هل تخلّت واشنطن عن الأرثوذكس؟ بقلم شادي صعب

  • شارك هذا الخبر
Sunday, September 20, 2020



عمد حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا في الفترة السابقة الى اعادة تحويل معلم "آيا صوفيا" الحضاري الى جامع بعد ان كانت الدولة التركية الحديثة قد ارتأت تحويله الى متحف للمحافظة على الارثين الأورثوذكسي البيزنطي والاسلامي العثماني الموجودين في المبنى على التوالي. ثم استتبعت هذه الخطوة بتحويل دير تشورا في اسطنبول، هو الآخر الى مسجد، بعد ان كان وضعه يشبه وضع آيا صوفيا.
ليس مستغرباً على حزب "اخواني" هذا التصرف، وخصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا وأفول مرحلة التفاوض لانضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي، بحيث أصبح اردوغان يتطرف يمينياً واسلامياً ويعيد السياسة التوسعية العثمانية أملاً في تحشيد القواعد القومية والاسلامية لحكمه.
أما المستغرب، فهو موقف بطريركية القسطنطينية اللائذة بهذا الصمت، مكتفية بالاحتفال بترميم الدولة التركية لدير سوميلا التاريخي في ولاية طرابزون شمال البلاد. وما يثير الدهشة في اللاموقف الكنسي هذا، أنه يأتي بعد جهد حثيث قام به البطريرك برتلماوس لمحاولة تزعم "العالم الأرثوذكسي" انطلاقاً من موقع كأول بين متساوين في المجمع المسكوني الأرثوذكسي الذي يضم الكنائس الأرثذكسية حول العالم، متوسّلاً لهذ الغاية محاولة اضعاف سائر البطريركيات التاريخية على غرار دعمه وتغطيته انشقاق أساقفة أوكران عن بطريركية موسكو وسائر الروسيا، وعدم اكتراثه للخلاف بين بطريركية انطاكية وسائر المشرق وبطريرك القدس اليوناني.
ويترافق هذا الصمت "القسطنطيني" مع صمت واشنطن التي كان قد سبق لها أن أعلنت عبر وزير خارجيتها انشاء "التحالف الدولي للحريات الدينية"، مشركة مسؤول العلاقات الخارجية السابق في كنيسة اسطنبول ومتروبوليت أميركا الشمالية الحالي المطران إلبيدوفوروس في التحضيرات السابقة لهذا الإعلان.
انطلاقاً مما تقدّم، يتساءل عما إذا كانت واشنطن قد تخلّت عن دعم كنيسة القسطنطينية في سبيل مهادنة أردوغان الجامح في شرقي المتوسط. وما علاقة هذا الصمت بالترتيبات التي يجريها سفير الولايات المتحدة في أنقرة دايفيد ساترفيلد لحل النزاع التركي - الأوروبي في شمال شرق المتوسط حول حدود المناطق الاقتصادية الخالصة في البحر والمكامن البترولية والغازية فيها؟ وهل أبقى ذلك بعضاً من المشروعية وماء الوجه لبطريرك القسطنطينية في مساعيه لإظهار كنيسته قطباً أرثوذكسياً في العالم، رغم ضعف كنيسته أصلاً واستمرارها كأمر واقع رمزي منذ سقوط القسطنطينية عام ١٤٥٣؟