ترامب يراهن على الأكثرية الصامتة

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, June 3, 2020

نداء الوطن

يُحارب "المحور المعادي" للرئيس الجمهوري دونالد ترامب على كافة الصعد ومختلف الجبهات لمنعه من التجديد في انتخابات 3 تشرين الثاني، مستخدمين كلّ الأسلحة "الشرعيّة وغير الشرعيّة" المتوفّرة في جعبتهم لتحقيق هذا الهدف، بينما يتصدّى ترامب بكلّ ما أوتي من قوّة "مرئيّة وغير مرئيّة" لكسب "الحرب الرئاسيّة" التي سخّر لها كلّ طاقاته منذ ما قبل العام 2016، معتمداً بشكل خاص على "الأكثريّة الصامتة" التي يُلوّح بها باستمرار والتي قلبت موازين القوى لصالحه في مواجهة هيلاري كلينتون سابقاً.

وفي هذا الصدد، توجّه ترامب مساء الإثنين سيراً من البيت الأبيض إلى كنيسة "سانت جون"، التي يُطلق عليها اسم "كنيسة الرؤساء"، المجاورة لمقرّ الرئاسة والتي طالتها أعمال التخريب بعدما أضرم فيها مشاغبون النيران ليل الأحد.

ووقف الرئيس الأميركي أمام المعلم التاريخي الذي يُحاكي الوجدان الأميركي، رافعاً بيمناه الكتاب المقدّس قائلاً: "لدينا بلد عظيم. هذا أعظم بلد في العالم وسوف نضمن أمنه ونُعيده أفضل من أي وقت مضى"، مخاطباً بذلك وجدان قاعدته المسيحيّة المحافظة ومعها الطبقة الوسطى التي أُصيبت في الصميم بعد تفشّي الجائحة وأعمال النهب والتخريب، فيما كان أدلى "خطاباً إلى الأمة" من حديقة الورود في البيت الأبيض قبل ذلك بوقت قليل، أشار خلاله إلى أنّه سيتوجّه إلى مكان "مميّز جدّاً جدّاً"، في إشارة إلى كنيسة "سانت جون".

وفي خطابه المقتضب إلى الأمة أعلن ترامب نشر "آلاف الجنود المدجّجين بالأسلحة وعناصر من الشرطة في واشنطن"، واصفاً ما شهدته العاصمة الفدراليّة الأحد من أعمال شغب وتخريب ونهب بأنّه "وصمة عار". كما اعتبر أن أعمال الشغب التي تشهدها منذ أيّام عدّة عشرات من المدن الأميركيّة، "إرهاب داخلي"، داعياً حكّام الولايات إلى أخذ الإجراءات اللازمة "للسيطرة على الشوارع" وإلّا سينشر الجيش داخل المدن لحسم الموقف.

وفي وقت اتهم فيه المرشّح الديموقراطي ونائب الرئيس السابق جو بايدن، ترامب، بأنّه "قلق حيال إعادة إنتخابه أكثر من قلقه على جمع شمل أميركا مقسّمة تهزّها أعمال العنف"، واعداً الشعب الأميركي بأنّه "لن يستغلّ مشاعر الخوف والانقسام ولن يؤجّج مشاعر الحقد ولن يسعى إلى الاستغلال السياسي"، بل "سيُحاول تضميد جراح العنصريّة"، سارع الرئيس الجمهوري إلى الردّ على هجوم خصمه بالقول: "النعسان جو يعمل في السياسة منذ 40 عاماً، ولم يفعل شيئاً. الآن يتظاهر بأنّ لديه الإجابات وهو لا يعرف حتّى الأسئلة"، مضيفاً: "لن يتغلّب الضعف على الأناركيين واللصوص والبلطجيّة، وكان جو ضعيفاً سياسيّاً طوال حياته!".

