خاص- حياد بكركي الناشط مقابل الرهان على تسوية اميركية ايرانية- المحامي فؤاد الأسمر

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, March 2, 2021



مما لا شك فيه ان الثمن الذي يدفعه اللبنانيون اليوم من الجوع والقهر والانهيار التام على مختلف الصعد، يعود بشكل اساسي الى الكباش الاميركي الايراني والذي ادى الى فرض الادارة الاميركية حصاراً خانقاً على لبنان، هذا الحصار المتمثل بعزل لبنان تماماً عن العالم وقطع مختلف الموارد عنه، ناهيك عن دور العصابات المتحكمة بالسلطة، المختبئة بعباءة حقوق الطائفة، التي نهبت المال العام واستولت على مقدرات الدولة والمصارف، فكان ان وصلنا الى ما وصلنا اليه.
ان الكباش الاميركي الايراني يأتي بعد هدنة غير معلنة ونتيجة حتمية لتنامي دور ونفوذ ايران عامة وحزب الله خاصة واستئثاره بالقرار الاستراتيجي اللبناني وتطوير ترسانته العسكرية وتحكمه بمفاصل القرار السياسي والامني في لبنان، هذا البلد الذي يطمح للانضمام الى نادي الدول النفطية مما سيعزز تلقائياً قدرات حزب الله بمواجهة اسرائيل، الامر المرفوض تماماً اميركياً واسرائيلياً، وقد تُرجِمَ هذا الرفض بالنتيجة الكارثية التي تشهدها الساحة اللبنانية اليوم.
وما يزيد من حدة الخناق سقوط تحالف ١٤ آذار الذي شكل، لفترة من الزمن، نافذة على العالمين العربي والغربي بمواجهة المحور الايراني الشرقي، والذي كان من الممكن، فيما لو بقي هذا التحالف قائماً، التخفيف من سطوة الحصار.
ازاء احادية محور الممانعة وهيمنته على القرار الداخلي، وبفعل الحصار الخانق الذي استجره على لبنان، خطا البطريرك الراعي خطوته المنادية بالدعوة الى مؤتمر دولي يكرس حياد لبنان الايجابي الناشط.
من الواضح ان خطوة الراعي ذات دوافع وطنية انسانية نبيلة ترمي الى تحرير وفك اسر البلد والشعب من وطأة هذا الكباش، ومن الطبيعي ان تحصد هذه المبادرة تأييداً شعبياً واسعاً، وتلتف حوله القوى السيادية المؤيدة لطرحه.
وبالتالي بتنا امام ثنائية جديدة في التوجه، بين فريق يراهن على مصالحة اميركية ايرانية تفضي الى رفع الحصار الاميركي وعودة محور الممانعة الى الامساك شرعياً من جديد بلبنان، كاستعادة للسيناريو السابق الذي كرس دور ونفوذ سوريا في لبنان منذ العام ١٩٩٠ ولغاية العام ٢٠٠٥ ، وهذا ما عبر عنه رموز من اتباع هذا المحور، وذلك بمقابل فريق يدعو الى يقظة العالم الحر وانقاذ لبنان من قبضة محور الممانعة.
على ان خطوة البطريرك الراعي تبقى غير قادرة على تحقيق اهدافها ما لم تُستكمل بخطوات على محاور ثلاثة رئيسة وهي (١) حشد اكبر تأييد ودعم شعبي ووطني لهذا المشروع (٢) بلورة وتطوير الرؤية وخطة عمل واضحة تحقق الهدف و (٣) السعي الحثيث مع عواصم القرار لتبني هذا المشروع وفرضه بنداً أساس للحل وايجاد آلية لتطبيقه وتنفيذه او على الاقل لخلق مكان وحيّز مهمين لهذا المشروع في اية تسوية مرتقبة للأزمة اللبنانية.
مع العلم بأن الواقعية السياسية تقودنا، على ضوء التجارب السابقة، الى الاعتقاد بأنانية المصالح الدولية وتقدمها في سلم الاولويات على القيّم الانسانية وحتى الاخلاقية.