خاص- وقاحة وفجور في عز الانهيار... بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, January 26, 2021

خاص- الكلمة أون لاين

بولا أسطيح


ظن كثيرون ان انتفاضة ١٧ تشرين ٢٠١٩ اتت لتشكل طوق النجاة للبلد من مسؤولين مارسوا كل شيء بحقه الا التعاطي بمسؤولية مع شؤونه. اعتقدوا لأشهر ان القوى التي تعاقبت على الحكم منذ تسعينيات القرن الماضي ستحاكم وان المسؤولين المباشرين عن سرقة اموال الناس سيمثلون امامهم في الشارع باطار "محاكم شعبية" تصدر الاحكام بحق من سطا على جنى عمر اللبنانيين. مرت الاشهر ومن ثم مرت سنة وتلاشى زخم الانتفاضة ولم نشهد ولو محاكمة واحدة لسارق او فاسد...عندها تراجعت طموحات اللبنانيين
لحد توقع انكفاء قوى السلطة وابتعادها عن المشهد لفسح المجال لقوى التغيير للنهوض مجددا بالبلد... حتى هذا لم يحصل فدفعت هذه القوى بحكومة حسان دياب الى الواجهة محركة اياها من الخلف...

في ٤ آب ٢٠٢٠، ورغم حجم الكارثة التي ألمت بهم، حصل اللبنانيون على فرصة اخرى لقلب الطاولة وتلقت القوى الحاكمة صفعة كان يتوجب ان تكون بمثابة آخر مسمسار يدق في نعشها... لكن حتى هول المشهد وفظاعة وحجم الخسائر على المستويات كافة، لم يحرك ساكنا لدى كل الفرقاء والممسكين بزمام الحكم.. فأحدا منهم لم يشعر بوجوب تحمل المسؤولية والتنحي. حتى ان الوقاحة بلغت مداها مؤخرا فتم الانقلاب على المبادرة الفرنسية، وعادت القوى نفسها تتناحر سعيا لبسط سيطرتها على حكومة تدرك انها ستستلم زمام البلد حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة وقد تواصل مهامها في حال تقرر التمديد للمجلس الحالي وفي حال دخلنا في فراغ رئاسي.

ترتقي اليوم وقاحة هذه القوى لحد الفجور. فترى المعنيين بعملية التشكيل ينتظر احدهم الآخر للاتصال به ليعده تنازلا لصالحه ويعلن نجاحه بكسر خصمه. اصلا كل عملية التشكيل متوقفة حاليا على الشكليات... فالحديث بالمضمون مجمد منذ اكثر من شهر. اليوم عاد النقاش بصلاحيات هذا وذاك وبتحصيل حقوق طائفة او اخرى، وكأن ١٧ تشرين لم يحصل وكأن ٤ آب كان مجرد يوم صيفي مشمس في لبنان. انكباب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس "الوطني الحر" جبران باسيل على تحصيل حقوق المسيحيين كان حتى الامس القريب عنوانا باهرا وجذابا لقسم كبير من المسيحيين... كذلك كما تمسك الحريري بصلاحيات ودور رئيس الحكومة السني ومنع المس بهما، كان اولوية للاكثرية الساحقة من السنة في لبنان وخارجه... اما اليوم هل يعتقد الرجلان ان المسيحيين او السنة او حتى الشيعة والدروز يعنيهم بشيء تحصيل حقوق طوائفهم ومذاهبهم من قبل نفس القادة الذين امعنوا باللعب على هذا الوتر لتحصيل مكاسب حزبية وشخصية افلست البلد وجعلته شجرة مشلعة تعصف فيها الريح من كل حدب وصوب؟! هل يعتقدان ان هناك من قد يعنيه حقوق طائفة وحقوق عائلته غير مؤمنة؟! وكأنه لم يكن ينقص اللبناني اصلا الا لعنة "كورونا" لتزيد مأساته مأساة وفقره فقرا.. فلا هو قادر على تأمين سرير في مستشفى مع انهيار النظام الصحي، ولا لقمة عيش لاولاده في ظل اضطراره على الالتزام بالاقفال العام... فعن اية حقوق طوائف وصلاحيات رئاسات تتحدثون؟!

وبالرغم من انهيار وتداعي المبادرة الفرنسية، لا يزال اللبنانيون يعولون على الخارج ويتعاطون معه كخشبة خلاص.بعضهم استبشر خيرا مؤخرا بتحرك القضاء السويسري ويتحدث عن معطيات تفيد بأن كرة ثلج يتم دفعها من الخارج تجاهنا لتطيح بكل المنظومة الحاكمة.. اما بعضهم الآخر يبدو على يقين ان لبنان متروك لمصيره وبأن حركة هنا واخرى هناك لن تتمكن من زحزحة هذه الطبقة المتجذرة في النظام قيد أنملة والا لزحزها ١٧ تشرين و٤ آب...

بالمحصلة، هما الموت والفجور عنوانان عريضان لهذه المرحلة من تاريخ لبنان.. فجور حكام وموت المحكومين سواء من المرض او من اليأس!