إستئصال الغدة الدرقية... فوائدها ومخاطرها

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, March 17, 2020

تهدف عملية استئصال الغدة الدرقية إلى إزالة الغدة (Thyroid gland) التي تتواجد في منطقة الرقبة الأمامية، بشكل كامل أو جزئي، بغرض علاج مجموعة متنوعة من أمراض هذه الغدة. أمّا الدواعي الرئيسية لاستئصالها فتكون بسبب حالات نشاطها المفرط: فرط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism)، على سبيل المثال مرض جريفز (Graves’ disease)، الذي يؤدي لفرط نشاط الغدة الهورموني والأيضي، أو في حالات الأورام الحميدة أو الخبيثة في الغدة الدرقية.



وظيفة الغدة الدرقية هي إفراز هورمون الغدة الدرقية الذي يؤثر على خلايا الجسم، إذ يجعلها تستهلك الأوكسيجين وتنتج البروتينات بوتيرة أكبر. في حالات فرط نشاط الغدة، تنتج حالة من فرط عمليات الأيض، والتي قد تسبب زيادة معدل نبضات القلب، والتعرق، وفقدان الوزن وغيرها، وهذه حالة تستلزم علاجاً. في الواقع، يتم اللجوء عادةً إلى الوسائل الجراحية عند فشل محاولات العلاج الدوائي المحافظ (باستثناء حالات الأورام الخبيثة).



في حديث لـ»الجمهورية»، تناول طبيب مختص بأمراض الغدد، خرّيج جامعات رفيعة المستوى في لبنان والخارج، وذو خبرة أكثر من 15 سنة، موضوع عملية استئصال الغدة الدرقية، قائلاً: «لم تعد الغدة الدرقية تُستأصَل بالوتيرة نفسها. ففي السابق، كان الطبيب يأخذ قرار استئصال الغدة بسرعة، من دون معرفة تفاصيل حجمها ونوعها وإفرازاتها. فكان حجم الغدة الكبير ووجود بعض الدرنات عليها كافياً لاستئصالها. ولكن مع تطور العلم والطرق الحديثة، ولا سيما التصوير والزرع، أصبح بإمكان الطبيب الغوص في التفاصيل والاختيار ما بين إزالة الغدة أو لا. فانخفض عدد عمليات الاستئصال، وأصبحت نادرة، إلا في الحالات الضرورية، كعندما تضغط الغدة بسبب حجمها الكبير على الرقبة وتؤثر على التنفس والصوت».



العملية الجراحية

التحضير للجراحة:

قبل إجراء عملية استئصال الغدة الدرقية، يحوّل الطبيب المريض لإجراء اختبارات وفقاً لمتطلبات حالته. وغالباً ما يُطلب من المريض إجراء فحوصات الدم التالية: إختبار وظائف الغدة الدرقية، العد الدموي الشامل، كيمياء الدم، وظائف تخثّر الدم واختبارات وظائف الكلى والكبد.

بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لإجراء فحوصات تصوير معينة قبل إجراء الجراحة: للحصول على تشخيص دقيق يتم إجراء فحص تصوير بالأمواج فوق الصوتية للغدة الدرقية أو فحص تصوير باستخدام النظائر المشعة، وقد يتم إجراء الفحصين. عندما يكون هناك شك في التشخيص، غالباً ما يتم أخذ خزعة بالإبرة لأخذ عيّنة مجهرية من الغدة. إذا كان المريض كبيراً في السن، يُطلب منه إجراء صورة للصدر بالأشعة السينية وتخطيط كهربة القلب قبل العملية.

ويتم استئصال الغدة الدرقية تحت تأثير التخدير العام. ويجب استشارة الطبيب بخصوص الأدوية التي يجب على المريض التوقف عن تناولها قبل الجراحة. وينبغي الصوم لمدة 8 ساعات قبل الجراحة.



مسار العملية:

بعد تطهير العنق والصدر، يتم إحداث شق صغير في الجزء الأمامي والسفلي من العنق. تقع الغدة الدرقية أمام القصبة الهوائية وغضروف الغدة الدرقية. وبعد الكشف عنها، يقوم الجرّاح بفصلها من مكانها مع الأوعية الدموية التي تزوّدها بالدم.

يقول الطبيب المختص انّ العملية «ليست طويلة ولن تكون صعبة أو خطيرة. وفي أثنائها، يزيل الجرّاح أكبر قدر ممكن من الغدة. وفي حال وجود أمراض سرطانية، يجب إزالتها بالكامل».

