هل يمكن وقف التفشّي السريع للوباء؟

  • شارك هذا الخبر
Saturday, June 6, 2020

بينما يتسابق العالم للتوصّل إلى علاج ولقاح ضد فيروس كورونا، يسعى علماء إلى هدف آخر وهو وقف انتشاره الهائل، عندما يصيب شخص واحد العديد من الأشخاص الآخرين. ولكن ما الذي يجعل الانتشار الهائل للفيروس التاجي أمراً مهماً؟ وكيف نحد من هذا الانتشار؟
أثناء الوباء، يكون هناك تركيز على معدل التكاثر الذي يرمز إليه بالحرف (R)، الذي يكشف عن كيفية انتشار الفيروس بين السكان. إذا تُرك الفيروس التاجي من دون فحص، فسيكون الرقم R حوالى 3. أي أن شخصاً مصاباً سينقل الفيروس إلى 3 أشخاص آخرين، وكل منهم سيصيب 3 آخرين، وهكذا دواليك.



ولكن في الواقع، إنّ الانتشار أكثر تفاوتاً بكثير. لأنّ الدكتور آدم كوتشارسكي، من كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة، يقول: «عادة ما يحدث هو أنّ الكثير من الناس لا ينقلون العدوى لأي شخص». وأضاف: «ثم هناك حالات قليلة تنقل العدوى لأعداد كبيرة، ربما 5 أشخاص، أو 10 أو 20 شخصاً. وقد رأينا ذلك حتى في وقت مبكر جداً مع مرض كوفيد 19».





ويقول إنّ 10 إلى 15 في المئة من الأشخاص مسؤولون عن حوالى 80 في المئة من حالات العدوى. ويُقاس هذا التفاوت في الانتشار - الذي يعرف أيضاً بـ عامل التشتت - بالرقم K. وكلما كان الرقم K أصغر، قلّ عدد الأشخاص الذين يسهمون في الجزء الأكبر من انتقال الأمراض.



لماذا يحدث الانتشار الواسع؟



ينتقل مرض كوفيد 19 من خلال الأشخاص الذين يسقطون جزيئات الفيروس من أجسامهم. ويعتمد مدى نقل شخص ما العدوى إلى غيره على العديد من العوامل، التي تتفاوت بشكل كبير من شخص لآخر، وتشمل:



- جرعة الفيروس التي أصيب بها في البداية.

- كم من الوقت مضى على إصابته؟

- مدى شدة الأعراض.



ويقول الدكتور كوتشارسكي: «إذا ذهب شخص ما، من بين الذين هم أكثر قابلية لنقل العدوى، إلى اجتماع طوال اليوم مع عدد كبير من الأشخاص، ثم خرج لتناول العشاء بعد ذلك، فقد ترى واقعة انتشار هائل للفيروس». وأضاف: «إذا حدث أن أمضى ذلك الشخص المساء في المنزل، فربما لا يحدث أي انتقال».



أين يحدث الانتشار الهائل؟



ظل العلماء يتتبعون تجمّعات المصابين بمرض كوفيد 19 منذ بدء الوباء. تقول الدكتورة غوين نايت من كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة: «وجدنا أنّ العديد من الأماكن هي ما كنّا نتوقع. لذا، فإنّ أماكن الرعاية - المستشفيات ودور الرعاية - للأسف ستظهر فيها إصابات. وكذلك السفن السياحية، وهو أمر نعرفه من الأمراض المعدية الأخرى».



لكنّ الدكتورة غوين نايت وجدت أيضاً مجموعات من المصابين تظهر بشكل متكرر في أماكن أخرى، مثل مصانع تجهيز اللحوم، والفرق الغنائية، والحانات، وصالات الرياضة. كل هذه الحالات تتضمن البقاء خلف أبواب مغلقة، في اتصال وثيق مع آخرين، لفترات طويلة من الزمن.





لكنّ الدكتورة نايت تقول إنّ هناك خيطاً مشتركاً آخر. وتوضح: «من المرجح أن تكون هذه الأماكن صاخبة». وتضيف: «من الواضح أن ذلك يؤثر على نوع التنفس الذي تقوم به». وتتابع: «هناك فرضية مفادها أنه بسبب الصوت العالي، وأنك تطرد هواء أكثر أو أسرع، فقد يكون هذا هو ما يجعل المكان أكثر خطورة».



وتوضح: «ربما يكون السبب أنك تكون منخرطاً في تمرين، يتطلب منك التنفس بشكل أكبر وأكثر عمقاً، على عكس التنفس الأكثر هدوءاً، على سبيل المثال».



هل يمكن أن يحدث الانتشار في الهواء الطلق؟



تقول الدكتورة «ميوج سيفيك» من جامعة سانت أندروز في اسكتلندا: «ليست كل الأنشطة، وليست كل البيئات معرّضة لخطر العدوى نفسه». وأضافت: «لذا، على سبيل المثال، سيكون خطر العدوى أعلى في الأماكن المغلقة مقارنة بالأماكن المفتوحة».



«ولكن في الهواء الطلق، يشعر الناس عموماً بالقلق من مرور راكبي الدراجات أو العدائين، ولكن ذلك سيكون أقل خطورة». وتتابع: «يمكننا أن نقول إنّ خطر انتقال العدوى (في هذه الحالة) لا يكاد يذكر. بينما إذا قضيت يوماً كاملاً ضمن مجموعة كبيرة في حديقة، وإذا قمت بتبادل الطعام وكان لديك اتصال وثيق حقاً، أقل من مسافة مترين، فإنّ الخطر لا يزال أقل مقارنة بوجودك في مكان مُغلق مثل المنزل». وتقول إنّ غسل اليدين والتباعد الاجتماعي وعدم مشاركة الأواني أمر مهم.



ما أهمية تجنّب التفشي السريع للفيروس؟



كانت إجراءات الإغلاق الصارمة أداة قاسية لوقف انتشار الفيروس التاجي. ولكن مع انخفاض العدوى وانفتاح العالم، يقول العلماء إنّ هناك حاجة إلى نهج أكثر تركيزاً. تقول الدكتورة سيفيك: «نحن بحاجة إلى فهم حركة انتقال العدوى، حتى نتمكن من تضييق تركيزنا على تتبّع المخالطين».



وتضيف: «لكن إذا تمكنّا من تجنب حالات الانتشار السريع تلك، والبيئات والأنشطة المرتبطة بها، يمكننا تقليل ما يقرب من 80 في المئة من الإصابات».