كان احد الزملاء المحامين يترافع امام محكمة جنايات القتل في بيروت في فصل الصيف والحر في الخارج والداخل شديد، عندما اطال في مرافعته التي بقيت اكثر من ساعة ونصف حيث بدأ العرق يتصبب من الجميع. وعندما وصل في مرافعته الى مقطع يقول فيه: سيدي الرئيس. البارحة حضرت فيلما اميركيا، فقاطعه رئيس المحكمة السيد حسن قواص مبتسما وقال له: - انشالله ما يكون طويل يا استاذ. * * * بتكفي هالرعبي في مجلس خاص روى معالي النقيب شكيب قرطباوي وقائع دعوى كان وكيلا فيها وكان وكيل الخصم احد المحامين وهو وزير سابق. قال ان وكيل الخصم كان يحاول التأثير على المحكمة الا ان النقيب تابع الدعوى بجهد ولاحقها بعناية مما اتعب خصمه ولكنه ومع ذلك لم يتوقف بربحها. علماً انه عاد وربحها في مرحلة لاحقة. ولدى سماع المحامي الياس كسبار هذه الرواية من معالي النقيب شكيب قرطباوي قال له ان الوضع يشبه نكتة الصياد الذي ذهب مع صديقه لصيد العصافير. وعندما لمح عصفورا طائرا اطلق عليه النار فلم يصبه. فهزئ به رفيقه. الا ان الصياد قال وهو يضحك: - خليه يروح بتكفيه هالرعبة اللي اكلها. * * * لن تجد انزع من الساعة الاولى أما المحامي انطوان القاصوف والذي تجمعنا به صداقة متينة منذ سنوات عديدة، فيخبر ان احدهم ذهب الى محل لتصليح الساعات ومعه ساعتين يدويتين يرغب في شراء واحدة منهما، وطلب من الساعاتي فحص هاتين الساعتين لإختيار الانسب. فأمسك الساعاتي بالساعة الاولى وفحصها وقال له: أشتر الساعة الثانية. فأنتفض الزبون وقال له: ولكنك لم تفحص الساعة الثانية. فقال له الساعاتي ضاحكاً: لانك لن تجد انزع من الاولى. * * * نظافة الكف كان الوزير السابق النقيب ادمون كسبار يعتبر ان نظافة الكف هي من اهم الميزات عند الانسان. وفي هذا المجال يخبر انه بعد تسلم الرئيس جمال عبد الناصر الحكم في مصر، ابعد جميع مسؤولي العهد السابق ما عدا واحدا لانه كان نظيف الكف وهو مكرم عبيد. ويضيف الشيخ ادمون قائلاً ان نظافة كف مكرم عبيد جعلت الرئيس عبد الناصر يحبه ويحترمه وقد حضر شخصيا مراسم جنازته عند وفاته. * * * يقرأ الفاتحة بحكم تدرج الوزير السابق الشيخ ادمون كسبار في مكتب والده، كان متضلعا في الفقه الاسلامي. وكان يروي انه في احد اجتماعات القانونيين العرب، وكان هو يترأس وفد لبنان بكونه نقيبا للمحامين، اعتقد جميع الحاضرين ان هذا المحاضر في اصول الشريعة هو مسلم حتما، وهو شيخ لا بحكم لقب لبناني موروث، بل بحكم كونه فقيها مسلما. ولذلك، يروي، طلب منه ان يقرأ الفاتحة على ضريح الجندي المجهول في البلد المضيف باسم المجتمعين. ففعل. * * * أنت اولهم لو انني انتصرت كان النقيب الشيخ إدمون كسبار ينتقد الحكم الذي اصدره القضاء الفرنسي ضد الماريشال بيتان. فقد رافق النقيب كسبار محاكمة الماريشال من خلال الصحف والاخبار والجريدة الرسمية الفرنسية، وكان يقول: إن من يسمع الشهود او يقرأ وقائع المحاكمة ومستندات الدعوى لا بد ان يعتبر ان الماريشال انقذ فرنسا من دمار كامل. مضيفاً:"ولكن للسياسة احكامها، ولا يمكنك ان تكون في الوسط فأما ان تكون بطلا كديغول او خائنا كبيتان. ألا تذكر قصة الماريشال "ناي" لقد سأله رئيس المحكمة: من هم شركاؤك في المؤامرة؟ فأجابه:"كلهم سيدي الرئيس وانت اولهم لو انني انتصرت". * * * حكم الصين أسهل من حكم لبنان ويروي النقيب كسبار ان الرئيس سامي الصلح زاره مرة في مكتبه ليوكل اليه الدفاع عنه في دعوى مهمة. وانه بعد تناول طعام الغداء في المكتب المذكور، إستراح على كنبة واغمض عينيه. وبعد دقائق معدودة فوجئ به يتوجه الى "مختار مخيش" بالسؤال عن عدد سكان الصين. فأجابه سكرتيره: بحدود النصف مليار (كان ذلك في اوائل الخمسينات). فرد الرئيس الصلح بعفوية: تأكد ان حكم الصين اسهل بكثير من حكم لبنان. ثم اغمض عينيه مجددا ونام. وكان الشيخ ادمون يردد: هذا اصدق كلام في السياسة اللبنانية. * * * لا تغلط يا شيخ أدمون ويقول المحامي الياس كسبار ان بعض الناس يتدخلون في اختصاص البعض الآخر ويناقشونهم حتى ولو كانوا على خطأ. وفي هذا المجال يخبر ان النقيب الشيخ إدمون كسبار كان عند حلاقه الذي سأله عما اذا كان يحق للجار فتح باب على جاره...الخ. فأجابه النقيب كسبار: ان هذا الامر غير جائز. الا ان الحلاق انتفض وقال له: لا تغلط يا شيخ إدمون: انا قلت لهم بأنه يحق لهم فتح الباب. * * * موعد آخر ويضيف المحامي الياس كسبار ان الشيخ ادمون كسبار ذهب مرة لزيارة رئيس الجمهورية آنذاك شارل حلو على رأس وفد من نقابة المحامين يوم كان نقيبا للمحامين. وما ان جلسوا وكانت لديهم بعض المطالب حتى بدأ الرئيس حلو يتكلم. فمرت خمس دقائق ثم عشر دقائق ثم خمسة وعشرون دقيقة. عندئذ سأله الشيخ ادمون عن مدة الاستقبال فأجابه الرئيس حلو: ساعة. فقال له النقيب كسبار: اذا بتسمح اكمل الخمس دقائق وعين لنا موعدا آخر لنتكلم نحن فيه.
