سمير سكاف - ما هي نتائج سياسات وممارسات حزب الله في حسابات الربح والخسارة؟

  • شارك هذا الخبر
Monday, September 21, 2020

مسؤولية حزب الله الكبرى تتناسب مع قوته
يدرك حزب الله كما كل اللبنانيين أنه الأقوى على الساحة اللبنانية. وأنه بالتالي هو أكبر المسؤولين عما وصلت إليه أحوال لبنان واللبنانيين! من دون أن يجرد ذلك الآخرين من تناسب مسؤولياتهم مع أحجامهم، ومن دورهم الهائل في الفساد والافساد! وهو يستعمل سلاحه في الداخل في كل لحظة، إن بأسلوب الكلام الاستعلائي اليومي، أو بفرض إرادته بالقوة في الخيارات السياسية الكبرى. ويبقى خيار 7 أيار مفتوحاً عند الحاجة.

ولا يمكن لحزب الله التذرع بمقاومة اسرائيل أو الارهاب لرفضه المساهمة "الفعلية" في إنقاذ لبنان! فمن جهة، ليس هناك عاقل في لبنان يمكنه القبول بالاعتداء على أي شبر في لبنان من أي جهة كانت. ومن جهة أخرى، لا يمكن أن يبقى لبنان مربوطاً بالصراعات الاقليمية، ولا بمحاورها. ولا يمكن لجوادين السير بالعربة باتجاهين مختلفين وإلا فإن العربة ستتحطم حكماً. وهذا ما يتعرض له لبنان اليوم! فموت الدولة أكيد بظل هذا النوع من تجاذب المحاور لها، وبظل إصرار حزب الله على فرض تواجد لبنان وخياراته في المحور الإيراني. وقد تكون هنا إحدى مبررات مطلب حياد لبنان بهدف إنقاذه وإخراجه من كافة المحاور، مع استمرار دعمه لحقوق الشعب الفلسطيني. ويمكن للبنان أن يستمر في خوض حروبه الدفاعية، دفاعاً عن أرضه وعن شعبه، من دون خوض حروب الآخرين، لا على أرضه، ولا على أراضيهم. فأي لبناني من خارج جمهور حزب الله يقبل بنشاطات حربية لحزب الله في اليمن أو في أوروبا على سبيل المثال، في حين كان الاعتراض كبيراً جداً على مشاركته في الحرب في سوريا؟!

من الضروري، أن يأخذ لبنان موقفاً دفاعياً لحماية نفسه ولحماية كل أبنائه، وبشكل خاص أهل الجنوب بكل مكوناته، في وجه ما يعتبره محاولات الأميركيين لضربه أو لإضعافه لصالح الاسرائيليين، من دون أخذ مبادرات تدخل لبنان في حروب ترهقه! ومن الضروري "تقوية" الدولة لتؤمن توازن القوة (بدلاً من توازن الرعب) في المنطقة لتقوم بكل الحمايات الممكنة له ولكل الشعب اللبناني؟ ولكن ألا يسهم حزب الله في منع بناء هذه الثقة لدى جمهوره؟ ولماذا يصر حزب الله على الاستفراد بقرار الحرب والسلم؟ لماذا يعمل حزب الله على إقناع جمهوره أن هناك بعض اللبنانيين يريدون أن يتركوا أرض لبنان مستباحة للعدو الاسرائيلي أو للإرهاب؟! أليس حزب الله وشركاؤه هم من عطلوا كل محاولة بحث جدية في الاستراتجية الدفاعية؟ وفي المقابل، ألم يخضع خصوم حزب الله في الداخل بسهولة متناهية لرفض البحث في هذه الاستراتجية الدفاعية، بربط النزاع وبتأجيل البحث بها، حفاظاً على مصالحهم تحت مبرر مصلحة الوطن؟!!

خيارات حزب الله ثابتة في المحور الايراني وفي الاحتفاظ بسلاحه أياً تكن النتائج!!
إن خيارات حزب الله ثابتة وأكيدة بتواجده في المحور الإيراني، شاء من شاء وأبى من أبى! ولا يتأثر حزب الله بذلك لا بمشورة الفرنسيين وجزرتهم ولا بالعقوبات الأميركية وعصاها!! ويعتبر حزب الله في ثقافته أن الموت خيار طبيعي في الحفاظ على قدسية خياراته النابعة من سياسة ومشيئة المحور الإيراني في ظل صراع سني-شيعي قد لا ينتهي أبداً. ولا يُعتبر رفض وجود دولة اسرائيل لبنانياً مشكلة داخلية في زمن تقوم به عدد من الدولة العربية بالتطبيع. ويمكن لجميع اللبنانيين الاستمرار بمساندة الشعب الفلسطيني بخياراته، من دون المزايدة عليه!

