خاص- مخزومي: الطبقة السياسية فاسدة وجوّعت الناس.. وأنا أدعم مطالب الثورة وستعود بوتيرة اكبر..

  • شارك هذا الخبر
Sunday, May 31, 2020

خاص- عبير عبيد بركات


أثبت رجل الأعمال والنائب فؤاد مخزومي يوما بعد يوم تمركزه على أرضية سنية صلبة في بيروت فهو نموذج يعكس تجربة إنسانية فريدة ومتميزة، شخصيته السياسية البارزة جعلت منه رقما صعبا لا يساوم على حساب قناعاته، وفي ظل التطورات المستجدة على الساحة السياسية اللبنانية التقته الكلمة أونلاين في حوار شيق جاء فيه:

•ما رأيك في أداء الحكومة وخاصة بموضوع الخطة الأقتصادية؟ أين الإصلاحات التي أتت هذه الحكومة من اجلها؟

إن لبنان يمر اليوم بوضع اقتصادي ومالي ومعيشي وصحي صعب، والشعب يطالب هذه الحكومة بحلول وإصلاحات حقيقية، لا سيما أن المعايير التي تشكلت على أساسها تمحورت حول عناوين أساسية أبرزها وقف الهدر واسترجاع الأموال المنهوبة. ومنذ إقرار الخطة الإقتصادية أكدنا على أنها تحمل إيجابيات لأنها أقرت بالفساد واعترفت بالمشاكل التي يعاني منها الاقتصاد لكن تبقى العبرة في الإلتزام بالإصلاحات المطلوبة ومن بينها تحقيق إستقلالية القضاء والتعامل بشفافية وعلانية مع ملفات الفساد ومحاكمة الفاسدين، فهذه أهم مطالب ثورة 17 تشرين. لكننا نرى أن حراك الحكومة باتجاه استعادة الأموال المنهوبة ومكافحة الفساد هزيل ومحبط، وعلى الحكومة كي تثبت جديتها إصدار المراسيم التطبيقية لقانون حق الوصول للمعلومات. فمن الضروري إيجاد حلول سريعة وفعالة لاستعادة ثقة الشعب المأزوم من جهة، والحفاظ على استقرار البلد وتحسين صورة لبنان أمام المجتمع الدولي من جهة أخرى.

• الوضع الإقتصادي صعب جداً، كيف تتوقع أن ينجو لبنان من هذه الأزمة؟ وهل من حل من دون الاستعانة بصندوق النقد الدولي؟

نعم الوضع الاقتصادي صعب جداً، لكن الحلول أيضاً واضحة وتتمثل بشكل أساسي باستعادة الأموال المنهوبة وفتح ملف المباني المستأجرة غير المستخدمة إبان الحكومات المتعاقبة وإقفال المعابر غير الشرعية واستعادة الاملاك البحرية خصوصاً من الطبقة السياسية الحاكمة أو التي كانت في الحكم ومن المقربين منهم وإلغاء سيطرة كارتيلات النفط والدواء ومراقبة الحدود حيث تجري عمليات التهريب، واستكمال التحقيق في قضية الفيول المغشوش، والتحقيق في التوظيف العشوائي الذي تم قبيل الانتخابات النيابية 2018، وكذلك سلسلة الرتب والرواتب التي أقرت كرشوة فيما هي أصابت الاقتصاد في مقتل، وفرض ضرائب تصاعدية على الجميع.

أما بالنسبة لصندوق النقد الدولي فقد لاحظنا خلال اجتماع لجنة المال والموازنة أن كل من وزارة المال والمصارف والمصرف المركزي زوّدنتا بأرقام متضاربة وهذه مشكلة أساسية. فكيف سنتفاوض مع الصندوق ونحن لا نملك أرقام حقيقية تبيّن حجم الأزمة؟ كما نرى أن هنالك أكثر من وفد يتفاوض مع صندوق النقد، علماً أن وزارات المال المتعاقبة "طنشت" كما كان يحصل في الماضي على ممارسات المصرف المركزي من أجل تحقيق مصالح الطبقة السياسية.

