الأب سيمون عساف- الكورونا العضال الوباء الفاتك هو شكل من اشكال عقاب وغضب الله على العاصين المتمردين

  • شارك هذا الخبر
Friday, March 27, 2020


سبب الوباء
كلنا ضللنا كالغنم كل واحد مال إلى طريقه فألقى الرب عليه إثم كلنا ارميا 53/ 6
بدأت الكنيسة بعد 50 يوماً من قيامة المسيح (سنة 30 م). بحيث وعد يسوع أن يبني كنيسته (متى 18:16)، وبحلول الروح القدس يوم الخمسين (أعمال الرسل 1:2-4)، بدأت الكنيسة ekklesia (جماعة المختارين) في الوجود رسمياً. تجاوب ثلاثة ألاف شخص مع عظة بطرس في ذلك اليوم وأختاروا أن يتبعوا المسيح.
بعد فترة وجيزة من يوم الخمسين، فتحت أبواب الكنيسة لغير اليهود. قام الرسول فيليبس بتبشير السامريين (أعمال الرسل 5:8)، وآمن الكثير منهم بالمسيح. وقام الرسول بطرس بتبشير بيت كرنيليوس الأممي (أعمال الرسل 10)، وهم أيضاً قبلوا الروح القدس. كما قام الرسول بولس (المضطهد الأول للكنيسة) بنشر الإنجيل في كل العالم الإغريقي الروماني، وصولاً إلى روما نفسها (أعمال الرسل 16:28)، ومن المحتمل أنه وصل إلى أسبانيا أيضاً.
ومع حلول عام 70 ميلادياً، العام الذي دمرت فيه أرشليم، إكتملت كتابة العهد الجديد وتم تداوله بين الكنائس المختلفة. وعلى مدى 240 عاماً التالية، إضطهد الرومان المسيحيين – بطريقة عشوائية في بعض الأحيان، وبقرار من الدولة في أحيان أخرى.
كان الشرق مهد الأنبياء والتجسد والفداء، ومنه كان انطلاق المسيحية الى العالم.
مع الرسل والتلاميذ بزغ فجر البشاره تحت ظلال الأمبرطورية الرومانية الوثنية؟
عاند الرسل عبَّاد الصنم بجرأة وشجاعة لا تكل، فلم يتهيبوا اسواط الجلادين وسيوف المضطهدين واساليب الاستشهاد الشرسة، ولا افتراس الوحوش الضارية.
نشروا البشرى الجديدة بقناعة مطلقة في الشرق والغرب، ساكبين دم الأعناق والأجساد عُشقا بالذي صُلب عنهم وطمعا بلقياه. تُشبِه سِيَرُهم ابطال الاساطير وبفضلهم تألَّقت المسيحية وتلألأ وجهها.
ما ان تحرّروا من ديامس الظلم ودهاليز العتمات بموجب منشور ميلانو عام 312، حتى بدأوا بالمشاحنات العقائدية، تخاصموا وعاد شبح الانحسار يلوح بظهور البدع والهرطقات.
اجل كانت ساحة صراعات الدِيَكَة والمشادات والمنازعات والمنافسات والخلافات في الشرق الذي اظلموه فظلموه.
وكما في الشرق كذلك في الغرب، من مجمع خلقيدونية عام 451 القائل بطبيعتي المسيح الإلهية والإنسانية، فكان الانشقاق الأول بين الشرق والغرب، اما الانشقاق الثاني ففي الغرب على ذاته بين روما وبيزنطيه عام 1054، انقسامٌ أصاب الجماعة الدينية المسيحية التي انقسمت إلى ما أصبح يُعرف الآن باسم الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والكنيسة الشرقية الأرثوذكسية، الجماعة التي استمرت حتى القرن الحادي عشر.
يُعتبر الانشقاق تتويجًا للخلافات اللاهوتية والسياسية بين الشرق المسيحي والغرب المسيحي والذي تعمّقت هوّته خلال القرون المتعاقبة.
