ريـمون شاكر - "الشفافية فـي العمَل البلدي"

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, August 4, 2020


الشفافية قيمة، وثقافة، ومنـهَجْ تفكيـر، وسلوك، قبل أيّ شيءٍ آخر، وهي تُعبِّـر فـي مفهومها الـحقيقي، عن مبدأ أخلاقـي سامٍ، يقضي بأنَّ على الـمرء ألاّ يقوم بفِعلٍ فـي السرّ، يستـحي، أو يـخشى أن يقوم به فـي العلَن.
وحيـن تأخذ البلديات بـهذا الـمبدأ، لن تبالـي بالـخروج إلـى نِطاق العلَن والوضوح والشفافية...
تَـهدُف هذه الـحملة إلـى تعزيز الشفافية فـي العمل البلدي، تـمهيداً لِتمكيـن الـمواطنيـن من الإطّلاع على كيفيّة صَرف أموالـهم، ومِن مُساءلةْ السياسات العامة والتـنموية فـي بلدياتـهم.
تنصّ الـمادة 45 من قانون البلديات على حقّ كل ذي مَصلحة أن يطلب الإطّلاع أو الـحصول على نسخة من قرارات البلدية على نفقته ومصدّقة من الـموظف الـمُختصّ. ويُعتـبَـر صاحب مَصلحة كل مواطن يتوجّب عليه رسوم بلدية فـي النطاق البلدي، إن كان ناخباً، أو ساكناً، أو عاملاً.
وتنصّ الـمادتان 55 و76 من القانون على وجوب نشر قرارات البلدية النافذة (التشريعية والتنفيذية منها) وذات الـمنفعة العامة على باب مركز البلدية.
تعنـي هذه الـمواد أنّ القرارات ذات الصِّفة العامة التـي تصدر عن البلدية، رئيساً ومـجلِساً، هي علنيّة. ولكن فـي الواقع، نادراً ما يطّلع الـمواطنون أو يدرون بـمقرّرات بلدياتـهم.
فمِن جهة، العديد من البلديات لا تلتـزِم بنشر قراراتـها بشكل دوري أو مُكتمِل، ومن جهة أخرى يُشكِّل وجوب التنقُّل إلـى مركز البلدية للإطّلاع على القرارات، عائقاً أمام مُـمارسَة الـمواطنيـن لِـحقِّهم الرقابـي.
وإضافةً إلـى ذلك، إختبـرَ عدد من الـمواطنيـن الذيـن قد قصدوا بلديات مـختلفة لِطلب نِسَخ عن قراراتـها، أنه يتمّ التحجُّج بعدم موافقة رئيس البلدية، أو بالبيـروقراطية الـمُعقّدة لِتأجيل تلبية طلباتـهم... وأحياناً إلـى أمَد غيـر مـحدود !!
ما هو الـمطلوب ؟
الـمطلوب من البلديات كافةً، وخصوصاً البلديات الكبـرى الـتـي ليس لديـها مواقع إلكتـرونية خاصة، باستصدار قرارات رسـمية بإنشاء مواقع إلكتـرونية بأسرع وقت مُـمكِن.
أمّا البلديات التـي لديها مواقع إلكتـرونية، وبدَل أن تكتفي بوضع الـحفلات والوفيّات على صفحاتـها، أن تضَع كلّ قراراتـها، وكلفة كلّ قرار... والأهمّ، تلك التـي تتعلّق بالـموازنة وقطع الـحساب.
لا تـتـفـتَّـق بذور الفساد، ولا تـمتدّ جذوره، إلاّ فـي غياب الشفافية، فحيـن تغيب الأرقام الـحقيقية، ولا تـتّضِح مداخلـها ومـخارجها الفعليّة، وتكون الإجراءات والقرارات غيـر مُعلنَة..
أو إذا كان الإطّلاع على تفاصيلها غيـر مُتاح، فـهذا ينُـمّ عن توجّه رئيس البلدية إلـى الـخِداع أو الغِشّ أو الفساد بأشكاله القبيحة كلها، أو يَشي على الأقلّ، بوجود أخطاء ومـخالفات يُراد التغطية عليها.
إنّ الـمجلس البلدي هو صمّام الأمان، ومن أولـى مهمّاته وواجباته، السهَر على حُسن سيـر العمل فـي البلدية، ومراقبة أعمال السلطة التنفيذية.. لذلك، فهو يُعتبـَر مسؤولاً تـجاه الشعب والسلطات الـمختصّة، فـي حال حصول هدر أو مـخالفات أو تـجاوزات فـي البلدية، لكونه يوقِّع على الـمشاريع والقرارات، وخصوصاً على الـموازنة وقطع الـحساب.
حيـن تصيـر الأشياء فـي الضوء، تستـنيـر بأشعّة الشمس، أمّا عندما تظلّ فـي العتمَـة، فإنـها تتعفّـن، وتنبعِث منها رائـحة كريـهة.
لقد أكّدَ رئيس الـجمهورية العماد ميشال عون، أنّ "عمليّة مكافحة الفساد لن تتوقّف عند مؤسّسة واحدة، بل ستشمُل كل الـمؤسّسات". وهذا ما يأمله الشعب وصندوق النقد الدولـي.
أيتها السلطة القضائية، لا تتـردّدي فـي التدقيق والـمُـحاسَبة وقطع الفساد من جذوره، فأنتِ أملنا وأمل العهد وأمل الوطن.