خاص- العونيون من سياسة "أدر لهم الخد الأيمن" الى "العين بالعين والسن بالسن" - بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Saturday, September 19, 2020

بولا أسطيح
لا يمكن لمشهد "ميرنا الشالوحي" مطلع الاسبوع ان يكون عابرا ويمر مرور الكرام. فلا الحماوة التي تظلل عملية تشكيل الحكومة ولا حتى العقوبات الاميركية التي تحولت شبه اسبوعية على شخصيات وشركات لبنانية قادرة ان تحجب آثار وخطورة الاشتباك "الحي" الاول بين العونيين والقواتيين والذي اعتقد كثيرون انه اصبح في صفحات قلبتها الى غير رجعة مصالحة عام ٢٠١٦ واتفاق معراب، ليتبين مرة جديدة ان المصالحة والاتفاق انحصرا بالقيادتين وكانا ظرفيين ولمصالح حزبية ضيقة من دون ان ينسحبا على القواعد الشعبية التي لم تتقبلهما والتي لم يتم بذل اي جهد اصلا كي تفعل ذلك.
واذا كان من الممكن تخطي المشهد بذاته، رغم حال الصدمة الذي لا يزال مسيطرا على قسم كبير من المجتمع المسيحي الذي ظن لوهلة انه تخطى مرحلة الصراعات المباشرة وان احزابه حصرت خلافاتها بالسياسة، فما لا يمكن تخطيه هو كمية الحقد والكراهية التي لا تزال تسيطر على نفوس العونيين والقواتيين على حد سواء والتي تجلت بأبهى حللها في تصريحات ومواقف اطلقها مسؤولون وقياديون في الفريقين كما في تعليقات مناصريهم على وسائل اعلامهم وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
وليس مشهد "ميرنا الشالوحي" الا نتيحة كباش بلغ مداه بين الطرفين في الآونة الاخيرة مع قرار حزب "القوات اللبنانية" لعب دور المعارضة حتى النهاية مستخدما كل اسلحته بوجه "التيار الوطني الحر" والعهد. وليس اطلاق احد نواب "القوات" توصيف "غول الموت" على رئيس الجمهورية الا احد مظاهر الهجوم القواتي الذي ظل من دون سقف. فبالرغم من رفض "القوات" تبني علنا شعار اسقاط رئيس الجمهورية في الشارع لاعتبارات شتى، الا انها قامت بخطوات عملية في هذا الاتجاه ان كان بالدفع سياسيا في هذا الاتجاه او بمشاركة محازبين ومناصرين "قوات" بالوقفات التي تنفذ على مقربة من قصر بعبدا رافعة بوضوح شعار "رحيل عون". وبمقابل الهجوم القواتي، كان الدفاع العوني اقرب للهجوم المضاد.فالعونيون الذين يرزحون تحت ضغوط هائلة نتيجة الازمات المتنوعة التي تعصف بالبلاد ما ادى لتكبيل العهد وافشاله، وجدوا بالحملة القواتية القشة التي قصمت ظهر البعير، فأخرجوا كل الاسلحة التي بحوزتهم، حتى الحقيقية منها وليس حصرا المجازية لصد الهجوم واطلاق آخر مضاد.
وبحسب المعلومات فان القيادة العونية تخلت عن مبدأ وسياسة الاستيعاب وضبط النفس وعن مقولة "أدر لهم الخد الأيمن" لتتبنى مقولة "العين بالعين والسن بالسن" وتتحذ القرار برد الصاع صاعين. "فاذا شتمنا نشتم واذا رمينا بحجر رددنا بالمثل واذا اطلقت النار باتجاهنا اطلقنا النار. واذا هوجمنا ردينا الهجوم وقمنا بآخر مقابل".
وقد بدأ تطبيق هذه السياسة منذ مدة، سواء بقرار التصدي بالقوة لاي مجموعة تقرر التظاهر امام قصر بعبدا وهو ما بدا جليا في التحركات الاخيرة، او من خلال التصدي بالقوة والنار للقواتيين في "ميرنا الشالوحي".
ويعبر التعاطي العوني المستجد مع الاحداث عن حالة اليأس التي وصل اليها جمهور ومناصرو "التيار" الذين ما انفكوا يتلقون الصفعة تلو الاخرى منذ تبوؤ العماد عون سدة الرئاسة. وهم اذا كانوا يدركون ان بعض الصفعات هي نتاج تكاتف اخصامهم بوجههم ونجاحهم بمساعي افشال العهد، الا انهم يعون ايضا ان هناك ما يشبه اللعنة التي تفتك بالبلد ما ضاعف الازمات وادى للانهيار المتواصل على الصعد كافة من دون اي قدرة على ايقافه او حتى التصدي له.
وترد مصادر قواتية التغير الواضح الحاصل في السلوك العوني لمحاولة استيعاب النزيف الحاصل في القواعد العونية وشد العصب مع تصوير "الثورة" موجهة حصرا ضد "التيار" وان كل القوى والكتل تشارك في مؤامرة كونية لافشال العهد، بتخط فاقع للواقع المتمثل بقيادة هذا العهد البلد الى الانهيار.
بالمقابل، تتحدث مصادر "الوطني الحر" عن تكتل منظومة الفساد رغما خلافات شتى في ما بينها لمواجهة عملية الاصلاح والتغيير منذ اليوم الاول لانطلاقة العهد لاقتناع مكونات هذه المنظومة ان هذه العملية ستضع اولا حدا لسطوتها على البلد ونهبه المتواصل الذي اوصلنا الى الافلاس، كما انها ستؤدي ثانيا لمحاسبة المرتكبين وبالتالي لمن اوصلنا الى ما نحن فيه. وتضيف المصادر:"نحن اليوم وحيدون نخوض هذه الحرب التي تشارك فيها دول كبرى.. لكننا لم ولن نستسلم ايمانا منا بأن الحق والحقيقة والخير سينتصرون في نهاية المطاف وسينصفنا التاريخ مهما كثرت الافتراءات والاكاذيب وطال الزمن!"