هيئة التشريع والإستشارات القاضي بوجوب مراعاة مبدأ توازي الصيغ الذي يحتم تعديل المرسوم المتخذ في مجلس الوزاء بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء.
ومبدأ توازي الصيغ هو المبدأ العام الواجب التطبيق عند تعديل أي مرسوم إلا في الحالات التي ينص فيها المرسوم على آلية خاصة لتعديله أو تعديل بعض مرفقاته.
وبقراءة هادئة للمرسوم 6433 يتبين أن مواده كافة قد صدرت بناءً لموافقة مجلس الوزراء تاريخ 19/9/2011، ويتبين أن المادة الثالثة منه، المشمولة بدورها بموافقة مجلس الوزراء، تنص على ما حرفيته: "يمكن مراجعة حدود المنطقة الإقتصادية وتحسينها وبالتالي تعديل لوائح إحداثياتها عند توافر بيانات أكثر دقة ووفقاً للحاجة في ضوء المفاوضات مع دول الجوار المعنية"، ويتبين كذلك أن المادة الرابعة منه تنص على أنه: "يكلف رئيس الحكومة او من يفوضه باتخاذ الإجراءات اللازمة لإبلاغ كافة الجهات المعنية لاسيما منها الدوائر المختصة في الأمم المتحدة". ويمكن الجزم بالتالي أن مجلس الوزراء كان في العام 2011 قد وافق مسبقاً على تعديل الإحداثيات وإبلاغها إلى الجهات الدولية، دون تعديل المرسوم برمته، عند توافر بيانات أكثر دقة ومن شأنها تحسين الحدود لمصلحة لبنان، مع تفويض رئيس الحكومة بإبلاغ كافة الجهات المعنية ودوائر الأمم المتحدة، وبالتالي فإن الأخذ بالإحداثيات الجديدة للجيش وبإحداثيات المكتب الهيدروغرافي البريطاني لا يستوجب تعديل المرسوم 6433 ولا يستدعي كل هذا الجدل السفسطائي لناحية وجوب أو عدم وجوب عقد جلسة لمجلس الوزراء، بحيث يمكن لرئيس مجلس الوزراء، وبكل بساطة، تكليف مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة بإبلاغ الأمم المتحدة بالإحداثيات الجديدة وباعتماد لبنان للخط 29 بدلاً من الخط 23، لاسيما أن المؤسسات الدولية غير معنية بالأصول القانونية والدستورية الداخلية للدول الأعضاء، وهي في جميع الأحوال تعتمد على المذكرات التي يقدمها لها مندوبو هذه الدول، ولاسيما أيضاً أن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لا تفرض شكلاً محدداً لتبلغّ موقف الدول في ما يتعلق بحدود المناطق الإقتصادية الخالصة.
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد صدور المرسوم 6433 في العام 2011، لم يقم مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة بإبلاغ المنظمة الدولية نسخة عن هذا المرسوم بل أبلغها مذكرة صادرة عن مكتبه تتضمن الإحداثيات الحدودية، وبالتالي لو بقي البعض مصرّاً على التمسك بمبدأ توازي الأصول فإنه من الأجدر تطبيق هذا المبدأ على الصيغة التي تم اعتمادها لإبلاغ الأمم المتحدة بالإحداثيات اللبنانية في العام 2011 وبالتالي ابلاغ المنظمة نسخة عن الإحداثيات الجديدة بذات الطريقة.
الكرة الآن إذاً في ملعبك يا دولة الرئيس دياب.. فاتّخذ موقفاً وطنياً يسجله لك التاريخ واستند إلى المادة الرابعة من المرسوم 6433 وقم بتكليف مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة بإبلاغ المنظمة الدولية نسخة عن الإحداثيات الجديدة، وإذا لم يقنعك هذا الرأي الدستوري فَقُم على الأقل بإجراءٍ إحتياطي يحفظ حقوق الأجيال القادمة من خلال إرسال رسالة بسيطة إلى الأمم المتحدة، مباشرةً أو من خلال وزارة الخارجية، لإبلاغها بأن لبنان قد بدأ مرحلة جديدة من المفاوضات مع دول الجوار حول حدوده البحرية الجنوبية وبأنه يتمسك في هذه المفاوضات بالخط 29 وبأنه يرغب بتزويد المنظمة بالإحداثيات العائدة له. فهذه الرسالة يا دولة الرئيسة كفيلة بتحويل المنطقة الممتدة بين الخط 1 والخط 29 إلى منطقة متنازع عليها.