الاحتجاجات في أميركا تتّسع.. وصدمة أوروبية وروسية من العنف المفرط

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, June 3, 2020

اللواء

تجددت ليلا أعمال العنف في مدن أميركية عدة شهدت عمليات نهب ومواجهات مع الشرطة، وذلك على الرغم من تعهّد الرئيس الأميركي باعادة النظام العام وإن اقتضى الأمر نشر الجيش.

وبعد مرور ثمانية أيام على وفاة جورج فلويد، الأميركي الأسود الذي قضى اختناقا خلال توقيفه في مينيابوليس على يد شرطي أبيض ضغط بركبته على عنقه حتى الموت، لا يزال الغضب العارم من العنصرية، والعنف الممارس من قبل الشرطة واللامساواة الاجتماعية في حالة غليان.

وتعهّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب امس مجددا حفظ النظام العام غداة خطاب حازم تناول فيه الاضطرابات الأخيرة من دون إيجاد أي حل لدوافع الغضب الشعبي.

وأكد ترامب في تغريدة أن واشنطن لم تشهد «أي مشاكل الليلة الماضية».

وبعد تصريحه، سار ترامب من البيت الأبيض في منطقة أُخليت من أجله إلى كنيسة القديس يوحنا الأسقفية حيث حمل إنجيلا بينما كانت الصور تلتقط له مع ابنته إيفانكا ووزير العدل وليام بار.

وكان كبير أساقفة الكنيسة مايكل كاري ممن انتقدوا استخدام ترامب الكنيسة التاريخية لالتقاط الصور.

وكتب على موقع تويتر «لقد استخدم مبنى كنسيا والإنجيل المقدس لأغراض سياسية حزبية». وتعرضت الكنيسة لحريق صغير خلال الاحتجاجات مساء الاثنين.

وأعلن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر امس إصداره أوامر بتحريك كتيبتين من الشرطة العسكرية وفرقة المشاة 82 إلى واشنطن.

وأوضحت وزارة الدفاع الأميركية في بيان أنها استدعت 1500 عنصر من الحرس الوطني من خمس ولايات بهدف نشرهم في واشنطن وأن تعداد قوات الحرس الوطني في العاصمة سيبلغ خلال اليوم 2800 عنصر.

وعززت وزارة الدفاع الأميركية إجراءات الحماية في محيط مقرها والطرق الفاصلة بالعاصمة واشنطن لفرض الأمن.

في المقابل، رفض حاكم ولاية فرجينيا الأميركية رالف نورثهام طلبا من إسبر بإرسال ما بين 3000 إلى 5000 من عناصر الحرس الوطني بالولاية إلى واشنطن العاصمة ردا على الاحتجاجات العنيفة، وفقا لمدير مكتب نورثهام، كلارك ميرسر.

إلى ذلك، أعلن رئيس بلدية نيويورك أن حظر التجول الذي أعلن في المدينة بعد تظاهرات عنيفة وعمليات سرقة سيبقى ساريا حتى الأحد في السابع من حزيران.

وأوضح بيل دي بلاسيو أن حظر التجول سيسري اعتبارا من الثلاثاء من الساعة 20,00 حتى الساعة الخامسة صباحا، بعدما كان تنفيذه يبدأ في الساعة 23,00..

وقال آندرو كومو حاكم ولاية نيويورك الأميركية إن الشرطة في مدينة نيويورك فشلت في حماية الأعمال والجمهور من النهب وغيره من أوجه النشاط الإجرامي ليل الإثنين مضيفا أن رئيس بلدية المدينة رفض تلقي مساعدة الحرس الوطني.

وقال كومو في إيجاز صحفي يومي عن فيروس كورونا «إدارة الشرطة في نيويورك ورئيس البلدية (بيل دي بلاسيو) لم يؤديا واجبهما الليلة الماضية».

وكانت قوات الأمن فرّقت مساء الإثنين بالغاز المسيل للدموع حشدا من المتظاهرين قرب البيت الأبيض، لإفساح المجال أمام توجّه الرئيس إلى كنيسة تعرّضت للتخريب.

ولاحقا خرق متظاهرون حظر التجول الليلي المفروض في العاصمة الأميركية وعدد من المدن الكبرى. إلى ذلك، أفادت السلطات الأميركية في وقت سابق، أن أربعة رجال شرطة أصيبوا بطلقات نارية بعد احتجاجات في سانت لويس، التي بدأت سلمية ثم تحولت للعنف خلال الليل، حيث حطم المتظاهرون نوافذ وسرقوا مقتنيات من شركات، وأشعلوا حرائق في وسط المدينة

وفي واشنطن حاصرت الشرطة حشدا من المحتجين بإطلاق القنابل الصوتية وبمؤازرة من المروحيات وأوقفت أكثر من 300 شخص، غالبيتهم بتهمة خرق حظر التجول.

وامس أبدى ترامب ارتياحه لـ«التوقيفات الكثيرة. الكل أدى عملا جيدا»، مشيدا بما اعتبره «قوة ساحقة» و«سيطرة».

من جهته، اتّهم المرشّح الديموقراطي للرئاسة جو بايدن الرئيس الأميركي بأنه «حول البلاد إلى ساحة معركة مليئة بأحقاد الماضي وبمخاوف جديدة».

