خاص- ما لم يقله الحريري "بنسخته الأخيرة"... ووافقت عليه فرنسا...؟

  • شارك هذا الخبر
Saturday, October 10, 2020

خاص- الكلمة أونلاين
المحرر السياسي

كان من حق رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أن يتحدث بهذه اللهجة الحادة في معرض كلامه عما آلت اليه الأمور في البلاد.

فالرجل استقال يومها تجاوبا مع مطلب الثورة وحقنا للدماء وشهدت المرحلة منذ استقالته حتى اطلالته الاعلامية مغامرات وتجارب حكومية لم تحمل أي خطوات انقاذية للبلاد ولم تنعش الوضع الاقتصادي- الاجتماعي الذي يعاني منه الشعب، فعندما استقال الحريري منذ نحو سنة كان على قاعدة التجاوب مع مطلب الثورة كخطوة ديمقراطية وشفافة تؤكد على عدم تمسكه بالسلطة وذلك لعدم وجود مصالح أو مكاسب يريد الحفاظ عليها فاستقال عندها على قاعدة ايجاد حلول لكن الأمور زادت سوءا.

من حق سعد الحريري "كزعيم سني" وإن كان يرفض هذا التوصيف متمسكا ببعده الوطني أن يكون المرشح الطبيعي لرئاسة الحكومة وهو الأقوى في هذه المعادلة، لكن موقفه لا ينطلق من رغبته في العودة الى رئاسة الحكومة مع ما يحمل الأمر من أفخاخ وألغام، لكن الرجل يتمتع بشبكة علاقات دولية وحضور محترم في المجتمع الدولي اضافة الى إرث والده ما مكّنه من تحقيق مؤتمر سيدر لصالح لبنان الذي كان على شفير الهاوية، قبل تنامي المغامرات التي ادت الى صرف الأموال على الكهرباء وغيرها من المشاريع غير المدروسة، سيما أن هذه العلاقات بدت في محطات عدة سابقا قادرة على تأمين دعم للبنان على أكثر من صعيد سياسي واقتصادي.

اذ بعيدا من السياسة وما قيل فيما خصّ حلفاء الأمس لأن لا خصما دائما في السياسية، فالطرح الاقتصادي للحريري هو الذي تحتاجه البلاد، سيما ان ذلك مقرون بتطبيق المبادرة الفرنسية التي تحمل خطوات اصلاحية سيلتزم بها لبنان وتؤدي الى ضخ أموال تحدّ من التراجع منعا على سبيل المثال من رفع الدعم على أكثر من سلعة حيوية.
وفي السياسة، قال الحريري كلاما عن حزب الله حمل ضمنا رفضه لدور سلاحه في الاقليم إبان كلامه عن ذهابه الى دول عدة في المنطقة وصولا الى الكلام عن العقوبات التي تركت تداعيات على المواطن اللبناني الرافض الدخول في أي مشروع اقليمي مقدما مصلحة البلاد على أي اعتبار.

فقد قال الحريري ما يوجب قوله فيما خص حزب الله في هكذا مرحلة مستدركا أن يصنف في خانة المنقضين على هذا الفريق في ظل المواجهة الدولية تجاهه.

فتحدث الحريري على قاعدة لبنان وشعبه أولا مخرجا ذاته من المحاور الخارجية ومتمنيا على القوى السياسية الانخراط في عملية استدراك الانهيار الكارثي وانقاذ المواطن من الجوع والعوز، مبتعدا عن أي خطاب يهدف الى استجماع شعبية، فهو قرر أن يخسر في هذا الحقل الشعبي مقابل تأمين مكسب وطني لصالح البلاد وأبنائها، متمسكا بحقه في العودة الى رئاسة الحكومة اذا كان لا بد من ذلك انطلاقا من شعبيته وموقعه معتبرا بأن صفته السياسية لا تفسد في الودّ قضية سيما عندما استشهد بكلامه بوجود كل من الرئيس ميشال عون في السلطة كرجل سياسي وكذلك الرئيس نبيه بري الذي لديه الصفة ذاتها أي أنهما ليسا من خارج هذا النادي.

وإن لم يقل بإنه عندما استقال مفسحا المجال امام محاولات انقاذية وتجاوبا مع مطلب الثورة لم يقدم الناشطون أي مبادرة ممكن الارتكاز اليها أي أن الحريري أعطى للثورة وقتا لكنها لم تتلقفه، وبات واجبا عليه أن يترجم مسؤوليته التي من أجلها خاض غمار الحياة السياسية منذ اغتيال والده الشهيد رفيق الحريري وما تبع ذلك من حمل شهداء من فريقه السياسي ومن عداد الحلفاء من أجل لبنان اولا وكذلك من أجل "المواطن اللبناني أولا" أيضا وذلك من خلال تأمين حقه في العيش والعلم والطبابة.

واذ كانت مواقف الحريري ستلقى اعتراضات وتأييدا كما أعلن، فإن الجانب الفرنسي وجد في كلامه صدقا والتزاما بالمبادرة الفرنسية لأنها الحل المناسب، لاخراج لبنان من كبوته الاقتصادية منعا لسقوط كل منظومته المؤسساتية وانتشار الفوضى بطريقة كارثية على وقع الفقر الذي سينتشر بكثافة ويحمل معه أعمال عنف.

ورغم موقع الحريري السياسي تجاه الحلفاء أو الأخصام الا أن الرجل مد يده للجميع، وهذا الأمر بات مطلوبا بعيدا من المناكفات وتسجيل النقاط، الا أنه لو أراد استعمال هذا الأسلوب لكان الأمر جد سهلا عليه، الا أن الرجل لا يريد حروب الآخرين على أرض لبنان، وفي الوقت ذاته لا يريد أن ينخرط اللبنانيون في حرب الآخرين على أرضه كما قال قبيل نهاية مقابلته غامزا من قناة حزب الله.

فالحريري الذي يمارس سياسة "العضّ على أصابعه" رافضا الاستسلام نتيجة املاءات مشاريع سياسية عليه، بدا مصرا على اخراج لبنان من المحاور ومن أزمته اذا ما صدقت القوى السياسية ومدت يدها الى يده والتزم الجميع المبادرة الفرنسية الانقاذية للبلاد، فالحريري التزم بهذه المبادرة وما تحمل من خطوات شفافة واصلاحية واضعا على عاتقه التعاون مع الفرقاء لانجاحها على أن تأتي السياسة لاحقا وتسجيل النقاط والانتخابات قريبة.

وقد بدا الحريري من مواقفه انه لا يطلب منصبا بقدر ما يطالب بضرورة تطبيق المبادرة الفرنسية لانقاذ العاصمة بيروت والتعويض على اهاليها الذين دفعوا الثمن.
كما بدا الحريري هذه المرة "أجد" من الحريري السابق والأسبق فقد بدا صارما يتحدث بعنفوان الواثق من أن ما يطرحه هو الحل الأفضل للجميع.