لا يمكننا اليوم إلقاء اللوم على طرف دون آخر في ما وصلت إليه الأمور فالجميع مسؤول، لكن الطبقة السياسية تأتي في المرتبة الأولى في هذه الجريمة الموصوفة بحق اللبنانيين، يليها المصرف المركزي ومن ثم يأتي جشع المصارف. برأينا يجب أن تكون أية مساعدات يقدمها الخارج مشروطة باسترداد الأموال المنهوبة ومكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وإلا فإن أموال المساعدات ستجيّر لمصلحة القوى السياسية كما كان يحصل في الحكومات المتعاقبة على مدى عقود وسيبقى البلد رهينة منظومة الفساد التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه.

• ما هي آلية استعادة الأموال المنهوبة برأيك؟ وهل يمكن أن تتم أو أنها فقط استثمارات إعلامية؟

لا أعتقد أن هنالك نية لدى السلطة الحاكمة باسترجاع الأموال المنهوبة. كل ما لديهم هو المزيد من الوعود لتخدير الناس.

أما بالسنبة للآلية فيجب بداية ضمان استقلالية القضاء، لأنه اذا أردنا مكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة التي هربت الى الخارج ووقف عمليات النهب والسرقة، يجب أن يكون لدينا قضاء مستقل كامل ومتخصص، وبرأيي المطلوب التحقيق وصولاً إلى الكشف عن لائحة بالشخصيات التي سحبت الدولار إلى الخارج، واعتماد تصاريح الموظفين حول أموالهم وممتلكاتهم منذ العام 1993 وحتى الآن والموجودة في مصرف لبنان للتحقيق في التغييرات التي طرأت واسترجاع المنهوبة من أموال الدولة، وذلك عبر تسوية لإعادة الأموال، فالمطلوب أكل العنب لا قتل الناطور، عبر أسلوب المصارحة والمصارحة وهذا من شأنه أن يعزز ثقة اللبنانيين بدولتهم وثقة الدول المانحة بلبنان.

• ما هو الحل الجذري للمعابر غير الشرعية والتهريب من خلالها؟

إن هذا الملف يجب أن يكون على رأس أولويات الحكومة، فهذه المعابر غير الشرعية تكبّد الدولة اللبنانية خسائر بنحو 600 مليون دولار. كما أن هذه المعابر باتت خطيرة وخطورتها اقتصادية وأمنية، وتشكل عائقاً أمام الدعم الدولي للبنان. لذا من الضروري ضبطها ووضع حد لتهريب الطحين والفيول والإلكترونيات وسواها إلى سوريا، لان هذا التسيّب هو جزء لا يتجزأ من أزمة هدر المال العام. ونعتقد أنه يجب أيضاً إلغاء الحماية عن الوكالات الحصرية ومنع الإحتكار في مجال إستيراد السلع على إختلافها، بما فيها الدواء والمشتقات النفطية والغازية، وتشجيع المنافسة وصولاً الى تقديم أفضل الخدمات للمواطن.

• ما رأيك بموضوع إلغاء اتفاق الطائف الذي تنادي به بعض المرجعيات؟

إن اتفاق الطائف هو اتفاق بغطاء عربي - دولي نرفض المس به، والدعوة إلى إسقاط هذا الدستور، هي مثل الدعوة إلى نشر الفوضى وتحطيم كيان الوطن، ونحن نستغرب بشدة ألا تثير هذه الدعوات عاصفة من الرفض خصوصاً من الجهات ذات الصلة بمطلقيها. إذ كيف يمكن القبول بهكذا طروحات لا يمكن القول عنها إلاّ أنها عدمية، ويشكل العمل بها مدخلاً جديداً إلى نحر الوطن؟ وهذه الدعوات هي بمثابة هجمة على مواقع السنة وهي مرفوضة شكلاً ومضموناً ولن نتنازل عن صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، كما لن نتنازل عن العيش المشترك ولن نسمح بالعودة للحرب الأهلية التي كلفت 17 سنة حرباً وراح ضحيتها 150 ألف لبناني و300 ألف جريح ومعوق ناهيك عن المفقودين.

إن لبنان مميز عن محيطة بصيغة العيش المشترك وهو حافظ على هذه الصيغة منذ مئات السنين.

