خاص- تداعيات تأجيل الاستشارات وإبعاد الحريري على الوضع الاقتصادي

  • شارك هذا الخبر
Friday, October 16, 2020

خاص- الكلمة أونلاين
ميراي خطار النداف

بعد جرعة "الأوكسيجين" التي كان ينتظرها اللبنانيون اليوم عبر إجراء الاستشارات النيابية الملزمة وتكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة، ها هو الباب يوصد مرة جديدة بوجه أي أمل للخروج من الأزمة السياسية، الإقتصادية، الحياتية والإجتماعية التي نعيشها، وذلك عبر تأجيل الاستشارات "لمزيد من التشاور"، وكأننا نملك ترف الوقت والإنتظار، وكأن اللبناني لا يرزح تحت رحمة التجار والأسعار التي ترتفع يومياً من دون حسيب ولا رقيب.
فكيف أثر تأجيل الإستشارات النيابية والإطاحة بوصول الرئيس سعد الحريري الذي كان يمكن أن يكون الفرصة الأخيرة للبنان، كونه جسر عبور بين لبنان والعالم العربي والغربي الذي نحن اليوم بأمس الحاجة الى دعمه اليوم.
الكلمة أونلاين سألت الخبير في الشؤون الاقتصادية البروفيسور جاسم عجاقة عن رؤيته للأوضاع الاقتصادية ما بعد تأجيل الإستشارات، فأشار الى أننا بحاجة الى حكومة اليوم قبل الغد وبغياب حكومة تقوم بما هو مطلوب منها من إصلاحات وإجراءات للجم الانهيار فإن المشكلة الإقتصادية ستتفاقم.
عجاقة رأى أن تشكيل الحكومة لديه تأثير نفسي على الأسواق أكثر مما هو عامل إجرائي فوري، معتبراً أن الحل يكون عبر نقطتين: الاصلاحات والاتفاق مع صندوق النقد والا سنكون أمام مشكلة كبيرة.
ويُضيف عجاقة: مما لا شك فيه أن شخص الرئيس الحريري مقبول دولياً، ولبنان اليوم يمرّ بأزمة تحتاج، للخروج منها، أن يقوم الرئيس المكلف الجديد باجراءات أصبحت معروفة من قبل الجميع وهي تتمثل بالاصلاحات التي هي شأن داخلي والاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي هو شأن خارجي، وبالتالي نحن نحتاج الى شخص وحكومة تستطيع التعامل مع الداخل والخارج.
ويتابع عجاقة الرئيس الحريري قام بما عليه داخلياً عند إرساله وفداً للتشاور مع الكتل النيابية، وهو في الوقت عينه لديه علاقاته الجيدة مع الخارج خصوصاً مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو، ولكن السؤال اليوم هل بإمكان الحريري تخطي هذين الأمرين أي التعاطي مع الخارج والداخل معاً؟
هناك مؤشرات مهمة توضح أن المجتمع الدولي يريد عودة الرئيس الحريري، أما على الصعيد الداخلي فلا يزال هناك أخذ ورد في هذا الأمر. وتأجيل الإستشارات يوضح أن هناك خلافات داخلية يمكن أن تمنع الحريري لاحقاً من الشروع بالإصلاحات إذا لم يأت بتوافق واضح.
واعتبر عجاقة في حديث لموقعنا أن الحريري يجب أن يُعطى "توكيلاً داخلياً" لإجراء الإصلاحات اللازمة من الاطراف السياسية الداخلية كافة في حال تمت تسميته لتشكيل الحكومة الجديدة، سائلاً ما نفع التسمية من دون إصلاحات؟ فعندها نعود الى حكومة الرئيس الحريري ما قبل 17 تشرين 2019.
وتمنى عجاقة أن يكون هذا التأجيل لصالح أخذ تكليف واضح وصريح من الجميع ليتمكن الحريري في المرحلة اللاحقة من للقيام بالاصلاحات وإلا نكون قد قضينا على فرص الخروج من الأزمة الشائكة التي نمر بها والتي تتمثل بالضغوطات الدولية على لبنان وخصوصًا الأميركية منها.
ومن هنا يقول عجاقة، إن مشكلة الشق الاقتصادي الحالية تتعلق بالدرجة الأولى بضغط الدولار على المواطن اللبناني والصورة تتمثل بما يأتي:
- لا دولارات تدخل إلى مصرف لبنان، وتلك الموجودة في الاحتياطي يُستعمل قسم منه لإستيراد السلع والبعض الآخر يذهب لدفع بعض المستحقات الاساسية مثل حاجات الدولة والمصارف.
- مصرف لبنان يقوم بطبع الليرة لتغطية عجز الدولة الذي وصل في أول خمسة أشهر من السنة الى أربعة آلاف مليار ليرة على رغم توقف دفع خدمة الدين العام التي بلغت السنة الماضية 6 مليار دولار.
- المواطن يسحب أمواله بالليرة اللبنانية ويذهب الى السوق السوداء لتبديلهم بالدولار.
- التاجر يسحب أمواله بالليرة اللبنانية من المصارف ويشتري من المصرف الدولار بـ 1500 ومن ثم يبيع الى الناس بـ 8000 (سعر السوق) أي أنه يضرب رأسماله بخمسة أضعاف وذلك عن غير وجه حق.
وهنا يشير عجاقة الى أن التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان لا ترضي المواطن على الصعيد الفردي ولكن تخفف من وطأة الأزمة على الصعيد الاقتصادي (وبالتحديد التضخم المفرط) وهي تعتبر بمثابة اجراءات جراحية من خلال وقف المضاربة على الليرة وخفض حجم الكتلة النقدية.
وهنا تطرق عجاقة الى التعميمين الأخيرين الصادرين عن مصرف لبنان الأول الذي يتعلق بالتجار للجمّ عملية زيادة رأسمالهم خمسة أضعاف على حساب المواطنين وودائعهم والثاني الذي يتعلق بوضع سقف للسحوبات بالليرة اللبنانية، وأشار الى أن المواطن العادي سينزعج من هذا التدبير الا أن ذلك من شأنه أن يلجم من يعمل على سحب الليرة لتحويلها الى دولار في السوق السوداء. فبإعتقاد هؤلاء أنهم يحافظون على قيمة أموالهم، الا أنهم لا يعرفون أنه عندما يزيد الطلب على الدولار فإن سعره في السوق السوداء سيرتفع تلقائياً وبالتالي سترتفع حتماً أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية وغيرها وهم سيضطرون حينها الى الدفع أكثر مقابل إحتياجاتهم اليومية والحياتية. ما يعني أن المبلغ الذي تم تحويله من الليرة اللبنانية الى الدولار سيتم دفعه ولكن بطريقة غير مباشرة، أي أننا في حلقة مفرغة ندور فيها ونعود الى النقطة الأولى، ومن يخرجنا من هذه الحلقة هي الحكومة.
وختم عجاقة بالقول: عبثاً تبحثون لأن الحل هو سياسي بامتياز.