خاص- مؤسس Live Love Beirut يكشف حالة ما وراء الكواليس من "نبض" مستمر لإنقاذ بيروت - هلا الترك

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, September 8, 2020

هلا الترك
خاص موقع "الكلمة أونلاين"

بعد مرور شهر على إنفجار مرفأ بيروت الكارثي.. وشهر من الأعصاب المتشنجة والأعين "المتسمرة" على شاشات الأخبار شاهدنا فيها عمليات إنتشال الضحايا وترقبنا وصول المساعدات .. وبعد إشعارات بنبض بشري، ولو خافت، قيل أنه لا يزال صامداً تحت الركام .. تنبض غرف عمليات الإغاثة بشكل لا يعرف التوقف.... نسمع يومياً عن وصول مساعدات دولية إلى لبنان ولكننا نجهل آلية توزيعها أو العملية التي تمر بها لتصل إلى الأشخاص المتضررة. في هذا الإطار كان لموقعنا جولة في مقر "Live Love Beirut" الذي تحول إلى غرفة عمليات أشبه بخلية من النحل فور إطلاقه لمبادرة Rebuild Beirut وصولاً إلى دعمه لفريق الإنقاذ التشيلي.

وفي مقابلة خاصة مع مؤسس جمعية Live Love Beirut إدوارد بيطار شرح لنا خلالها عن كيفية تحول نشاط الجمعية الذي لطالما كان عملها خلال الأعوام الـ8 الماضية بعيداً كل البعد عن الكوارث ليتحول اليوم إلى مقر لإدارة الكوارث أثر إنفجار مرفأ بيروت.

بيطار : إطلاق المبادرة سبق مرحلة إستيعاب الصدمة..

يشرح بيطارقائًلا:"إنطلقت مبادرة"RebuildBeirut"حتى قبل إستيعابي لماحصل،كنت لاأزال في المستشفى وعند خروجي كنت أتفقد الحالة الصحية لأفراد عائلتي والأضرار التي سببها الإنفجار في بيتي. وخلال هذه الفترة باشر شخصين من فريق العمل "Live Love Beirut" بإطلاق مبادرة " Rebuild Beirut" عبر مواقع التواصل الإجتماعي والتي بدأ نشاطها بالمرحلة الأولى بالربط بين المتطوعين والأشخاص المتضررة، بالإضافة إلى إنشاء تقنية رقمية لتسهل عملية التبرع، ومن هنا توسعت دائرة مهامنا بحسب المتطلبات التي فرضت نفسها على الواقع."

الزاوية الخجولة لمخلّفات الإنفجار .. التكاتف الوطني..

وتابع بيطار:"عندما رأيت هذا الجهد الكبير و ومدى إندفاع الشعب اللبناني الذي تكاتف عند مصيبة بهذا الحجم، لم أعد حتى افكر في نفسي أو في كيفية إعادة ترميم منزلي، لأن طاقة التطوع والعطاء هذه، أعطتني جرعة من التحفيز للمثابرة لنعمل جميعنا كلبنانيين لمصلحة أهلنا ووطننا."

وكشف بيطار عن مراحل تطور عمليات الإغاثة التي تطلبت إنشاء وحدات متخصصة، شارحاً:" شعرت في البداية أن المبادرة رغم جمالها المعنوي كانت لا تزال غير ناضجة بشكل كامل، أو بمعنى آخر تحتاج للتنظيم والتعاون مع كل المبادرات والجمعيات التي تسعى لتقديم المساعدة، كي نتمكن من تغطية أكبر قدر ممكن من المساعدات لأكثر عدد ممكن من الأفراد المتضررة." وتابع:" علينا ان نتعلم من هذه الأزمة بأن نكون أكثر تنظيماً وأنا لا أتكلم على صعيد جمعيتنا فحسب، بل على صعيد كل الطاقات المبذولة للتعامل مع الأضرار التي خلفها الإنفجار، وكأننا نعمل سوياً جميعنا كلبنانيين على تأسيس مشروع جديد، علينا ان نسخر له كل طاقتنا البشرية وخبراتنا المتراكمة في خدمة الوطن."
و شرح قائلاً:" إن جدية الوضع تكمن في أننا اليوم علينا التعامل مع 300 ألف شخص بحاجة للمساعدة الفورية، ولا يمكنهم الإنتظار."