وخلال زيارة إلى فيلادلفيا قال بايدن إن ترامب «يعتقد أن الانقسام يفيده»، متعهّدا بـ«بلسمة الجراح العنصرية التي تدمي بلدانا منذ زمن بعيد».

وشهدت مدينة مينيابوليس، التي انطلقت منها موجة الغضب الأخيرة، ليلة هادئة نسبيا بعد أعمال العنف التي سُجّلت مؤخرا.

وأعلنت شرطة المدينة توقيف عدد من الأشخاص لخرقهم حظر التجول.

ومن لوس أنجليس إلى فيلادلفيا تواصلت الاضطرابات لليلة السابعة على التوالي في 140 مدينة على الأقل، وأُوقف المئات وسُجّلت إصابات في صفوف قوات الأمن والمحتجين.

وفي نيويورك، تعرّض عدد كبير من المتاجر في الجادة الخامسة الشهيرة للنهب، وأعلنت الشرطة توقيف «مئات» الأشخاص.

وإزاء الاحتجاجات التي تشهدها مدن الولايات المتحدة حيث فاقمت جائحة كوفيد-19 اللامساواة الاجتماعية والعرقية، اكتفى ترامب بالإشارة إلى «تمرّد» الأميركيين في مواجهة ظروف وفاة جورج فلويد.

وأظهر تقرير الطبيب الشرعي أن فلويد قضى اختناقا جراء «الضغط على عنقه» واصفا الأمر بأنه جريمة قتل، ولو أنه أشار إلى أن أنه كان تحت تأثير مخدّر أفيوني.

ولم تسهم إقالة الشرطي ديريك شوفين الذي وجهت اليه تهمة القتل غير العمد، وتوقيفه لاحقا في تهدئة النفوس.

وكان من بين قوات الأمن التي تحركت ضد المحتجين عند البيت الأبيض الشرطة العسكرية التابعة للحرس الوطني وأفراد من جهاز الخدمة السرية وقوات من وزارة الأمن الداخلي بالإضافة إلى شرطة مقاطعة كولومبيا.

وقال البيت الأبيض إنه كان يخلي المنطقة قبيل سريان حظر تجوال.

وبعد ساعات قليلة من اشتباكات واشنطن، شارك آلاف في مسيرة بشوارع بروكلين مرددين «العدالة الآن!» بينما تحركت سيارات إلى جانبهم وأطلقت بعضها أبواقها دعما لهم.

وأظهرت لقطات تلفزيونية حشودا تحطم واجهات متاجر فاخرة في شارع فيفث أفينيو في منهاتن وتنهبها، قبل بدء الحظر بالمدينة الساعة 11 مساء. وقال رئيس البلدية بيل دي بلاسيو إن الحظر سيبدأ في الثامنة مساء اليوم الثلاثاء (امس).

وصدمت سيارة شرطيين في احتجاج في بافلو في نيويورك وقال مارك بولونكارز المسؤول الإداري بمقاطعة إيري إنه يعتقد أن قائد السيارة وركابها في الحجز. ولم يتضح بعد ما إذا كان الحادث متعمدا.

وفُرض حظر التجول في عشرات المدن الأمريكية وبمستويات لم تشهدها البلاد منذ أعمال الشغب التي أعقبت اغتيال مارتن لوثر كينج عام 1968. وانتشر الحرس الوطني في 23 ولاية وفي العاصمة واشنطن.

وكان معظم الأميركيين قد خرجوا للتو بعد أسابيع من أوامر صارمة «بالبقاء في المنزل» فُرضت لاحتواء الجائحة.

ووقف عشرات يوم الاثنين حدادا على فلويد قرب الموقع الذي شهد وفاته ووضعوا الزهور واللافتات. وكتبت فتاة صغيرة على الطريق «سأقاتل معك».

وقال تيرانس فلويد، أخو الضحية، للحشد إنه يريد توفير التعليم والتصويت لا اللجوء للعنف والدمار. وقال «لنفعل هذا بطريقة أخرى».

وفي ردود الفعل، عبر الاتحاد الأوروبي عن صدمته لوفاة فلويد الذي قضى اختناقا اثناء قيام شرطي أبيض باعتقاله، وأبدى أسفه «للاستخدام المفرط» للقوة من قبل رجال الشرطة كما أعلن وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل.

وقال جوزيب بوريل خلال مؤتمر صحافي في بروكسل «هنا في أوروبا، على غرار شعب الولايات المتحدة، نحن مصدومون إزاء وفاة جورج فلويد. أعتقد أن كل المجتمعات يجب أن تبقى متيقظة أمام الاستخدام المفرط للقوة» من قبل قوات الأمن.

ومن جهته، قال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن العنف الذي تشهده الاحتجاجات في الولايات المتحدة هو أمر مقلق للغاية.

بدورها، أعربت روسيا، عن «صدمتها» للعنف الذي تستخدمه الشرطة الأميركية ضد الصحافيين وخصوصا بحق مراسلة لوكالة سبوتنيك الروسية التي تعرضت للعنف أثناء تغطيتها للإضطرابات التي تهز الولايات المتحدة.

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان «نشعر بصدمة للعنف المستمر الذي تستخدمه عناصر الشرطة الأميركية بحق الصحافة العالمية التي تغطي التظاهرات».