خاص- حالات الانتحار في لبنان الى تزايد... و"السبق الصحفي"، تخطى "السبق الاجتماعي"!

  • شارك هذا الخبر
Monday, December 23, 2019

خاص- يارا الهندي

الكلمة اونلاين

بعيدا عن الاجواء السياسية المشحونة التي تمر فيها البلاد، ننظر الى حالات الانتحار التي عمّت معظم المناطق اللبنانية. فالاعلامي قد يفشل في تغطية عمق ودوافع مثل هذه الحالات ليسبق حينها السبق الصحفي، السبق الاجتماعي، أما البعض الاخر فاحترم حرمة الموت ولم يغص في التفاصيل.

في هذه الايام الحرجة والاوضاع الاقتصادية المتردية، نجح علم النفس اللبناني في القاء الضوء أكثر فأكثر على هذه الحالات التي توفيت انتحارا وذلك جاء على لسان الدكتور في الطب النفسي سامي ريشا في ندوة خاطبت عددا من الصحافيين الذين يعملون في الحقل الاعلامي.

اذ حذرت الجمعية اللبنانية للطب النفسي تعليقا على حالات الانتحار التي شهدها لبنان أخيرا من المقاربة التبسيطية للانتحار وشددت على أنه حالة معقدة تتشابك فيها عوامل عدة ولا تعود الى سبب واحد، موضحة ان الانتحار يحصل اذا كان وضع الشخص المعني قابلا اصلا للتأثر على المستوى النفسي الا ان الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تشكل عاملا يؤدي بحد ذاته الى اضعاف الانسان ودفعه الى الانتحار.

فالجمعية اللبنانية للطب النفسي هي الجهة الوحيدة المخولة التحدث باسم جميع الاطباء النفسيين في لبنان.اظهرت خلال هذه الندوة التي دارها الدكتور ريشا توضيح معطيات علمية وطبية للصحافيين لمعرفة كيفية التعاطي مع حالات الانتحار التي تحصل او الجهات التي تهدد بالانتحار. ويقول د. ريشا خلال الندوة، ان فكرة الانتحار لا تنطلق من رغبة في الموت، حيث ان غريزة الحياة قوية جدا لدى الانسان لكنه يعبر عن رفضه للعذاب والالم الذي يشعر بهما عندما ما مثلا تطلب منه ابنته "منقوشة" كما حصل منذ اسابيع ولم يستطع تلبية طلبها.

ولكن على الاعلامي أن يدرك جيدا ان حالة الانتحار هذه يجب الا تكون تبسيطية وان توحي بأن ثمة عاملا سببيا واحدا وراءه بل ان الانتحار حالة معقدة تتشابك فيها عوامل عدة، ولكل فرد قصة شخصية تختلف عن الشخص الاخر.

وخلال الندوة مداخلة قيمة للمعالجة نفسية شددت فيها على أن الانتحار لا يحصل في الحالات العادية بل اذا كان وضع الشخص المعني قابلا للتأثر على المستوى النفسي، غير أن الظروف المحيطة به كالظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة قد تشكل عاملا يؤدي بذاته الى اضعاف الانسان ودفعه الى اليأس ومن ثم الى الانتحار.

واذ يتساءل عدد من الصحافيين عن كيفية معالجة هذه الافة او حتى الحد منها ، فالجواب يكون على هذا السؤال هو انه من الممكن أن يحصل الفرد على معالجة نفسية ومساعدة مجانية متوافرة في عدد من عيادات الاطباء النفسيين او المستشفيات في كل أنحاء لبنان.

واخيرا يعتبر الدكتور ريشا خلال الندوة ان مكافحة الانتحار هو من خلال الاعتراف بالمعاناة الانسانية وهذا غير ممكن الا بطلب المساعدة وبالسعي الى الحصول على هذه المساعدة من الاخصائيين الحقيقيين في مجال الصحة النفسية.

اذا لكل صحافي خلال تغطية اعلامية او غيرها، ولدى علمه بأن حالة أي فرد هي على شفير الهاوية عليه ان يبلّغ الجهات المعنية بأسرع وقت ممكن أو القاء النصيحة عليه بزيارة معالج نفسي من الممكن أن يقوم بمهمة معالجته، لأن الانتحار يعادل الحالة النفسية المرضية أكثر من الحالة الاقتصادية، فالوضع المتدهور إقتصاديا يشمل اللبنانيين بأسرهم.