التخبط الوزاري والخطة الاصلاحية الغائبة وذهنية المحاصصة.. ستجرّ لبنان الى الأسوأ

  • شارك هذا الخبر
Thursday, March 26, 2020

فرض فيروس كورونا الذي يجتاح الكرة الارضية بأسرها، نفسه، ضيفا ثقيلا ومزعجا على الحكومة اللبنانية التي كانت بغنى عن عبء بهذا الحجم، فأجبرها على تعديل اولوياتها وعلى تغيير خططها وبرامج عملها.. غير ان هذا التحدي على خطورته، لا يبرر انكفاءها شبه التام عن النظر في الامراض العضال الاخرى، التي تفتك بالجسد اللبناني منذ أشهر، والتي أشعلت ثورة لم تعرف البلاد مثيلا لها، والعمل جديا على ايجاد الأدوية الناجعة لها... فبحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ"المركزية"، آن الاوان للحكومة ان تستفيق من "صدمة" كورونا، وان تباشر نشاطها على خط الملفات الدسمة كلها، كما يجب. فمجلس الوزراء لا يمكن ان يتحوّل "هيئة" متفرّغة لمتابعة قضية واحدة، والكورونا يجب تركها لـ"لجنة طوارئ" التي تشكّلت لاجلها، فتواكبها أول بأول، لا ان يصبح المجلس بأسره "لجنة طوارئ".

ففيما الحكومة غارقة في الهمّ الصحي، لامس الدولار عتبة الـ3000 ليرة في الساعات الماضية، كما فاقم الوباءُ الوضعَ الاقتصادي – المعيشي المزدري اصلا، وزاده حراجة... فكيف ستواجه الحكومة هذا الواقع القاتل بعد انحسار الفيروس، وهل تتهيأ للأسوأ خاصة اذا طال زمن اقامته "في ربوعنا"؟ مجلس الوزراء كان وعد باعداد خطة اصلاحية يحدد فيها نظرته للخروج من الازمة المالية، الا ان اي اثر لها لم يظهر حتى اللحظة. والحال ان اعلان لبنان قراره التخلّف عن سداد ديونه وسندات اليوروبوند التي استحقت في 9 آذار الماضي، للمرة الاولى في تاريخه، كان يجب ان يقترن بورقة عمل واضحة المعالم تطل بها الحكومة على اللبنانيين والدائنين والمجتمع الدولي، فتطمئنهم الى انها في صدد الاصلاح ومحاربة الفساد وانها صاحبة رؤية واضحة وموحدة لكيفية انقاذ البلاد من الهلاك، خاصة واننا بحاجة الى مساعدة مالية سريعة لتسيير امورنا الداخلية الاساسية كالوقود والطحين والدواء، لا يمكن ان تؤمنها لنا الا الدول المانحة والبنك الدولي.

هذا ما يجب فعله. اما على ارض الواقع، فلا خطط ولا من يخطّطون، بل تخبّط ودوران في حلقة مفرغة، والكابيتال كونترول نموذج! فبعد اخذ ورد بين الوزراء وعرّابيهم السياسيين – المصرفيين، تقرر سحب المشروع من التداول، وقد استشعروا خطورة شد الطوق اكثر حول عنق صغار المودعين في هذا الظرف الصعب. اما التعيينات الضرورية في حاكمية المركزي "الاعرج" اليوم، وفي هيئة الرقابة على المصارف، فتدور على حلبتها حرب ضروس بين اهل البيت الوزاري الواحد ايضا، حيث تحاول قوى 8 آذار، تناتش الحصص والاسماء سياسيا ومذهبيا وطائفيا، بعيدا من الآليات الموضوعية والمعايير القانونية التي يفترض ان تحكم استحقاقا كهذا، اليوم، في مرحلة نقدية – مالية من الادق في تاريخ البلاد. ذهنية المحاصصة الخطيرة عينها، التي ثار عليها اللبنانيون في 17 تشرين، عطّلت حتى الساعة التشكيلات القضائية التي وضعها مجلس القضاء الاعلى منذ اسابيع... بأدائها هذا تكرّس الحكومة صورتها كأداة طيعة في يد 8 آذار، واذا لم تتمرد سريعا على التدخلات السياسية في عملها، فإن التداعيات ستكون وخيمة. وخروج لبنان من "كورونا"، الى ارض محروقة نهائيا، قد يشعل فتنا داخلية، هدفها تأمين لقمة العيش و"البقاء".


المركزية