ميشال جبور- وبحكومة مواجهة التحديات، عشتم، وعاش لبنان

  • شارك هذا الخبر
Friday, March 27, 2020


لا حاجة لأحد أن يذكّر اللبنانيين بما مر به لبنان في الآونة الأخيرة... عواصف هوجاء تلاطم وجهه... كُتب على وطن الأرز مواجهة الصعاب، فمع كل ابتسامة للأيام في لبنان، آلاف الدموع... زمن الكورونا... فيروس أركع أقوى الدول وأقوى الإتحادات، فيروس صامت وقاتل، هزم منظومة أوروبا والجبروت الأميركي ومن لفّ لفّهم... ولبنان في زمن الكورونا لا يملك سوى حكومة مواجهة التحديات ووعي الشعب، فاقتصادنا ينزف من أكثر من عقد كامل، المال العام أصبح خاصاً في جيوب ناهبيه، حتى منظومتنا الإستشفائية والصحية طالها ما طالها من التقاعس والتقصير وحتى النهب... نحن نحارب الكورونا باللحم الحي...
كثرٌ هم من وجهّوا الإنتقادات لهذه الحكومة، ونحن لسنا بصدد الدفاع عنها،والكتاب المقدس يقول، اخضعوا للسلطة الفائقة لأنها مدبرة من الله، ولكن وكما قلنا من قبل نحن نحب جلد أنفسنا في بعض الأوقات، لكن يمكننا أن نرى نصف الكوب المليء، فنحن نحارب بوزير صحة وُضعت بين يديه أقل الإمكانات التي يجب أن تتوفر، وزير لا يمكن لأحد أن ينكر دماثته وعقلانيته،فهو منذ اليوم الأول تعرض لألف انتقاد وانتقاد والبعض وصل لوصفه بالمجرم وطالب باستقالته، غير أنه كان يعلم بما يجري على الساحة ككل وابتعد عن المناكفات السياسية ومارس تخصصه في العلم الجرثومي بكل تواضع وحنكة.
أغلق المدارس والجامعات مصّراً على عدم خلق بيئة حاضنة لتفشي الفيروس عبر الإختلاط الإجتماعي في المؤسسات التعليمية، في حين أن بريطانيا غفلت عن ذلك، وضع خطةً مفادها تأخير التفشي للفيروس ريثما يرفد المستشفيات الحكومية بالمعدات والتجهيزات اللازمة لتستقبل المرضى إن ارتفع عددهم، وهو بفريق عمله يخص المواطنين ببيانات علمية توضح أننا ما زلنا تحت خط التفشي الكبير، أي أننا إلى حد ما نسيطر على أبعاد الكورونا وهو أمر فشلت به أكبر الدول.
وفي مقابل رصانة هذا الوزير هنالك وعي كبير من غالبية المواطنين والتزامهم بتعليمات وزارة الصحة وارشادتها التوعوية والوقائية التي عممتها بكل الوسائل الإعلامية ووسائل التواصل الإجتماعي ودعت إلى حملات التزام المنازل وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، فبدا وكأن الشعب قد اتحد والتحم ببعضه وشكّل مع وزارة الصحة منظومة صحية متكاملة لمحاربة وقمع تفشي هذا الوباء، هذه المنظومة قوامها الرئيسي ذلك الجيش الأبيض الجميل من أطباء وممرضين وموظفين وكل العاملين في المستشفيات الحكومية والخاصة لأنهم يواجهون الموت وجهاً لوجه ويضحون بأرواحهم من أجل إخوتهم في الإنسانية متناسين كل أوجاعهم وحاجاتهم.
يشهد العالم ويثني على هذا البلد الصغير الذي يطوف على أجنحة الملائكة وبركة الرب، بلد الرسالة،باركه المسيح بمروره، يصلي له قديسوه، شربل ورفقا والحرديني واسطفان، وقد خصّه البابا يوحنا بولس الثاني بوصفه بلد الرسالة، يشهد العالم له برقي أخلاق شعبه، ففي حين تتخبط شعوب أوروبا وأميركا وتتضارب في السوبرماركات، وفي حين السرقات والنهب تعم أرجاء الكرة الأرضية في زمن ضعيفي النفوس، بقي الشعب اللبناني على ايمانه ورباطة جأشه وأخلاقه العالية وامتثاله للإجراءات الصحية رغم كل الوضع المزري الذي يعيشه،لبنان بشعبه المتحضر والعالي الإرادة يُضرب به المثل وتُضرب له التحية في مواجهة أعتى الأعداء،بينما سقطت أوروبا وأميركا وكل أموالها وظهرت هشاشتها بكل ما للكلمة من معنى وضاعت كل قيم شعوبها وحضارتها.
وزير صحة نجح بأقل إمكانات، شعب مؤمن وعالي الأخلاق نجح بالتزامه، ولكن أيضاً وزير داخلية صلب، فرغم كل المسؤولية الأمنية الملقاة على اكتافه، نجح بلجم التداعيات الأمنية لهكذا أزمة وعبر بالشعب إلى ضفة الإلتزام بتعليمات القوى الأمنية بكل رحابة صدر، فالقانون سيد الموقف والكل ملتزم ولأول مرة نشعر بأن القوى الأمنية والبلديات تعمل لأجل الشعب والمواطنين وهذا أمر يشهد له الجميع، وهنا نقول، أنها فعلاً حكومة التزمت بشعارها وواجهت التحديات،نقول لرئيس هذه الحكومة أنك رجل المرحلة ونشد على أيديك لتستمر وتترفع في ملف التعيينات وأن لا تنزل إلى مستوى مهاترات البعض ومناكفاتهم العقيمة، فحكومتك أثبتت وجودها في أصعب أزمنة دقت أبواب لبنان، زمن المرض والوباء، وأظهرت للجميع وللمجتمع الدولي وللدول العربية قدرتها ليس فقط على ادارة أزمة بل على استنهاض نفسها دون مساعدة من الأشقاء، في ظل غياب المقومات الحزبية في بعض المجتمعات وعودتها إلى المناكفات السياسية واثباتها عدم فاعليتها تجاه مجتمعاتها الحاضنة، وفي ظل الوضع الإقتصادي والإجتماعي الضاغط، فقد نجح اللبنانيون بالتضامن والتكافل وجمع التبرعات والتقديمات بدعم كل المنظومة الصحية.
فلنكن جميعاً على ثقة بحكومتنا ورئيسها، فلنكن على ثقة بأن وزير الصحة قد أثبت لنا بأنه ممسك بزمام الأمور وسينقذ لبنان، ولنكن على ثقة بأن وزير الداخلية أتى ليعيد زمن رجال الدولة، ولنكن على ثقة بإيماننا أن الغيمة السوداء ستمر... وعشتم بالتزامكم،وعاش ويبقى لبنان.