غرفة عمليات أشبه بخلية من النحل...

إنطلقت مبادرة "Rebuild Beirut" بمهام إقتصرت في البداية على إنشاء منصة إلكترونية تساعد الأشخاص الراغبة بالتطوع بتقديم طلبات ليتم توجيهها فيما بعد للأسر المتضررة، بالإضافة إلى خدمة التبرع عبر المنصة. إلا أنه سرعان ما توسع نشاط عملها ليشمل إستلام المساعدات التي تصل من الخارج بالتنسيق مع الجهات الرسمية وتسليمها للجمعيات المتطوعة لترسلها للأشخاص متضررة.

ولكن كل يوم جديد يحمل معه مهمة وتحٍد جديد، فالأعمال سرعان ما تنامت وكانت بحاجة لتنظيم أكثر، فبحسب بيطار:" كان من المنطقي بالنسبة لي أن نبدأ بالبحث عن سبل أخرى للحصول على الدعم بالإضافة للدعم الدولي نظراً لحجم المتطلبات الكبير، وهنا بدأنا بدراسة آلية تحقيق ذلك سواء على صعيد المغتربين والمواطنين كي نبدأ بتنظيم أنفسنا لمحاولة أحتواء هذه الكارثة ومن هنا نشأت وحدة " Beirut Relief Coalition" - إئتلاف بيروت الإغاثي- الذي يعمل اليوم لدراسة حاجة الجمعيات سواء من مستودعات للتخزين، التبرعات المخصصة للتوزيع (الدعم الغذائي وغيره) وتخليص المعاملات الجمركية. كذلك قمنا بالإستعانة بخبير لوجيستي ليساعد الأشخاص في الخارج أو المغتربين الراغبين في إرسال المساعدات بالتعرف أكثر على متطلبات عملية الشحن."

وكشف بيطار أن لبنان يتنظر وصول حوالي الـ50 حاوية، على أن تقوم " Rebuild Beirut" بتخليص معاملاتها ونقلها فيما بعد للمستودعات وتوزيعها على الجمعيات والمبادرات.

فيما يخص عملية إعادة الإعمار، قال بيطار:" لا شك أننا لم نكن نملك كل المعلومات المطلوبة عن حجم المباني التي تتطلب إعادة إعمار أو ترميم، ومن هنا أنشأنا مركز إتصال "Call Center" لنتأكد من كل طلبات المساعدة والتواصل مع مرسليها."

وهكذا بدأت تنشأ هذه الوحدات في ظل سير العمليات الآخرى، وبحسب بيطار يتم تأمين لكل وحدة الدعم اللازم لتنجز مهامها بشكل إحترافي سواء من خلال الدعم التقني أو من خلال دعم الموارد البشرية.

وكشف بيطار بأن المبادرة قررت عدم توسيع قُطر مهامها أكثر حتى يتم التأكد من سلامة سير العملية، وشرح قائًلا:"كأننااليوم نقولب لغةالشركات الناشئةأننانضع خدماتنافي خانة"minimum viable product" او بمعنى آخر الحد الأدنى من الخدمات\ المنتجات القابلة للتطبيق، كنوع من الإختبار، وحينها ننتقل إلى المرحلة الثانية والتي نسميها "scaling" والتي تتطلب منا تقييم الحاجات بحسب الموارد المتوفرة.

وفي التوازي مع عمليةتقييم سلامةسيرالعمليةشددبيطارقائًلا:"لن نترددفي إنشاءأي وحدةإغاثةجديدة إذا كان هناك حاجة أو طلب متكرر قد يخلق منه نموذجاً إصلاحياً، شرط توفر الموارد البشرية الكفوءة للمباشرة بالعمل."


العراقيل في الدرب...

بالطبع، حتى العمل التطوعي لا يخلو من العراقيل خاصة عندما يكون موجهاً لإدارة كارثة غير متوقعة، في هذاالصددشارك بيطارمعنابعض العراقيل التي تعترض مسارالعمل قائلا :"المشكلةالاولى والأساسيةهي سوء التنسيق وعدم توفر بروتوكول واضح للتعامل مع الجهات المعنية أو حتى تحديدها. أما ثانياً فأعتقد أن المشكلة تكمن في النظام أو القوانين القائمة، فأنا كجمعية اليوم لا يمكنني أن أجبر أي جمعية آخرى على أن تقوم بأي مهمة، فهذا دور الجهات الرسمية." وتابع:" من جهة آخرى، العمل لمساعدة تدارك أثار هذه الكارثة يتطلب وجود معيار لقياس وتقييم الموارد المتوفرة ومقارنتها مع الطلبات والحاجات، لذا يجب أن نكون واضحين فيما يخص المهام التي بمقدورنا تقديمها لكي نحاول تغطيتها بشكل متكامل من الألف إلى الياء، وهذا تحد كبير."

