"عميل" الحزب وخديعة مكتب التحقيقات الفيدرالي

  • شارك هذا الخبر
Thursday, April 15, 2021

تعود قضية المواطن اللبناني-الأميركي علي كوراني، إلى الواجهة بعد أن حكم عليه قاض اتّحادي في ولاية نيويورك الأميركية في أيّار 2020، إثر محاكمة استمرّت ثمانية أيّام، بالسجن 40 عاماً، البالغ من العمر 35 عاماً، عقب إدانته بثماني تُهم موجّهة ضدّه، بينها المشاركة في مؤامرة بهدف حيازة أسلحة لارتكاب جريمة، والتورّط في التحضير لاعتداءات لمصلحة حزب الله في نيويورك انتقاماً لاغتيال عماد مغنية، بعد أن أمضى سبع سنوات عميلاً نائماً لحزب الله من دون أن يُكلَّف بأي مهمات تنفيذية.

فاليوم تشهد نيويورك جلسات محكمة استئنافية في محاولة من كوراني لنقض الحكم.

عقوبة قاسية
كوراني الذي دُرِّب وفقاً لاعترافاته السابقة، على صنع المتفجرات، واستخدام الأسلحة الخفيفة، وإجراء الاتصالات، وبأنه عضو فاعل في "منظمة الأمن الخارجي لحزب الله" المعروفة أيضاً باسم منظمة الجهاد الإسلامي أو "الوحدة 910"، وهي وحدة العمليات الخارجية للحزب، يقاتل اليوم لإلغاء عقوبته البالغة 40 عاماً، قائلاً إن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي قادوه إلى الاعتقاد بأن المعلومات التي قدمها ستساهم في تأمين حصانته من الملاحقة القضائية.

ويضيف كوراني أن قائمة أهداف الاستطلاع التي كشف عنها لمكتب التحقيقات الفيدرالي على مدار خمس مقابلات، وتضمَّنَت المبنى الفيدرالي في مانهاتن حيث يوجد مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي ومقر جهاز الخدمة السرية في بروكلين، ومطار جون كينيدي الدولي. كان من المفترض بموجب الاتفاق مع العملاء الفيدراليين أن "تبقى سرية"، ليُصدم بعدها باستخدام المعلومات لإدانته بثمانية تهم متعلقة بالإرهاب.

ونُظمت جلسات محاكمة كوراني في محكمة فيدرالية في مانهاتن. وفي 16 أيّار 2019، أصدرت هيئة محلفين في نيويورك أحكاماً على جميع التهم الموجهة ضد كوراني، بما في ذلك تهمة مراقبة مقرّات مكتب التحقيقات الفيدرالي، والحرس الوطني التابع للجيش الأميركي، ومكاتب الاستخبارات السرية، ومخزن سلاح في نيويورك. وشملت الأدلة في المحاكمة بيانات استخرجت من كمبيوتر كوراني المحمول، وبريده الإلكتروني ومحادثاته على موقع "فيسبوك"، إضافةً إلى مواد صودرت من شقته.

تعرض للخديعة!
في المرافعات الشفوية الأخيرة أمام لجنة الاستئناف المكونة من ثلاثة قضاة، بتاريخ 13 نيسان 2021، ادعى محامي الدفاع عن علي كوراني، جيمس توماو، أن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي خدعوا موكله لتجريم نفسه. كاشفاً أن مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يشر قط أن موكله يواجه محاكمة.

وعندما أشار كوراني ومحاميه إلى اتفاق السرية اللذان اعتقدا أنه ساري المفعول، لم ينكر العملاء وجود مثل هذا الاتفاق. لذا، يقول توماو "لقد انخرطوا في نوعٍ من الخداع لا ينبغي لهذه المحكمة أن توافق عليه".

وأضاف توماو أن قاضي المحكمة الجزئية الأميركية ألفين هيلرشتاين، أخطأ في إصدار الحكم بحق كوراني، وذلك يرجع لإخفاقه في النظر في التفاوت بين حكم كوراني بالسجن لمدة أربعة عقود والأحكام الصادرة بحق متهمين آخرين أُدينوا بتقديم دعم مادي لأحد الإرهابيين المصنفين.

