العميد مارون توفيق خريش- لبنان بلد الخيانة العظمى والفرص الضائعة

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, February 24, 2021

كتب المدير السابق للشؤون الجغرافية العميد مارون توفيق خريش:

تنص المادة الثانية من الدستور على عدم جواز التخلي عن أي قسم من اقسام الاراضي اللبنانية أو التنازل عنه.
أن ما عرضه الوفد اللبناني المفاوض لترسيم الحدود البحرية يستند إلى القوانين الدولية ولاسيَّما قانون البحار.
وان المرسوم رقم ٦٤٣٣ الصادر عن مجلس الوزراء عام ٢٠١١ ان دل على شي فإنما يدل على أن رجال السلطة في لبنان لا يهمهم سيادة البلد على أرضها أو سمائها أو بحرها ولا يكترثون لثروات البلد ومستقبل ابنائه. وجل ما يطلبون هي المكاسب المادية الشخصية والبقاء في السلطة.
فلماذا يتصدى احد السياسيين لطرح الوفد المفاوض وينعت خط الحدود البحرية الرقم 29 ب"الخط الايراني".

الخط المرسوم من قبل الجيش اللبناني يستند إلى الحسابات القانونية والعلمية. ولا يتوخى الجيش منه سوى حصول الدولة اللبنانية على حقوقها الشرعية، ويتيح للبنان التفاوض للحصول على مساحة اضافية قدرها 1430 كلم٢ بدل مساحة 860 كلم٢.

المفاوضات مهمة لمستقبل لبنان. والتلكؤ في دعم حجة الوفد المفاوض من خلال اهمال تعديل المرسوم 6433 يعتبر جريمة لا بل خيانة بحق لبنان، وتضييعاً لحقوقه في النفط والغاز المادتين اللتين يعوّل عليهما اللبنانيون لحل ازمتهم الاقتصادية.
لقد وضع الوفد المفاوض اللبناني اطاراً متيناً للمفاوضات وتسلح بنقاط اتفاقية الهدنة المستندة إلى خط بوليه نيوكمب الموافق عليه في مؤتمر باريس عام 1923 منطلقاً من النقطة رقم 29 في رأس الناقورة.
ما ينقص اطار التفاوض هو التشريع المحلي وذلك بتعديل المرسوم 6433 الذي بدونه سيبدو موقف الوفد متناقضاً مع موقف السلطة السياسية حتى مع من يدعي من أعضائها المحافظة على سيادة لبنان وثرواته.
فهل يجوز التذرع بعدم جواز إصدار المرسوم من حكومة مستقيلة تُصرّف الاعمال؟ وإذا كان الموضوع كذلك فألا يجب أن تعلو المصلحة اللبنانية هذه المرة على المصالح الخاصة وعلى حصص الطوائف والكتل النيابية في تشكيل الحكومة البارحة قبل اليوم لإصدار المرسوم المذكور؟

لم يكن موضوع الحدود اللبنانية موضع إجماع وطني منذ اعلان دولة لبنان الكبير. فلم يكن سكان الوطن الجديد بحدوده المعلنة من قبل الجنرال غورو قد كوّنوا "شعب وطن" له نفس التطلعات والآمال فكانت لبعضهم تحفظات اساسية على الإنتماء للبنان فلم يعمدوا في أول عهد الاستقلال إلى ترسيم الحدود.
وكان موضوع الترسيم يخلق دائماً أزمة سياسية داخلية تمتد في معظم الأحيان إلى ما وراء الحدود. ومن أشد الازمات التي نشأت أزمة مزارع شبعا بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان عام 2000 فالمزارع لبنانية وبصفتي مديراً للشؤون الجغرافية قمت عام 2006 بجمع هذه الوثائق ووضعتها بتصرف لجنة مشكّلة على أعلى مستوى برئاسة رئيس مجلس الوزراء. الا ان لبنان لم يتقدم بهذه الوثائق للمراجع المختصة في الأمم المتحدة بعد حرب عام 2006 على لبنان. وذلك على خلفية حق المقاومة في الوجود. فظنَّ اهل الحكم يومها ان إثبات لبنانية المزارع يعني انها اراضي لبنانية محتلة. وذلك يعطي الحق لحزب الله بالمقاومة. ويصبح لزاماً على الحكومة معاملته على هذا الأساس ويكون له الحق بحمل السلاح لتحريرها. فماذا كانت النتيجة؟ بقيت المزارع محتلة وخسرها لبنان وتضاعف سلاح المقاومة الإسلامية في لبنان وأصبح لاعباً اقليمياً.
فهل يخسر لبنان مرة أخرى معركة حدوده البحرية لان الحكومة اللبنانية تقاعست عن تقديم الوثائق الرسمية؟ وما هي الخيانة العظمى الا ذلك؟
إقامت الدولة المحتلة محطات تزلج على سفوح جبل الشيخ اللبناني المحتل وفرضت امراً واقعاً. واليوم تبدأ بفرض امر واقع جديد من خلال البدء بالعمل على ما يسمى بئر كاريش الممتد إلى المساحة الواقعة في المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية.