فضل الله: لرؤية إصلاحيّة لبناء اقتصاد منتج وتصويب مسار المؤسّسات المالية والمصرفيّة

  • شارك هذا الخبر
Friday, April 3, 2020

توقّف الشيخ علي فضل الله في حديث الجمعة عند قيمة الصّبر، وموقع الصابرين في الحياة، وهم الّذين يحوّلون ابتلاءات الحياة إلى فرصة لهم يحقِّقون فيها الموقع عند الله، ليكونوا بذلك أكثر قدرةً على مواجهة تحدّيات الحياة.
ورأى سماحته أن بيد كلّ إنسان السلاح لمواجهة فيروس الكورونا، وهو التزام البيوت وعدم الاختلاط إلا عند الضرورة، والدقة في اتباع كلّ سبل الوقاية المطلوبة، مع كلّ ما يتطلّبه ذلك من التحكّم برغباتنا وعاداتنا ومزاجنا، وإن تحمّلنا بعض الضيق والشدّة.
وجدّد سماحته دعوة الجميع إلى استمرار التقيّد بالتوجيهات والإجراءات المتّخذة، منعاً للتداعيات الكارثيّة التي حصلت في أكثر من بلد في العالم، حيث انتشر الوباء وخرج عن السيطرة بسبب تهاون الناس وتراخيهم واستهتارهم ولا مبالاتهم، ما أدّى ويؤدّي إلى مآسي نشهدها يوميّاً عبر وسائل الإعلام، الأمر الذي يتطلب التأكيد مجدّداً أننا مسؤولون دينياً وأخلاقياً واجتماعياً وإنسانياً أن لا ننجرف بأيدينا إلى هذه المأساة ولا نقع فيها، علماً أننا في هذا البلد، رغم كلّ الاستعدادات، لسنا جاهزين لتحمل أيّ تداعيات خطيرة قد يؤدّي إليها اتساع حجم انتشار الوباء. لذلك، نقولها رأفةً بأنفسنا وبالآخرين وبالأجهزة الطبيّة التي ستتحمّل أعباء ما قد يجري: فلنصبر قليلاً حتى تمرّ هذه الأزمة بأقلّ الخسائر.
ودعا سماحته القوى الأمنيّة والبلديّات وكلّ الجهات العاملة في هذا الميدان، والتي وجّه لها مجدّداً كلّ التحيّة والشكر على جهودها، إلى التشدّد في تطبيق إجراءات التعبئة العامّة، وردع من تسوّل نفسه أن يعبث بصحته أو بصحة الآخرين.
وقدّر سماحته للحكومة اللبنانيّة قرارها إعادة اللّبنانيّين العالقين في أصقاع العالم إلى وطنهم، وتحمّل تداعيات هذا القرار وتبعاته، داعياً الحكومة وكلّ المؤسَّسات التي سوف تعمل معها، إلى التطبيق الدقيق لكلّ المعايير التي اتخذتها للنّجاح في هذا الامتحان الصّعب، والحؤول دون أن يتحوّل هذا القرار إلى قنبلة تنفجر في وجه القادمين وسلامتهم وفي وجه اللّبنانيين.
وأشار سماحته إلى أنّ مؤشّرات الفقر والحاجة، وحتى الجوع، أخذت تفرض نفسها على الواقع الاجتماعي، بما يؤدّي إلى إضعاف القدرة على مواجهة فيروس كورونا، لاضطرار من لديهم الحاجة، وهم كثر، للسّعي لتأمين موارد عيشهم، أو للتَّعبير عن احتجاجهم لما وصل إليه الواقع المعيشي، من مسيرات ومظاهرات شهدناها في أكثر من منطقة في لبنان، وهم ينادون: لا نريد أن نموت من الجوع إن لم نمت من الكورونا.
وشدّد سماحته على ضرورة إعلان حالة طوارئ اجتماعيّة أسوةً بحالة الطوارئ الصحيّة التي نعيشها، آملاً أن تصل المساعدات المالية التي أقرّتها الحكومة إلى العائلات الأكثر فقراً، بعيداً من أيّ اعتبارات، ومثمّناً المبادرات التي تقوم بها مؤسّسات وأفراد، رغم أنّ هذه التقديمات تبقى دون حاجات الواقع الصّعب الذي يعانيه المواطنون، وداعياً إلى المزيد منها لحماية المجتمع من مغبّة تداعيات هذه الأزمة واستشراء الفقر والحاجة.
ورأى سماحته في ما حدث من انقسام بين مكوّنات الحكومة حول حجم حصّة هذا الفريق أو ذاك في ملفّ التعيينات، إساءة إلى صورة الحكومة التي جاءت بعنوان حكومة اختصاصيين، ولتلبي رغبة الشّارع المنتفض على منطق المحاصصات الذي يصرّ بعض الأطراف على اعتماده في طريقة إدارة الدّولة، والمطالِب بأن تستند التعيينات إلى الكفاءة والخبرة والأمانة، لا أن تستند إلى الاستزلام لهذا الفريق أو ذاك.
ولفت سماحته إلى أنّ أصحاب الكفاءات لا يُختزَلون في هذه الدائرة أو تلك، مؤكّداً أنّ هذا البلد غنيّ بالطاقات وبالشخصيات التوّاقة لأن تعمل لحساب الناس جميعاً، ولمصلحة الوطن كلّه، لا لحساب طوائفها أو لمن شارك في قرار تعيينها، فهؤلاء هم الجديرون بتولي المنصب إذا كنا نريد الإصلاح في الدولة، أو إذا أردنا اعتماد المعايير القانونية في الاختيار، ومشيداً بسحب رئيس الحكومة قرار التّعيينات منعاً لتفجير الحكومة من الداخل، في وقت نحن أحوج ما نكون إلى وحدة الموقف الحكومي لمواجهة المخاطر الرّاهنة، وللعودة إلى اعتماد المعايير الصحيحة في الاختيار.
وأمل سماحته أن تدرس قضيَّة التعيينات من جديد وفق الصّورة التي نريدها للوطن، وبما يعزّز مصداقيّته في الداخل والخارج، ويلبّي طموحات المواطنين، داعياً قبل التّعيينات إلى إنجاز الرؤية الإصلاحيّة التي تعيد للاقتصاد إنتاجيّته، وتعالج كلّ ألوان الخلل الإداري والقانوني والأخلاقي الذي أصاب المؤسّسات الماليّة والمصرفيّة في هذا البلد، لأنَّ هذا الخلل هو المسؤول، إلى جانب أغلب الطبقة السياسيّة، عن كلّ هذا الانهيار الاقتصادي والمالي الذي وصلنا إليه.
ورأى سماحته أنّ الخرق الصهيوني للأجواء اللّبنانيّة يأتي في ظلّ استمرار سياسته الهادفة إلى جعل لبنان منصّة لضرب الأراضي السوريّة، ما يشير إلى مدى الخطر الّذي يشكّله هذا العدوّ على لبنان وعلى محيطه، داعياً كلّ الحريصين على سيادة البلد إلى رفض ما يقوم به هذا العدوّ، وإبقاء الجهوزيّة لمواجهة أيّ عدوان قد يقدم عليه، مستغلاً انشغال الجميع بالواقع الصحّي.