خاص- بعد مؤتمر سلامة... هذه العبارة‎ "سقطت"

  • شارك هذا الخبر
Thursday, April 30, 2020

خاص- الكلمة أون لاين

المحرّر السياسي


في منطق البعض، إن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تأخر برده العلمي المفصل والمعزز بالأرقام، والذي اهم ما جاء فيه دحضه لاتهامات القوى السياسية له، وهي التي كانت تسعى لتحميله المسؤولية عن تدهور الوضع الاقتصادي والنقدي، مع ما رتب ذلك من ضرر على الشعب اللبناني، حيث راهنوا على أنه لن يدخل في سجال. لكنّ طلب رئيس الحكومة حسان دياب لحاكم المركزي بمصارحة اللبنانيين، أتى بنتيجة عكسية على دياب، وعلى القوى السياسية التي هدرت المال وذلك وفقا لمقولة "على نفسها جنت براقش".

فقد كان سلامة واضحا بمصارحته اللبنانيين، مبتعدا عن محاولة استمالة المشاعر والغرائز، كرجل دولة يكاشف الرأي العام بواقع البلاد وكيفية صرف أموال المواطنين، وموضحا أن "قانون النقد والتسليف" هو الذي يفرض على المركزي تمويل الدولة اللبنانية، وايضا بموجب الموازنات للسنوات الأخيرة ، فإن الأموال، كما قال سلامة، صرفت كرواتب عسكرية ومدنية وكذلك في الوزارات والصناديق والمؤسسات "ومن له أذنان سامعتان، فليسمع".

إذ بات جلياً انه يوضح مسار ومصير الأموال، وبالتالي أصبح لزاما على الرأي العام أن يحاسب ويستيقظ من "أفيون" الخطابات الغرائزية والمذهبية ، سيما أن مصرف لبنان لا يملك هيئات قضائية ورقابية لمتابعة وجهة الأموال وكيفية التصرف بها.

لم يستعمل سلامة كلام الاستجداء في مصارحته، فكان واثقا من ذاته وتكلم باسم الجمع، موضحا ان المجلس المركزي للمصرف يتألف من أعضاء هم في طبيعة ولائهم ينتمون الى قوى سياسية كما هو معروف، وهي قوى تسعى لرمي المسؤولية على سلامة.

حتى فيما خص رئيس الحكومة، فقد لفت الحاكم الى دور مستشاريه بطريقة لائقة، هادفا لانقاذه من براثنهم وحساباتهم السياسية، لما فيه من مصلحة عامة، بقوله "انهم لم يستوضحوا النقاط المطلوب معرفتها".

أوضح سلامة أيضا أنه منذ العام 2012 وقبله كاشف المسؤولين بخطورة تعاطيهم مع مسألة الرتب والرواتب التي أحدثت هذه النتيجة، حيث كان له تصور آخر يجنب البلاد ما وصلت اليه، مع تمسكه بأن الإصلاح المطلوب يقع على عاتق الدولة وهذه القوى التي تسعى لرمي الطابة في ملعبه.

مؤتمر الحاكم، الذي دام لنحو خمسين دقيقة، سرده بمنطق الواثق من ذاته والقوي وبأرقام تدحض مسؤولية المركزي، لتكون المسؤولية على عاتق القوى السياسية، حيث انه بعد المؤتمر لم يعد يصح القول ان سلامة مسؤول بنسبة معينه والآخرين مسؤولون بنسب متفاوتة، إذ باتت كل المسؤوليات تقع على القوى السياسية سواء كانت في منظومة الحكم او خارجه، والتي أدت سياساتها ومناكفاتها واداؤها وفسادها وعدم اصلاحها الى هذا الواقع. وهذا ما يحب ان يعرفه اللبنانيون.

مؤتمر سلامة لم يكن فقط ردا مباشرا بناء على طلب دياب بل ايضا حمل في شق منه رسالة الى القوى السياسية التي تسعى لتحميله المسؤولية من زاوية تحويل الاموال او التصرف بالودائع بقوله لهم "إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا"، لأن ما ظهر في كلامه المفصل كافٍ ليسمع من له أذنان سامعتان ويغلّب منطق الحق على منطق هذه القوى السياسية الفاسدة الني هدرت الأموال على مدى عقود وتسعى لإرضاء الشعب بتقديم سلامة، أو أي مسوول آخر كمتهّم وكبش محرقة، لإظهار ذاتها بأنها هي المرجع الصالح الذي يحاكم المرتكبين.