توابل الإنفجار بقلم راشد فايد

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, June 2, 2020


راشد فايد
النهار

قد تكون الإنتفاضة الثانية انطلقت متعثرة، كما قالت "النهار" أمس، لكن الثابت أنها انطلقت من نقطة الوجع الرئيسي لهذا الوطن: دولة برأسين، رئيس ومرشد، وجيشين، دولتي يعطف عليه الغرب، وميليشياوي موئله ايران، وهو كيفما تحرك تحت وصاية القوة الناعمة لـ"حزب الله"، ولو أوصلته إلى الجوع والعوز. فكل ما يجري في البلاد، منذ "اتفاق الدوحة" 2008، وحتى الغد، يزيدها تقهقرا، ولا يغرنك أدوار السياسيين المسرحية، فهم لا يدرون ماذا يفعلون، منذ تأبيد دور الحزب بثلاثية خشبية كما سماها الرئيس السابق ميشال سليمان، هذفها إضفاء الشرعية على مخطط الحزب لتكريس لبنان "جزءا من الجمهورية الإسلامية".

لم يعد خافيا أن مستقبل لبنان رهن بندقية يحملها غلام من الحزب، أقنعه قادته بأن ولاية الفقيه أعلى شأنا ومقاما وفاعلية من أي قانون لبناني وضعي، ومن دستور الطائف، وحتى أي دستور بديل. والضاحية ، وغيرها، نموذج، حيث لم يُقمع أي إعتداء على أنظمة البناء، والمشاعات البلدية وغير البلدية، وحق الجيرة، وما إلى ذلك، من أمور في المخفر إلا إذا أجاز ذلك المرجع الديني المحلي، بينما محاربة المخدرات لا "تمشي" إذا لم ينبه إلى أنها من أمائر الإيمان.

منذ 17 تشرين الأول الفائت، والحزب يجس نبض الثورة ليرسم حدود الصدام و"التساهل" معها. حاول في البداية ترهيبها، بتحريك جماعاته، وجماعات حليفه في الثنائي الشهير، من حي الخندق الغميق، إلى جسر الرينغ، بحجة الذئب الذي اشتكى، وهو يقف عند رأس العين، من كون الحمل، الواقف عند المصب، يعكر ماءه. وهكذا لم تحل مسافة كيلومتر بين الجسر والخندق دون محاولة جرها إلى التطييف. وللرد على تعالي الثوار على الانتماءات الطائفية والمذهبية، ارتفع تحريم ذكر قيادات سياسية بعينها، تحديدا السيد حسن نصر الله والرئيس نبيه بري، اللذين يعرفان أن القداسة لا تجتمع مع السياسة، ولا تأتلفان. لكن هو مسمار جحا الجديد، لضرب الحركة الديموقراطية الواعدة. فكل شعار ترفعه يؤدي إلى رفض بقاء سلاح خارج قرار الدولة باسم مقاومة باتت ذكرى، وميليشيا تسمى شرطة مجلس النواب.

مع ذلك، نذهب إلى صندوق النقد الدولي بمواصفاتنا الهزيلة: حدود مشرّعة لكل تهريب ممكن، ودولة كرتونية تديرها ميليشيا، أمنا وسياسة، وحكامها الدستوريون ستارة لكل ما يناقض الدستور.، فيما أكثر من مئة يوم في عمر الحكومة لم تحمل سوى الفشل والروتين، فلا حل "ثوريا" لمشكلة الكهرباء، ولاحل لمشكلة الأملاك البحرية، فيما تفتقت عبقرية الحزب ومطبلوه عن حل مدمر لما بقي للبنان من احترام العالم :الإنفتاح شرقا على الهلال الشيعي الذي لا يجد من يطعمه. أي، ضمنا، تجاهل قانون قيصر الأميركي، وتناسي قول السفيرة الأميركية " لامساعدات من الدول المانحة إلا إذا رسمت الدولة اللبنانية حداً فاصلا بينها وبين "حزب الله".
بين ما يطلبه الصندوق وما يحمّله الحزب للعهد وحكومته، كل "توابل" الإنفجار تنتظر.