الادعاء يرد
وعلى الضفة المقابلة، جادل ممثلو الادعاء بأن الحكم الطويل على كوراني الهدف منه توجيه رسالة للآخرين، أو لأي شخصٍ تسول له نفسه العبث بأمن الولايات المتحدة. إذ قال مساعد المدعي العام الأميركي، إميل ج. بوف، أن كوراني هو بالفعل أول عضو في حزب الله يحاكم ويدان في الولايات المتحدة. مشيراً في الآن عينه أن مستوى التعقيد الذي أدخله كوراني "يميزه عن أي متهم تقريباً" خضع للمحاكمة أمام أي محكمة أميركية أخرى.

واستناداً إلى المقابلات مع مكتب التحقيقات الفيدرالي والاستجواب الذي خضع له كوراني من قبل أحد عملاء وكالة المخابرات المركزية الأميركية، قال بوف "هذا رجل دربه حزب الله على تكتيكات الاستجواب المضاد".

وتابع بوف بالقول إن أي حديث عن السرية هو بالتأكيد لم يكن وعداً بالحصانة، ولن يقيد قدرتهم على استخدام البيانات بطرق معينة. مضيفاً أن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يكن لديهم في نهاية المطاف سلطة منح كوراني أي حصانة.

لا ضحايا فعليين
بعد مرافعة الادعاء، أرادت قاضية محكمة الاستئناف للدائرة الثانية، روزماري س. بولر، الاستفسار من مساعد المدعي العام الأميركي إميل ج. بوف، عمّا إذا كان هناك أي ضرر مباشر تسبب به كوراني لشخص أو حكومة. وتوجهت له طارحةً السؤالين الآتيين: "من هي الضحية المحتملة؟". "هل تخبرني أنه لم يكن هناك ضحية فعلية لهذه الجريمة، وأن السيد كوراني سيقضي أكثر من 40 عاماً في السجن تبعاً لذلك؟"

وعلى الرغم من عدم تعرض أي شخص للأذى في ملف القضية، عبّر بوف عن اعتقاده بأن الضحايا "حقيقيون للغاية". ومضى يقول بأن كوراني ربما كان يراقب، "بطريقة منسقة واستراتيجية"، أهدافاً محتملة لهجمات.

أثناء مشاركته في جلسة الاستماع عن بُعد من مكتبه، أخبر بوف قاعة المحكمة أنه من خلال مراقبة المبنى الفيدرالي في 26 فيدرال بلازا بمانهاتن، وهو مبنى يضم العديد من الوكالات الحكومية الفيدرالية، كان من الممكن لكوراني أن يستكشف معلومات عن مواقع تمركز أفراد الأمن، والمخارج، وما يرتديه الضباط. معتبراً بعد سؤالٍ وجهته له قاضية محكمة الاستئناف عمّا إذا كان يتكهن، بأن "نتائج" عدم تحركهم وإدانته لاحقاً كانت ستكون هائلة ومأساوية للغاية.

حجج صلبة؟
وسرعان ما عبّر محامي كوراني في مقابلات عبر الهاتف مع وسائل إعلام أميركية، بعد انتهاء المرافعات الشفوية، عن اعتقاده بأن الحجج التي قدمها أمام محكمة الاستئناف كانت صلبة وأن كل شيء يسير على ما يرام.

واستطرد بالقول "الدليل واضح: لم يصب أحد بأذى، ولم تكن هناك خطط فعلية لأي نوع من النشاط الإرهابي، ولم يتم شراء أسلحة في نيويورك أو الولايات المتحدة. الحكومة كانت تتصرف وكأن هذا الرجل كان على وشك مهاجمة المبنى الفيدرالي في 26 فيدرال بلازا".

ودعا توماو إلى إعادة النظر بقضية كوراني لأن الدليل الوحيد في القضية كان التصريحات التي أدلى بها موكله. في حين كان هناك دعم ضعيف للغاية وغير موجود تقريباً لما قاله من جانب المحققين.

وتابع "إنهم معجبون جداً بأنفسهم كون هذه القضية تُعتبر واحدة من أولى الاعترافات التي بحوزتهم لعنصرٍ في حزب الله. هناك عشرات القضايا المماثلة الأخرى حيث كانت الأحكام تتراوح بين 10 و15 سنة".


سامي خليفة- المدن