وأشار بيطار إلى أن ضخامة أثر الكارثة قد يجعلنا حتى الآن غير مدركين لتداعياتها الكاملة وشدد على ضرورة وضع رؤية متكاملة وخطة قابلة للتنفيذ، تتبعها عملية تقييم لفعالية وتنظيم الخطة.


كيفية التأكد من وصول المساعدات للجهات المستهدفة؟

في ظل وجود عدة مبادرات فردية وجمعيات تعمل على تقديم وتوزيع شتى أنواع المساعدات، وعلماً أن معظم الأسر التي تضررت منازلها تركت مكان إقامتها بسبب الإنفجار، كيف يمكننا التأكد من أن المساعدات تصل إلى الأشخاص المعنية، دون أن تُهدر أو توجه لإفراد غير معنية بالأضرار، يشرح بيطار أن كل جمعية تتواصل مع "Live Love Beirut" تقدم لائحة بأسماء الأشخاص المتضررة التي تسعى لمساعدتها، وقال:" بمعزل عن ذلك، لدينا بفضل مركز الإتصالات، بيانات لأشخاص تواصلوا معنا وهم بحاجة للمساعدة، بعد التأكد من حاجتهم، نسلم للمتطوعين الطلبات لكي يقوموا بالتواصل معهم." وقال:" هدفنا أن نقدم كل الخدمات التي تسهل عمل الجمعيات التي تعمل على توزيع المساعدات."

الفريق التشيلي وجد من "Live Love Beirut" ملجأ...

منذ أيام نبضت قلوبنا بنضبات متسارعة أثر معرفتنا بوجود نبض خافت لا يزال يقاوم تحت الركام في منطقة الجميزة في بيروت.. والكل تسائل لماذا بعد شهر من الإنفجار .. أين كانت الجهات المعنية والدولية وكيف علم الفريق التشيلي بهذا الموقع؟ يكشف بيطار لموقعنا أن فريق الإنقاذ التشيلي الذي وصل إلى لبنان مع معداته على نفقته الخاصة تواصل مع "Live Love Beirut" بعد أن كان حاول التواصل مع جمعية آخرى لم تبدي جدية في التعامل معهم، ويشرح بيطار:" عند تواصلهم معي لم أكن أعلم ما هي المهام التي يمكننا توكيلها لفريق إنقاذ أجنبي وصل بعد شهر من الكارثة، ولكننا أمنا مكاناً لمبيتهم في وسط بيروت، ووعدناهم بأن نجد لهم أي عمل يمكنهم المساهمة فيه، وعندها قررنا النزول لجولة ميدانية تفقدية عادية، وفي الجميزة تحرك كلبهم المدرب بردة فعل تظهر وجود أشخاص تحت الركام، علماً أن كلب الفريق الفرنسي في وقت سابق كان قد قام بردة فعل مماثلة ولكنها لم تؤخذ بعين الإعتبار حينها، ومن هنا بدأ الفريق التشيلي مباشرة بعملية البحث والإنقاذ."


تحية لكل متطوع ومتبرع..

في الختام، أن يكون العالم كله مهتم لأمرنا ويحاول التواصل معنا والوصول إلى أرضنا لمساعدتنا أمر لا يمكننا نسيانه.. رغم هول الكارثة التي دفعتنا للتكاتف أفراداً وجمعيات، كٍل بحسب طاقاته وقدراته.. علينا ألا ننسى أن مساعدة أهلنا في الوطن واجب وليست من الكماليات.
تحية لكل متطوع حمل مكنسته وتوجه للشارع، تحية لكل متطوعة ساهمت في توزيع المساعدات، تحية لكل مواطن ومغترب قدم تبرعات لإنقاذ مدينته.

لتبرعاتكم العينية أو المادية لإنقاذ بيروت زوروا الموقع التالي: https://livelove.org/rebuild_beirut

Hala Turk