طوني بولس - "معتقلات" الضّاحية تشهد على فجر الحرّيّة.. "العمالة" واحدة في كلّ الأزمنة!

  • شارك هذا الخبر
Saturday, March 21, 2020

صوت بيروت

كثيرةٌ هي أنواع “الاحتلال والانتداب والوصاية” الّتي تعاقبت على لبنان منذ زمن ما قبل الاستقلال إلى زمن “العهد القوي”، في حين أنّ المفارقة بين احتلال وآخَر، تشكّل الأسلوب الإجراميّ والأدوات اللّبنانيّة مِن أحزابٍ وشخصيّات. ومع نهاية كلّ من تلك الاحتلالات، تبقى “المعتقلاتُ” معالمَ تاريخيّةً شاهدةً على القهر والعذاب والاضطهاد والموت الّذي واجه اللّبنانيّين الأحرار.

أمام وجع اللّبنانيّين وانتهاك سيادة بلدهم، لا فرق بين “معتقل الخيام” الّذي أداره عامر الفاخوري، و”معتقل البوريفاج” بإدارة رستم غزاله، و”معتقل عنجر” بإدارة غازي كنعان، ومُعتقلات حزبِ الله السّرّيّة، والّتي لا أحدَ يعلمُ قذارَتَها وارتكاباتها، كذلك مُعتقلَي “فرع فلسطين” و”المزّة” في دمشق، واللّذان دخلهما آلاف اللّبنانييّن، والمئات منهم فُقِدَتْ آثارُهم.

ففي كلّ أزمنة الاحتلالات، كان وجع اللّبنانيّين واحِداً، وهدفُهم الحرّيّة والسّيادة والاستقلال، وفي كلّ زمنٍ يقتربُ خلاله الحُلم، يأتي مَن ينغّصُ عليهم حقَّهم ببناء دولةٍ عادلة ومؤسّسات شرعيّة، والحصول على سلاحٍ وطنيّ لحماية مستقبلهم وضمان سيادتهم.

“حزب الله”.. المؤامرة المستمرّة
إنّ قضيّة “تهريب” العميل عامر الفاخوري من لبنان، قد أعادت إلى الأذهان معركةَ “فجر الجرود”، والّتي خاضها الجيش اللّبنانيّ بكلّ شراسة وبسالة، ودحض كلّ التّشكيك بقدرةِ الجيش على حماية لبنان، وكلّ النّظريّات الّتي تزجّ سلاحَ حزبِ الله تحت معادلة “جيش، شعب ومقاومة”. ففي تلك المعركة استطاع الجيش القضاء على تنظيم داعش الإرهابيّ الّذي يسيطر على الجرود الشّرقيّة للبنان خلال ثلاثة أيّام، قبل أن تتدخّل “سلطة الأمر الواقع” وتوقف انقضاض الجيش على الجيب الأخير لهذا التّنظيم.

كما وأنّ تهريب “الدّواعش” من قبضة الجيش، أتى حينها أيضاً لينغّص على اللّبنانيّين فرحتهم بتحرير أرضهم والافتخار بجيشهم، وأتى أيضاً ليحرم الجيش معرفة أسرار هائلة عن هذا التّنظيم الإرهابيّ ومَنْ يقف وراءه، ويبقى السّؤال الأبرز: “مَن استقدمَهم إلى تلك الجرود؟ وبأيّ هدف؟”، فلو ترك الجيش يستكمل خطواته الأخيرة لكان قبَض على قادة هذا التّنظيم.

وهنا أيضاً المفارقة في أنّ لـ “حزب الله” الّذي نصب نفسه وليّاً على أمر اللّبنانيّين، والإصرار على أنّ لا دور له في قضيّة تهريب الفاخوري، إلّا أنّ مصادر سياسيّة عديدة بدت غير مقتنعة برواية نصر الله “التّبريريّة”، والّتي سألت: “لماذا لم يأتِ نصرُ الله على ذكر القاضي حسين عبد الله، وهو من المقرَّبين من الحزب، وكيف للعميد والمحكمة العسكريّة أن تجرأ على الموافقة على إسقاط التّهم الموجَّهة إلى الفاخوري بدون علم حزب الله أو رئيس الجمهوريّة أو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النّوّاب، فكيف ينكر جميع هؤلاء معرفتَهم بالأمر؟ ومَن الجهة “الخفية” الّتي قامت بذلك كلّه دون معرفة أحد؟” وأضافت أيضا: “لماذا ختمَ نصرُ الله خطابَه دون أن يقول لجمهوره وللّبنانيّين ما الحلّ في قضيّة الفاخوري، وكيف سيستردّ حقوقَ أهالي الشّهداء والمعتقَلين في الخيام؟”

نصرُ الله يخسرُ أدواتِه
بات واضحاً أنّ أساطيرَ نصرِ الله لم تعد تمرّ على اللّبنانيّين، وبات واضحاً أيضاً أنّ التّعمية الدّينيّة ببعض الحجج السّياسيّة وبعض الشّعارات الرّنّانة لم تعد ملهمةً حتّى لـ “أصدقائه”، فكلّ تلك الأدوات لم تعد تجدي نفعاً أمام أدوات الوعي الّتي باتت مِن أدوات المواطن لتحرير نفسه من الارتهان لسلطة الأمر الواقع.

إضافةً إلى أنّ خروجَ آلاف المواطنين “الشّيعة” للتّظاهر في ثورة 17 تشرين، هو مؤشّرٌ واضحٌ إلى نبض الحرّيّة ونبض التّحرّر منَ السّيطرة الإيرانيّة عبر حزبِ الله، فهذه حقيقة واضحة كعين الشّمس، ففي كلّ الاحتلالات السّابقة، خرج المحتلّ مَكسوراً مَهزوماً مَذلولاً، وهكذا تكون نظرة الأحرار! أمّا “معتقلات” القهر والذّل، فستشهد أيضاً على انطواء هذا العصر إلى غير عودةٍ إلى ذاك الماضي.