في الأثناء، وجّهت السلطات الفدراليّة الأميركيّة اتهاماً إلى رجل من ولاية إيلينوي كان قد نقل معدّات متفجّرة إلى تظاهرات في مينيسوتا، بالتحريض على الشغب، في أوّل اتهام يُوجّه منذ بدء أعمال التخريب. وجاء في المستندات الصادرة عن محكمة فدراليّة أن ماثيو لي روبرت البالغ 28 عاماً، اجتاز 500 كلم للوصول إلى جنوب مينيابوليس وكانت نيّته النهب والتسبّب بأضرار جسيمة. وهذا الانتقال من ولاية إلى أخرى يُعطي الحكومة الفدراليّة حق ملاحقته.

وأوضحت وزارة العدل الأميركيّة أنّه في مقطع فيديو نشره بنفسه على الإنترنت في 29 أيّار، يُمكن رؤيته "يُمرّر معدّات متفجّرة كانت بحوزته ويُشجّع أشخاصاً آخرين على رميها على قوّات حفظ النظام". وبحسب نصّ الشكوى، كان بالإمكان سماعه في الفيديو يقول: "لدي قنابل إذا يُريد بعضكم إطلاقها... امسكوا، لدي المزيد... اشعلوها وارموها". وأكد ترامب ووزير العدل بيل بار مراراً أنّهما سيُعاقبان حركة "أنتيفا" اليساريّة المتطرّفة وغيرها من الجماعات اليساريّة الراديكاليّة على أعمال العنف.

توازياً، أعلنت وزارة الدفاع الأميركيّة رفع درجة تأهّب القوّات المكلّفة حماية مقرّها في مبنى البنتاغون الواقع في ولاية فيرجينيا والقواعد العسكريّة قرب دائرة كولومبيا التي تحتضن العاصمة واشنطن، فيما ذكرت قيادة الحرس الوطني أن 18 ألف عنصر من قوّاته انتشرت حتّى الآن للتعامل مع أعمال التخريب والنهب في 29 ولاية أميركيّة.

وأعلن رئيس بلديّة نيويورك الديموقراطي بيل دي بلازيو بالأمس أن حظر التجوّل الذي أُعلن في المدينة بعد أعمال الشغب العنيفة وعمليّات النهب الواسعة سيبقى سارياً حتّى الأحد في السابع من حزيران، رافضاً في الوقت عينه نشر الحرس الوطني في العاصمة الاقتصاديّة الأميركيّة، بينما اعتبر حاكم نيويورك أندرو كومو أن عمليّات النهب الواسعة والخطرة "لا يُمكن تبريرها"، لافتاً إلى أن رئيس البلديّة والشرطة "لم يقوما بعملهما". وإذ اعتبر ترامب أن رفض كومو عرضه بنشر الحرس الوطني في المدينة، جعلها "فريسة سهلة للمخرّبين والرعاع"، قال: "الحاكم رفض قبول عرضي نشر عناصر من الحرس الوطني، فتمزّقت المدينة إلى أشلاء".

وبالفعل، فقد تجدّدت ليلاً أعمال العنف في مدن أميركيّة عدّة شهدت عمليّات نهب ومواجهات عنيفة مع الشرطة، التي باتت هدفاً لبعض الخارجين عن القانون الذين عمدوا إلى إطلاق النار ودهس عناصر من الشرطة في أكثر من مدينة، خصوصاً في سانت لويس في ولاية ميزوري، ما تسبّب بسقوط عدد من الجرحى بعضهم حالتهم حرجة.

وفي واشنطن، حاصرت الشرطة حشداً من المحتجّين بإطلاق القنابل الصوتيّة وبمؤازرة من المروحيّات، وأوقفت أكثر من 300 شخص. ومن لوس أنجليس إلى فيلادلفيا، تواصلت الاضطرابات لليلة السابعة توالياً في 140 مدينة على الأقلّ، وأُوقف المئات وسُجّلت إصابات في صفوف قوّات الأمن والمحتجّين.