كمال ذبيان- «الحراك الشعبـي» من جديد بـ «خيم وتجمّعات كثيرة» ودعوات «مشبوهة»

  • شارك هذا الخبر
Friday, June 5, 2020

مع تخفيف الاجراءات الرسمية في مواجهة وباء «كورونا» والحد من تفشيه يعود «الحراك الشعبي» الى الشارع والذي كان بدأ في 17 تشرين الاول الماضي وبشكل عفوي، رفضا لزيادة الرسوم على مكالمات «الواتساب» لكنه لم يتمكن انتاج قيادة له ولا برنامج موحداً، بالرغم من محاولات عديدة جرت من اجل قيام ترابط بين كل المجموعات التي خرجت الى ساحتي الشهداء ورياض الصلح واقامت لها خيما، كل منها رفع شعارات ومطالب متعددة وكان الجامع بينها هو محاربة الفساد، واعتبار كل من تولى السلطة منذ ما بعد اتفاق الطائف في 1990 متورطا بالهدر والصفقات، ومسببا لحالة الافلاس.

فالدعوة الى التحرك ليست واحدة، اذ ينظر اليساريون وقوى تقدمية، اليها على انها مشبوهة ومنها من دعا الى التجمع امام قصر العدل عند الساعة 11 من قبل ظهر غد السبت تحت عنوان «لا لدويلة داخل الدولة وتطبيق القرار 1559» ويذهب هؤلاء الى المطالبة بوضع القرار 1701 تحت البند السابع اضافة الى العمل بموجب القرار 1682 اذ ان هذه القرارات والدعوة الى تطبيقها لا تتطابق مع اسباب «ثورة 17 تشرين» واهدافها، التي تحصر مطالبها بمحاربة الفساد واسترداد المال المنهوب واسقاط الطبقة السياسية الحاكمة واعتبار كل من شارك في السلطة مسؤولا عن تردي الاوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية وارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب والخريجين، وازدياد الفقر، الذي بلغ نحو 60% مع ظهور وباء «كورونا» الذي عطّل الاقتصاد في العالم، وذهب به الى الركود وتراجع النمو.

ومنذ صدور القرار 1559 في مطلع ايلول 2004 جرى وصفه بانه سينتج فتنة في لبنان اذ اظهر انقساما حوله وهو يهدف الى منع التمديد للرئىس اميل لحود وانسحاب القوات السورية من لبنان، وتجريد الميليشيات من سلاحها، والمقصود حزب الله كفصيل مقاوم ضد الاحتلال الاسرائىلي، وهذا القرار الذي صاغته كل من اميركا وفرنسا بتفاهم بين الرئيسين جورج بوش وجاك شيراك حصل في لقاء جمعهما في «النورماندي» في فرنسا في حزيران 2004، تتسبب باغتيال الرئيس رفيق الحريري، وانقسم سياسيا لبنان بين 8 و14 آذار، ومن يشكر سوريا من حزب الله الى حركة «امل» وحلفائّما الى من يدعو الى انسحاب قواتها وخلق اغتيال الحريري انقساما مذهبيا بين السنة والشيعة وتوجهت الاتهامات الى النظام الامني اللبناني - السوري على انه وراء الاغتيال وتم التحقيق مع رموزه، وسجن الضباط الاربعة الامنيون في لبنان.

واعادة استحضار القرار 1559 والتحرك لتطبيقه، وربط وجود السلاح بيد حزب الله على انه مسبب للفساد وافقار اللبنانيين واتهامه بأنه يغطي التهريب عند الحدود ويستنزف الخزينة بمنع دفع الرسوم والضرائب فهو انحراف عن اهداف حراك 17 تشرين، وفق ما تؤكد مصادر فيه وتعتبر ان الدعوة غدا من جهة او جهات لتطبيق القرار 1559 وقرارات دولية اخرى انما يدخل لبنان في انقسام قد يؤدي الى صدام وفتنة، اذ قامت مجموعة مؤيدة للمقاومة بالتجمع الاسبوع الماضي امام المتحف، ضد من يطالب بنزع سلاح المقاومة وهو مطلب اميركي - اسرائىلي، نتج عنه عدوان اسرائىلي على لبنان في تموز 2006، وصدمت المقاومة بوجهه مدة 33 يوما وبقي سلاحها لا سيما الصاروخي منه وازداد عددا ونوعا على مدى 14 عاما، وان اطرافا لبنانية اساسية تعلم بأن فتح نقاش حول سلاح المقاومة، ليس منه فائدة، فاتجه الرئىس سعد الحريري الى «ربط نزاع» مع حزب الله ووليد جنبلاط الى «تنظيم الخلاف» و«القوات اللبنانية» الى المهادنة وقراءة ما يجري في المنطقة.

لذلك، فإن الدعوة الى تطبيق القرار 1559، ظهرت يتيمة، وعلى غير توقيت حراك اخر فيه دعوة الى انتخابات نيابية مبكرة يشارك فيه «حزب الكتائب» ومعه «حزب سبعة» اضافة الى ان في صيدا سيبدأ حراك اليوم الجمعة مدعوم من «التنظيم الشعبي الناصري» وقوى وتيارات اخرى كي لا يتزامن مع دعوات وصفها بأنها غير بريئة كما ان العسكريين المتقاعدين يتقدمهم النائب شامل روكز سيكون لهم حراكهم مع مجموعات اخرى بعد ان دعا روكز الى «الثورة» التي قامت باسمها «هيئة تنسيق» ستعود لتختبر وجودها وفاعليتها، حيث تبقى «المنتديات» التي نشأت برعاية بهاء الحريري، وهي صاحبة القرار في المناطق ذات الغالبية السنية، بحيث تسربت قيادات وعناصر من «تيار المستقبل» اليها ويحاول بهاء استرداد ارث «الحريرية السياسية» من شقيقه.

والحراك الذي لم يلحظ المواطنون تأثيره، سوى ما قيل عن استقالة حكومة سعد الحريري، فهو ينطبق عليه الوصف «مجموعات وخيم بحراكات كثيرة» فالعنوان الوحيد ا لذي يجمع اللبنانيون عليه وهو انقاذهم من الجوع والفقر والبطالة، وتحريرهم من الفساد والارتهان السياسي للفاسدين، واستعادة اموالهم، وفرض رسوم وضرائب على من اثرى بطرق غير شرعية، اذ يؤكد من اطلقوا شرارة 17 تشرين الاول بأن تحركهم كان عفويا فعلا لكن العودة اليه لا بدّ ان تكون منظمة وبقيادة وبرنامج لان الذين تسللوا اليه هم من الذين نتحرك ضدهم، لان شعار «كلن يعني كلن» ولا يهم الناس صراع الاشقاء على الوراثة السياسية (بهاء وسعد) ولا تبهرنا دعوات براقة لانتخابات مبكرة ولا توزيع الاتهامات بين هذا الفريق وذاك.