في أسرار الزيارة الاستثنائية للرئيس الفرنسي ماكرون... بقلم د. محي الدين الشحيمي

  • شارك هذا الخبر
Thursday, August 6, 2020

كتب د. محي الدين الشحيمي:

هي زيارة استثنائية على وقع حدث استثنائي تطلب تغييرا كبيرا في مجريات ادارة الاحداث والتعامل مع الواقع والظروف , حيث تكمن اهمية هذه الزيارة في وقتها وسرعتها وخصوصا لجهة انها الزيارة الفريدة والوحيدة لرئيس دولة في الفترة الاخيرة ويتجلى عنوانها الاساسي في فك العزلة عن الشعب والمجتمع اللبناني وليس عن السلطة ودعمه المعنويا وماديا بطريقة مجتمعية اي ان المقصود بالزيارة ليس السلطة ورموز الدولة , هي مبادرة مهمة من فرنسا الصديقة والتي لن تتخلى عن لبنان باي شكل والتي باتت مستعدة لاي مواجهة لذلك .

سوف يلتقي الرئيس الفرنسي الرؤساء الثلاثة على مضض وبروتوكوليا فقط ولن يتكلم معهم باي ملف سوى من حيث العموميات والتذكير فالزيارة ليست للتباحث السياسي العادي وليست من اجل الاستماع للابداع اللانظامي اللبناني .

حيث تاتي هذه الزيارة على وقع المأساة اللبنانية على نفس منوال التحول والذي اجبرهم لايفاد وزير الخارجية الفرنسية , لكن الامر هذه المرة كان اصعب وتراجيدي بامتياز مع علامة بارزة للصدمة والذهول بشكل اجبر الرئيس بان يكون شخصيا هو الزائر .

ان الهدف من هذه الزيارة غير المتوقعة مجموعة من الامور من ابرزها واهمها ايلاء الاولوية للتحقيق الدولي بالانفجار والاسباب عديدة ومن اهمها ان فرنسا متخوفة من المنافسة السلبية للاجهزة الامنية اللبنانية فيما بينها ولشلل السلطة القضائية ، والانكشاف والتخبط السياسي الاعمى .

وكذلك الامر ترمي هذه الزيارة لتطمين حزب الله لجهة قرار حكم المحكمة الدولية المتعلق بالحكم من خلال التمايز الفرنسي الدبلوماسي فيما يخص موضوع حزب الله في محاولة منها لضبط اي حالة لااستقرارية استباقيا ، وانه لن يكون له مفاعيل لمروحة اوسع ضد الحزب , والكف بالمقابل عن المناورات الباطنية لسلسلة الجولات الغير الحميدة سواء في الجنوب اللبناني او غيرها واحباط اي احتمال من جهته ان يؤسس لاي فكرة سواء اكانت حرب او عملية عسكرية بين الحزب والعدو الاسرائيلي .

ان المكمن الحقيقي لهذه الزيارة يتمثل بتوجيه الانذار الاحمر للسلطة اللبنانية بما يخص التقاعص والارباك ، والابداع في ادارة الفشل لجهة الملف اللبناني , حيث الخوف كل الخوف من التحول والجنوح السريع والخطير للدولة اللبنانية لنموذج الدولة الفاشلة والحاضنة للنموذج اللانظامي واللاسلطوي والذي لا ترى فيه فرنسا اي خير وصحة لجهة استمرارية الدولة .

لذلك ان الابرز في هذه الزيارة هو اللقاء بعدد من الشخصيات السياسية وتلمس منها الهواجس ووجهات النظر حول المرحلة ، حيث ان فرنسا لا تحبذ الاستنساخ لتحالفات سابقة مثل 14 آذار او غيرها من التحالفات لانها كانت فاشلة تماما في السابق .

لن تترك فرنسا لبنان لوحده ولن تدعه ولن تسمح لطرف او لجهة محلية كانت او اقليمية او دولية بالعبث والعمل على تغيير وجهه التاريخي , لا سيما لجهة المبادرة الاساسية المتمثلة بالحياد وسوف تكون هذه الزيارة فرصة للتباحث حول مفعول هذا الامر خصوصا لجهة المشاورات وامكانية التحضير لمؤتمر دولي والذي بدأ الكلام عنه لتكريث هذا الامر بصفة داعمة , مع اعطاء الاولوية اليوم لمساعدة لبنان في لملمة جراحه ودعمه بحزمة من المساعدات المجتمعية والطارئة لنجدة بيروت المنكوبة من محنتها .