ولا هم لحزب الله في الحقيقة في تشكيل الحكومات، إلا بالقدر الذي يخدم فيه دوره الاقليمي-الدولي. فالحكومات عنده يجب أن تدير تفاصيل الحياة اليومية، من دون إزعاج قضاياه الكبرى، التي تبقى من اختصاصه حصراً! فالتسهيل والفيتوهات في التكليف والتأليف ترتبط بمنع هذا الازعاج الممكن! والاقتصاد، وجهة نظر هو الآخر، يرتبط بقصة الازعاج ذاته، ولا قيمة له في حساب بناء الدولة إلا في إطار خدمة هذه القضايا الكبرى نفسها! وفي وجه ذلك، يخاف البعض في لبنان من أطماع المثالثة في الحكم، أو في استمرار هيمنة الشيعية السياسية-العسكرية على لبنان؟ فهل يهم المثالثة على ميت؟! أليس من الأفضل الذهاب، من دون غش، الى دولة القانون المدنية... بعد انقاذها؟!

أولاد الآخرين ليست أغلى من أولاد حزب الله، ومساواتهم طبيعية في الموت غير الاختياري!
لن يتخلى حزب الله عن فكرة الحفاظ على السلاح من أجل السلاح. في حين ترى الغالبية الساحقة من اللبنانيين ضرورة حصر السلاح في يد الدولة! ولكن كل محاولة لاقناع الحزب بذلك تؤدي باللبنانيين الى مواجهة السلاح، من دون سلاح! وإلا، فالحرب الأهلية!

إن قدسية قضايا حزب الله تنبع من كونه لا يبخل بأولاده خدمة لهذه القضايا، فهو بالتالي لا يجد حياة أولاد الآخرين أغلى من حياة أولاده. وهو بذلك، يلزمهم بخيار موت لا يريدونه، تحقيقاً لأهدافه! فبرأيه، من ساواك بنفسه ما ظلمك!! علماً أن الخيار "الكربلائي" اليومي لحزب الله يُعتبر انتحاراً لدى الآخرين.

انتحار جماعي لا يسعى أحد لوقفه! والغرق سيطال الجميع
إن شد الحبال هذا في لبنان هو انتحار جماعي. وهو لن يصل بلبنان سوى الى التمزق الكلي. وذلك، في ظل الرفض التام لتوبة "زعماء السياسة في الطوائف" للتخلي عما سرقوه وعما سوف يسرقونه لاحقاً. فحزب الله شريك الآخرين في السياسة الداخلية والمكاسب، والآخرون شركاء حزب الله في السياسة الداخلية والمكاسب. وجميعهم متفقون على عدم مكافحة الفساد، وعلى منع أي عملية إصلاح، لأنهم غير مستعدين للتخلي عن محمياتهم المالية، وعن وقف السرقات، وعن اعادة المسروق الى الخزينة. والمواطن اللبناني يدفع كل هذه الفواتير. وعلى الرغم من ذلك، فإن الكثيرين من اللبنانيين ما زالوا مستعدين للموت لزعيم يسحقهم، وإن نجح الكثيرون بالخروج من هذه العباءة بتبني منطق الثورة. فهؤلاء، يحاولون على الأقل، تغيير واقع الحال، على الرغم من إدراكهم للصعوبات الجمة التي تواجههم.

ان مشكلة حزب الله الأساسية هي باعتقاده أنه يستطيع العوم حين يغرق الآخرون! في حين أن غرقه محتماً بعد غرق الآخرين. إن وقف الغرق الجاري يحتاج الى توبة الجميع، والى عودة الجميع الى الوطن والى المواطنة، وبعدها، وفقط بعدها الى مساعدة الخارج. وكلها أمور غير متوفرة للأسف. وبالتالي، فإن كل الطرقات تؤدي الى تفجير هيروشيمي للدولة كلها هذه المرة. إن أي محاولة لسيطرة حزب الله على الدولة بعد الغرق لا يمكنها أن تكون جدية، ولا يمكنها أن تطول. وكل هذه الطرق تؤدي الى انهيار الدولة والى موتها! عندها يكون حزب الله هو المساهم الأكبر في تحقيق أحلام خصومه!!! فهل يتم الطلاق بين مكونات لبنان "مذهبياً"؟ أو هل يُصار الى استمرار المساكنة بقوة السلاح لفترة ما؟ وما الذي يمكنه أن يعيد الجميع الى دور لبنان الرسالة؟ ولماذا يصر حزب الله مع كافة أهل السلطة على تمزيق هذه الرسالة الجميلة للأمم؟

في الحقيقة، ليس هناك حسابات ربح وخسارة لحزب الله، ولا لغير حزب الله! هناك فقط خسارة الجميع!!!