لـم يقتصر التوظيف الـمُخالِف للقانون على الوزارات، بل تفشىّ بقوة فـي البلديات، وحوّلـها إلى مزارع عشائرية يسرح فيها الأبناء وكأنـها مؤسّـسات عائلية خاصة.
إن توظيف الأبناء فـي البلدية يُعدّ نوعاً من أنواع إستغلال السلطة كونه يؤسّـس لـحالة فساد ويستدعي تدخُّل الـجهات الـمختصّة فـي مـحاربته.
تنصّ الـمادة 350 من قانون العقوبات على ما يلي : يُعدّ موظفاً بالـمعنـى الـمقصود فـي هذا الباب، كل موظّف فـي الإدارات والـمؤسّـسات العامة والبلديات والـجيش والقضاء وكل عامل أو مستـخدم فـي الدولة، وكل شخص عُيّـن أو إنتُخب لأداء خدمة عامة ببدل أو بغيـر بدل.
وتنصّ الـمادة 74 من قانون البلديات على ما يلي : يتولّـى رئيس السلطة التنفيذية على سبيل التعداد لا الـحصر، الأعمال التالية وأهـمّها : تعييـن موظفي البلدية وفقاً لأنظـمة البلدية وملاكاتـها وإنـهاء خدماتـهم وتعييـن العمال والأجراء والـمياوميـن فـي حدود الإعتـمادات الـمخصّصة لـهم فـي الـموازنة، إلّا أنه لا يـجوز أن يكون الأب وأحد الأولاد، والأم وأحد الأولاد، والزوج والزوجة وزوجة الإبـن، والأخوة والأخوات موظفيـن فـي بلدية واحدة، وإذا وجد بيـن الـموظفيـن مَن هو فـي هذه الـحالات حُقّ لرئيس البلدية أن يصرف أحدهـما من الـخدمة بـموجب قرار إداري نافذ بذاته على أن تُصفّى تعويضاته وفقاً لأحكام قانون الـموظفيـن.
ألـم يقرأ بعض رؤساء البلديات هذه القوانيـن التـي تـمنعهم من توظيف أبنائـهم، أم أنّ مصالـحهم الشخصية وتكديس الثـروات أهمّ من كل القوانيـن والدساتيـر ؟ وهل أصبحت البلديات فـي هذا الزمن الرديء مـملكة يرثـها الأبناء عن آبائـهم ؟
إن أهّمّ أسباب الفساد هو إنـخفاض الـحسّ الوطنـي والأخلاقـي، وعدم وجود الشجاعة لدى معظم الناس لـمواجهة الفساد والفاسديـن، والأطماع الشخصية والرغبة الـمطلقة لدى بعض رؤساء البلديات فـي الـمال والسلطة.
على الرغـم من أنّ مُساءلة اللبنانيـيـن لبلدياتـهم كانت شبه معدومة، لكنّ الأمور إختلفت بعد 17 تشريـن وبعد حـملة "بعدك ما سألت البلدية عن مصرياتك ؟" فالناس صاروا أكثـر جرأة من ذي قبل، فهم يسألون ويطالبون ويفتشون عن الـحقيقة وعن أموالـهم الـمنهوبة.
السؤال الأهمّ الذي يطرحه الناس على بعض رؤساء البلديات وأبنائـهم : من أين أتيتـم بـهذه الأموال والعقارات والسيارات والـمحلات والشقق فـي الساحل والـجبل وخارج البلاد ؟ هل ربـحتـم جائزة اللوتو الأميـركية ؟ أم أنّ الـجوائز الكبـرى موجودة كلـها فـي البلدية ؟
صدق من قال : إنـعدام السّلطة يُـحدِث الفساد، وإنعدامها بدرجة مُطلقَة يُـحدِث الفساد الـمُطلَق.