وعند انتهاء الجراحة، تتم خياطة الشق الجراحي. يوضع عادة أنبوب نازح او عدة أنابيب بالشق الجراحي، لتصريف بقايا السوائل والأوساخ من الأنسجة. وتستغرق الجراحة مدة ساعتين.



مخاطر العملية:

المخاطر العامة للعملية:

- عدوى في الشق الجراحي: تكون عادة سطحية ويتم علاجها بشكل موضعي، في بعض الحالات النادرة قد تظهر عدوى أكثر خطورة في الأنسجة الواقعة تحت الجلد، ونادراً ما يتطلّب الأمر إعادة فتح الشق الجراحي لإزالة البقايا الجرثومية.

- النزيف: خاصة في منطقة العملية، نتيجة لتعرّض الأنسجة للسوء. يمكن أن يحدث النزيف فوراً بعد الجراحة، وقد يحدث بعد مرور 24 ساعة منها، وفي حالات نادرة بعد أسابيع أو أشهر. يحدث النزيف نتيجة تمزّق ونزف أحد الأوعية الدموية.

في الحالات التي يشتدّ فيها النزيف، هناك حاجة للتصريف أو ربط الأوعية الدموية في غرفة العمليات.

- مخاطر التخدير: عادة ما تكون الأعراض مرتبطة بفرط التحسّس تجاه أدوية التخدير. وفي بعض الحالات النادرة، قد يظهر رد فعل خطيراً يتمثّل بهبوط شديد في ضغط الدم (صدمة تأقية - Anaphylactic shock).

مخاطر خاصة بجراحة استئصال الغدة الدرقية:

- تعرّض الأحبال الصوتية للضرر: نظراً لكونها قريبة من منطقة الجراحة.

- إصابة عصبية: تعرّض العصب المسؤول عن الأحبال الصوتية للضرر، وذلك بسبب مروره بقرب الغدة، الأمر الذي من شأنه أن يسبب بحّة في الصوت وأضراراً دائمة في القدرة على الكلام.

وعلى الرغم من وجود الكثير من الحالات التي يتأثر صوت المريض بهذه العملية، ولكن بحسب الطبيب، «عند إجراء الجراحة لدى مختص ذو خبرة ومن دون حدوث أخطاء، من المفترض أن يعلم الجرّاح مكان الأوتار الصوتية ويتجنّبها أثناء إزالة الغدة».

- إصابة في غدة الدريقة (Parathyroid gland): ممّا يسبب خللاً في كمية الكالسيوم في الجسم، نظراً لموقعها القريب من الغدة الدرقية.



العلاج بعد الجراحة:

يبقى المريض في المستشفى عادة من 24 الى 72 ساعة بعد الجراحة. وتتم إزالة أنابيب النزح في غضون أيام قليلة، ويتم إخراج الغرز الجراحية في غضون 10 أيام.

إذا كان هناك ألم بعد إزالة الغدة الدرقية يمكن استخدام المسكّنات حسب الحاجة. عادةً ما تختفي هذه الآلام في غضون أيام قليلة. قد يشعر المريض بتغيّرات في الصوت وبحّة خلال الأيام الأولى التي تلي الجراحة، في بعض الحالات النادرة قد يستغرق الأمر وقتاً أطول. إذا تم أخذ عيّنات من الأنسجة لاختبارات الباثولوجيا، تصل النتائج عادة خلال أسبوعين.

في حالات الإصابة بسرطان الغدة الدرقية قد يطلب من المريض تلقّي علاج كيميائي مكمّل بعد استئصال الغدة الدرقية، يتم تحديد ذلك بناءً على انتشار الورم ونوعه، وغيرها من العوامل. بالإضافة إلى ذلك يتلقّى المريض علاجاً مكمّلاً بواسطة هورمون الغدة الدرقية.

في حالة ظهور آلام لا تزول على الرغم من استخدام المسكنات، أو نزيف أو ضيق في التنفس أو ارتفاع في درجة الحرارة أو إفرازات قيحية من الشق الجراحي، يجب التوجّه على الفور لإجراء فحص طبي.

وختم الطبيب المختص الموضوع مشدداً على «أهمية تعاون المريض مع الطبيب قبل الوصول إلى مرحلة تستلزم الجراحة، إذا استلزمت الغدة مراقبة دقيقة ومتكررة. فإن لم يتّبع توجيهات الطبيب، قد يعرّض نفسه لخطر أمراض سرطانية أو غيرها».