لذا برأينا الحاجة ملحّة اليوم للتمسك باتفاق الطائف أكثر من أي وقت مضى، لا سيما أن لبنان يحتاج إلى التمسك بدستوره وعيشه المشترك في ظل عواصف المنطقة واضطراباتها. فهذا الاتفاق على أهميته لم يطبق بالشكل الصحيح، وندعو إلى تنفيذه فعلياً بكافة بنوده ومن ثم إذا اقتضى الأمر العمل على تصحيح الأخطاء، لا نسف الماضي المجيد الذي حرر لبنان من الانتداب، والتنكر لرجالات الاستقلال والصيغة. ونعتقد أن أي تعديل ممكن أن يحصل على اتفاق الطائف يجب أن يكون بعد تطبيقه من جهة، ومن ثم أن يجري التعديل برعاية دولية - عربية، فهذا الإتفاق قام بتوافق ورعاية دولية - عربية ولا يمكن إسقاطه، فلبنان بلد عربي وله موقعه العربي وإلا فإننا سنكون أمام أخذ البلد إلى الفوضى.

• أين وزارة الاقتصاد من تفلت الاسعار وكيف تتم برأيك عملية ضبط الأسعار؟

نحن اليوم أمام انكماش اقتصادي، وغياب لأي دورة اقتصادية، وسعر صرف الدولار قد لامس عتبة الـ 5000 ليرة، وتفلت غير مسبوق في أسعار السلع والمواد الغذائية التي ارتفعت بشكل جنوني، في حين أن وزارة الاقتصاد والوزارات المعنية تفتقد إلى جهاز تنفيذي حيوي يعمل على تنفيذ القرارات ووقف جنون الاسعار. لذا فإن كبح جشع بعض التجار بات يستدعي خطوات غير مسبوقة تريح المواطنين من الفوضى الحاصلة في الأسواق، وعلى الحكومة أن تشدد الرقابة على كافة القطاعات وهذه من اولوياتها في ظل الازمة الحالية. والمطلوب دعم المواد الأساسية خصوصاً الحليب والخبز والأرُز وما إلى هنالك من سلع غذائية أساسية.

• ما رأيك بموضوع التعيينات القضائية؟

لا يخفى على أحد أنه في كل مرة يُفتح ملف التعيينات نسمع سجالات ونقاشات حادة وعقيمة بين العديد من الأطراف، فقد جرت العادة أن التعيينات تتم وفق مبدأ المحاصصات السياسية والطائفية. ونحن غير راضون عما حصل في ملف التعيينات القضائية، إذ كان من المفترض أن تقوم الحكومة بمبادرة لفك الارتباط بين السياسيين والقضاء، لا سيما أن هذا الملف مرتبط بالتحقيق بموضوع الأموال المنهوبة واسترجاعها ومحاسبة الفاسدين.. وهذا ما لم نلحظه في هذا الملف.

• ما رأيك في الثورة؟ وهل ستعود بوتيرة أكبر بعد انتهاء وباء كورونا؟

لقد كنا منذ البداية مع المطالب المحقة لثورة 17 تشرين، ونحن مستمرون بدعمها ونرفض جميع المحاولات الرامية لتشويهها وحرفها عن مسارها. وأعتقد أن هذه الثورة ستعود بزخم أقوى بعد انتهاء أزمة كورونا لا سيما أن الحجر الصحي وما خلّف من تداعيات اقتصادية وإفلاس للعديد من الشركات وصرف للموظفين وارتفاع في نسب الفقر والبطالة التي من المتوقع أن تطال حوالى مليون لبناني لا سيما من فئة الشباب، سيزيد من وعي المواطنين وسينضم إلى صفوف الثورة الكثيرون من الذين سيعون أهمية مواصلة الدفاع عن الحقوق المسلوبة في وجه منظومة الفساد التي لم تحاسب.

ولا أظن أن البلد سيستقيم حاله قبل محاسبة الفاسدين واسترجاع الأموال المنهوبة. ولا يمكن إلقاء اللوم على ثورة 17 تشرين في ما آلت إليه أمور البلد فهي ليست وراء التدهور الاقتصادي بل هي من كشفت الفساد والمفسدين وإفلاس الخزينة ولم تكن اوضاع البلاد بخير أبداً قبل قدوم الحكومة التي مرّ عليها 100 يوم ولم نكن من الذين منحوها الثقة. ولا يمكننا أيضاً توجيه اللوم إلى العقوبات المفروضة على حزب الله بل إن منظومة الفساد والطبقة السياسية الفاسدة هي المسؤولة الأولى عن هذا التدهور الاقتصادي والمالي الخطير.

Abir Obeid Barakat