الى ان جاء القرن السادس عشر سنة 1529 فكان انشقاق مخجل بين بروتستانت وكاثوليك، فقام مارتن لوثر بثورة ضد الكنيسة الكاثوليكية أطلق عليها ثورة الإصلاح. اعترض فيها على بعض التعاليم، وأطلقوا على أتباعه لقب المحتجين (البروتستانت) Protest وداخل الكنيسة البروتستانتية حدثت انقسامات كثيرة وخرج منها طوائف عديدة جدًا!
لم يحافظ الغرب على تعاليم الكنيسة جسد المسيح السري في دولته فشرع العلمنة مبيحا الفلتان للمجتمع تحت ذريعة الحرية.
لا ادري ماذا يقول المسيح في كنيسته المُجزَّءة!
واليوم عبر القرون ضرب الخمول والاهمال والاستلشاق الكنيسة فصارت تعاليمها ثانوية ليست من الأهمية بمكان.
طغى الاسلام على الشرق فانكفأت المسيحية اما في الغرب الحر فقد صار يستحي المسيحي بسمائه وانجيله، وبموروث آباء واجداد ارسَوا سفينة المسيح على شواطئهم، مما كوَّن خللا وتراجعا اخلاقيا رهيبا فانطبق عليهم القول:” وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا”.
هذا التقهقر بالتخلي عن مفاهيم الدين جعل الطالعين من الناشئة يجهلون انتماءهم الديني على جميع المستويات، يتهاونون بِشرف هويتهم الفريدة وبانسلاخهم عن مجيد تراثهم الحافل بالمآثر والمآتي وتاريخ كنيستهم الزاخر بالقداسات والعظائم والسؤدد. والأنكى انهم يرفضون ثقافة معرفة رسالتهم الحقة الموكولة اليهم.
أنشغلوا بالخلاعات والملذات والتسكع في مواخير الفسق والفساد وبهموم عالمية رخيصة تصرفهم عن مبرّر وجودهم وعن دعوتهم الى الخلاص.
الم يُخلَق الإنسان لتمجيد ربه والسعي الى خلاص نفسه؟
فالآتون وراءنا اليوم في سوادهم الأكبر شرقا وغربا، يضربون عرض الحائط معتبرين التركة الثمينة زخرف كلام وحديث خرافة.
نأسف لانهم عوض ان يكونوا من الراغبين في الكشف عن المخابىء يهملون مخزون حضارتهم الروحي والعلمي فلا يبالون ولا يكترثون.
يا للغباء يا للعار! وهذا ما قاله الرب: “إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب، ويتكئون مع ابراهيم واسحق ويعقوب فى ملكوت السموات، وأما بنو الملكوت فيطرحون فى الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان” (مت8 : 11 ،12 ).
ان الأبناء الورثة الأصليون يُطردون خارجا بسبب ضلالهم وعدم اكتراثهم بالعطية الإلهية، فانصبت اللعنة من فوق ونزلت جامات الغضب السبعة (رؤيا 1:16-21) التي هي ثلاثة سلاسل متعاقبة من دينونة الله في الأيام الأخيرة، حيث تزداد شدة الدينونة وقسوتها تدريجياً مع تقدم الزمن.
والكورونا العضال الوباء الفاتك هو شكل من اشكال عقاب الله وغضبه على العاصين المتمردين.
وحدها العودة الى الجذور الى الينابيع الى الانجيل الكفيلة بانقاذنا مما نتخبط فيه.
كيف ذلك يكون؟
بالتوبة الصادقة والاسف العميق على اهانة الثالوث السماوي الأقدس وتكثيف الصوم القاسي والصلاة المستمرة بالترجّي وحسن الدعاء فيتحنن ويلطف ويكف الغضب.
على وسائل الإعلام ان توفَّر بسائر قدراتها سبل العودة الى الله لِهدي اجيالنا .