حكومة انتقالية والتأسيس لمرحلة جديدة والا التدويل... بقلم د. شارل شرتوني

  • شارك هذا الخبر
Monday, September 21, 2020

نحن لسنا أمام تعثر ظرفي يحول دون تشكل حكومة جديدة، نحن امام استحالات مبدئية تستحثها ممانعات ايديولوجية شمولية الطابع، وسياسات سيطرة شيعية متأهبة تتحرك على خط التقاطع بين الداخل والخارج. ان التباينات التي تتمظهر من خلال لعبة المحاصصات بين اطراف الاوليغارشية السياسية-المالية المهيمنة، ليست الا تخريجات ظرفية تستعملها الاطراف غطاء مرحليا لاخفاء مشاريعها المضمرة، وكسبا للوقت انطلاقا من سياسات سيطرة مستنفرة على خطوط التقاطع والاختلاف بين سياسات النفوذ الشيعية والسنية. ان التسوية بين نادي رؤوساء الوزراء السنة واطراف الفاشيات الشيعية، والاخبار الذي لم تكذبه اية جهة الذي يدعو الى [تنظيم الخلافات الشيعية-السنية لان المسيحيين راحلون من هذه البلاد]، والتهميش الفعلي لموقع رئاسة الجمهورية ولمرتكزات اللعبة المؤسسية، ينقلوننا عمليا الى مرحلة جديدة تسبق دخول البلاد في ديناميكية الفوضى الاقليمية المفتوحة على مجمل صراعاتها. لقد فتحت المبادرة الفرنسية وسياسة العقوبات الاميركية التصاعدية، كوة في جدار العزلة الدولية والاقليمية والايديولوجية والمالية والاقتصادية التي فرضتها الفاشية الشيعية على البلاد، في محاولة قصوى لوقف الانهيارات المتداخلة والمتسارعة، وما تستدعيه من كوارث على بلاد لم يبق لها من الوجود الدولتي والوطني سوى توصيفات اسمية لاطائل تحتها.
لقد لجأت الفاشيات الشيعية من خلال التفجير الارهابي في مرفأ بيروت الى استراتيجية التدمير الشامل الذي يهدف الى احداث شلل دماغي شامل يضرب مقومات الوجود المسيحي في لبنان على مختلف المستويات الامنية والاستراتيجية والمدينية والاقتصادية والاستشفائية والتربوية، مدغما بتأييد شعبي غالب في الاوساط الشيعية (تراوح بين ال ٩٠/ ٧٥ بالمئة ، ٢٠١٧-٢٠٢٠، اخر استبيان لل Washington Institute )، وبطروحات ايديولوجية عنصرية، وقراءة نافية لشرعية الكيان السياسي اللبناني، وموجبات الثقافة السياسية في مجتمع ينتظم على قاعدة تعدديات متداخلة. نحن امام احتمالات ثلاث: أ- التسليم بالمعطى الانقلابي ومترتباته؛ ب- الدخول في سياق تسوية سياسية على اساس حكومة مرحلية تعالج الازمات المالية والبنيوية في البلاد، وتضعها على خط التفاوض حول اصلاحات سياسية بنيوية تطال مستقبل الكيان الوطني والهندسة الدستورية للحكم في لبنان؛ج- الدخول في متاهات الفوضى الاقليمية وسياسة الخيارات المفتوحة لكل الفرقاء على خط التواصل بين الانقسامات الداخلية والاقليمية.
ان سياسة التطبيع الاقليمية التي تعتمدها الادارة الاميركية حيال النزاع العربي-الاسرائيلي، على تنوع مندرجاته ومراحله، وتسوية ازمات المنطقة، الباقية مع ادارة ترامپ او بعد رحيلها، سوف تصطدم بسياسة الممانعة الشيعية التي تقودها ايران على قاعدة استراتيجية انقلابية معممة على مستوى المنطقة، يلعب فيها حزب الله دورا اساسيا يفسر الوهامات العنصرية التي تطبع اداءاه، وهمجية سياسة السيطرة التي دفع بها في الداخل اللبناني، وعلى مستوى تفعيل النزاعات السنية-الشيعية في كل من سوريا والعراق وبلدان الخليج واليمن والسعودية، واستخدام تيارات الرفض الفلسطينية...،. ان سياسة نسف التسويات السياسية دوليا واقليميا التي يعتمدها النظام الايراني، تنبع من معادلة التطبيع مع الخارج مع الليبرالية في الداخل، التي يرى فيها نهاية للديستوپيا الدموية التي امنت استمراريته على مدى عقود اربعة، وانكشافا على واقع استراتيجي تعددي غير قابل للضبط على قاعدة سياسة الفوضى المعممة التى يعتمدها النظام الاسلامي الايراني واصناؤه من الاسلاميين السنة ( تركيا، داعش، القاعدة ، ومموليهم في قطر وبعض اعضاء الاوليغارشيات الحاكمة في السعودية والكويت ودول الخليج ).ان تأليف حكومة مرحلية متماسكة في حيثياتها، اساس من اجل ادخال البلاد في فترة نقاهة تسمح لها استعادة توازناتها الحيوية، واحتواء ترددات الصراعات الاقليمية المتأهبة، والتمهيد لتسويات تاريخية تنقلنا من حالة انعدام الوزن المديدة، الى حال من الاستقرار البنيوي وما تستوجبه من تعديلات اساسية في البنيات الوطنية والسياسية. ان الاستنكاف الارادي عن الاخذ بسبل التسوية العقلانية وما تستوجبه من توارد اخلاقي، سوف يأخذنا بشكل محتوم باتجاه تدويل الازمة اللبنانية وتطوير سياسة العقوبات الشاملة، احتواء لترددات سياسات النهيلية الشيعية وتأثيراتها المدمرة على المستويين الداخلي والاقليمي.