خاص- مصير لبنان بين يدي صندوق النقد: هل يفرض شروطا سياسية؟ - بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Monday, May 4, 2020

بولا أسطيح

خاص "موقع "الكلمة أونلاين"

أقرت الحكومة اللبنانية بكل مكوناتها بأن لا خيار لها لوقف الانهيار الحاصل الا بالاستعانة بصندوق النقد الدولي. فبعد ان ارتفعت في الاشهر الماضي الاصوات المهاجمة للصندوق وبخاصة صوت حزب الله الذي اعلن رفضه الخضوع ل "ادوات استكبارية" في علاج الأزمة المالية والاقتصادية اللبنانية، و"رهن اقتصادنا ومجتمعنا ومستقبل أهلنا لجهات خارجية"، خفتت هذه الموجة تباعا مع اقتناع كل الفرقاء ان اي رفض لمساعدة الصندوق يعني عمليا الاستمرار في سقوط حر يؤدي لدمار البلد على المستويات كافة.
ولا شك ان الرحلة مع صندوق النقد لن تكون أشبه بنزهة، انما ستكون شاقة ومرهقة لعموم الشعب اللبناني اضف انها ستكون اشبه بمغامرة غير مستحبة لحزب الله بشكل خاص الذي يخشى ان تترافق الشروط المالية والاقتصادية التي سيضعها الصندوق والتي لا يحبذ الحزب الكثير منها، مع شروط سياسية تفرضها الولايات المتحدة الاميركية بطريقة او بأخرى طالما هي تمتلك حق النقض وبالتالي رفض مد يد المساعدة للبنان في حال لم يتجاوب مع مطالب معينة. ولا تزال الحكومة والقوى السياسية تعول على الا تدفع واشنطن لبنان الى تحد من هذا النوع لعلمها بأن الحزب الذي أبدى مرونة معينة بقبوله طلب مساعدة الصندوق، لن يتأخر بالعودة الى تشدده في حال تم فرض شروط سياسية تطاله مباشرة.
ولا ينحصر التحدي الذي ينتظرنا على امكانية ارفاق الشروط الاقتصادية-المالية بشروط سياسية، بل يتعداه الى امكانية ان يكون الصندوق غير متجاوب مع طلب لبنان بالكامل نظرا للطلبات الكثيرة التي تلقاها من دول شتى للنهوض باقتصاداتها بعد ازمة كورونا. فرغم اعلان وزير المال غازي وزني اخيرا ان الإتصالات مع صندوق النقد أوضحت أنهم جاهزون للمساعدة بشكل سريع، الا ان المخاوف لا تزال تحيط بجواب الصندوق على طلب لبنان الذي يخشى البعض ان يكون وصل متأخرا ما قد يؤدي لحصول لبنان على مبالغ اقل بكثير من تلك التي توقعها. وفي هذا الاطار، يقول الخبير المالي والاقتصادي وليد ابو سليمان:"
صحيح أنّ لبنان طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي ولكن الاتفاق لم يحصل بعد، كما أنّ هذا التفاهم ليس مضموناً أو محسوماً بسبب الشروط التي يضعها الصندوق وهو لمح حديثاً أنّ لديه شروط لكي يقبل بمساعدة لبنان، ومنها تحرير سعر الصرف، وتحرير دعم الكهرباء والنفط". ويشير ابو سليمان الى انه "رغم أنّ الخطة المالية المقدمة من الحكومة تلحظ بعض هذه النقاط وإنما النقطة المحورية المتصلة بتحرير سعر الصرف، لا تزال موضع خلاف وقد رفض مجلس الوزراء اقرار هذا البند ما أدى الى ترحيله الى مرحلة لاحقة، وبالتالي قد تكون عثرة أمام دعم صندوق النقد اذا ما اعتبرها شرطاً أساسياً".
ويضيف ابو سليمان في حديث ل"الكلمة اونلاين":"وفق الخطة التي أقرت في مجلس الوزراء، فإنّ الاتجاه كان لتحرير سعر الصرف بدءا من 3500 ليصل في العام 2024 حوالي 4200 ولكن جرى ترحيل هذه النقطة".
وبحسب المعلومات، كثير من الدول تقدمت بطلب المساعدة من صندوق النقد الدولي بعد الأزمة الاقتصادية التي سببها وباء الكورونا، حتى أنّ 24 دولة من الشرق الأوسط طلبت معونة الصندوق ولبنان الدولة الأخيرة من المنطقة التي تقدمت بطلب المساعدة. 
وسيحاول لبنان أن يطلب من الصندوق الكوتا المخصصة له والمقدرة بـ900 مليون دولار الى جانب ما يسمى القرض الاستثنائي الذي قد يصل الى حدود عشرة اضعاف الكوتا أي 9 مليار دولار. لكن الى سليمان يوضح ان "لهذه الاستدانة شروطها، أولها أن يستطيع لبنان دخول الأسواق المالية بعد سنتين أو ثلاث سنوات، وتنفيذ الاصلاحات المطلوبة" لافتا الى انه "سيتم استخدام هذه الأموال في حال موافقة صندوق النقد على البرنامج على استمرارية تمويل حاجات لبنان من المواد الأساسية المستوردة من الخارج واعادة هيكلة دينه الخارجي".
وتتقاطع المعلومات والمواقف على ان لبنان مقبل على ٥ سنوات صعبة جدا لاننا بصدد نمو سلبي وان كانت "الخطة الطموحة جدا" التي اقرتها الحكومة تتحدث عن نمو ايجابي بدءا من 2022 وعن امكانية حصول فائض اولي في الموازنة بدءا من 2024 اذا ما جرى تطبيق الخطة بحذافيرها وبوقت سريع جدا.