ميلاد السبعلي - لجنة المال والموازنة... وقرار دمج دور المعلمين!

  • شارك هذا الخبر
Thursday, December 12, 2019



في لبنان، سمعة القطاع العام مضروبة... وسمعة فعالية المؤسسات العامة سيئة. وسمعة التعليم الرسمي مشوهة، ويتم المضي بالمزيد من التشويه من قبل المستفيدين من التعليم الخاص، من طوائف واقطاع ومتمولين... واساتذة المدرسة الرسمية يتم التسويق أنهم كسالى وغير مؤهلين وغير مستحقين للزيادة التي نالوها في سلسلة الرواتب، والتي يدعي ليبراليو مجلس النواب والسياسة أنها كانت أحد أسباب الأزمة الاقتصادية الخانقة...

هذه الصورة المتداولة من قبل عامة الناس. لكن الواقع عن قرب يختلف كثيراً، على الأقل بما يختص بالمعلمين...

الواقع أن الكثيرون من معلمي المدرسة الرسمية لديهم كفاءات كبيرة ومتنوعة. لكنها كفاءات مهملة ولا يتم الاعتناء بها بشكل مناسب، لا من حيث التدريب والتشذيب والتطوير، ولا من حيث مكافأة المتميزين والمجتهدين والمتفوقين، وتحفيز المتلكئين أو اشراكهم أو الاستغناء عنهم.

فنظام الترقية والدرجات والتقدم الوظيفي، عاهته أنه يعتمد فقط على الأقدمية وعدد سنوات الخدمة، ولا يأخذ بعين الاعتبار نوعية هذه الخدمة ومخرجاتها وانجازاتها. ونظام التدريب كان في الماضي استنسابياً عشوائياً يقدم دورات عمومية ويرسل اليها من يريد المدير تكريمه او اراحته من الدوام اليومي.

لكن منذ سنوات، بدأ المركز التربوي يهتم بهذا الجانب. وبدأت نوعية الدورات التدريبية ومضمونها والمشتركين بها تتطور بشكل لافت، وازدادت اعداد المعلمين والاداريين الذين يتم تدريبهم بشكل افضل، مع الاعتراف بأن مسألة تدريب المعلمين والاداريين أصبحت عملية تحويلية الزامية مع التطورات السريعة في عالم التربية والتعليم، وفي المفاهيم والتقنيات والمقاربات المصاحبة لذلك.

ويستخدم المركز التربوي 33 دار معلمين في مختلف المناطق اللبنانية، لتدريب حوالي 30 الف معلم واداري سنوياً. وهذا العدد مرشح للزيادة مع تطوير منظومة التدريب لدى المركز ومع خطط تطوير المناهج الجديدة واعتماد طرائق معاصرة للتدريس والتعلم والادارة، ومع ادخال تقنيات حديثة تدريجياً على عملية التعليم والتعلم.

13 مركزاً من هذه الدور فقط مستأجر. كلفة اجارها السنوية هي حوالي 300 مليون ليرة لبنانية. أي لا شيء يذكر نسبة الى ملايين الدولارات التي تصرف على اقل بناية لأصغر مؤسسة في الدولة. ولم ننسَ بعد مباني الاتصالات وفضائحها. كل الدور الباقية هي اما ملك للمركز أو مقامة في مدارس رسمية في المناطق.

فجأة تطالعنا لجنة المال والموازنة، بقرار دمج الدور وتقليص عددها الى 6 دور اساسية، واحد في كل محافظة، وحصر مهامها التدريبية بمرحلة التعليم الاساسي! وذلك بحجة عصر النفقات!!!!

عصر النفقات عند جهابذة القرارات الاعتباطية العشوائية، هو بتوفير 200 الف دولار سنويا، وضرب تدريب معظم معلمي المدرسة الرسمية وادارييها!!! وبالتالي خسارة كبيرة على مستوى نتائج عمل هؤلاء، اي تعليم الاجيال القادمة لعشرات السنين.

وان اراد المركز التربوي او وزارة التربية تدريب هؤلاء خارج هذه الدور المقفلة والمدمجة، ستكون الكلفة أكبر بكثير مما يوفره هذا القرار من أموال.

الا اذا كان هناك مشروع لخصخصة تدريب المعلمين، وهذا ايضاً أكثر كلفة ويفسح مجالاً للتدخل في مضمون التدريب وادخال مفاهيم قد لا تكون متلاءمة مع الاستراتيجية الوطنية للتربية، الغائبة أصلاً...

اليوم سيطرح البند دمج دور المعلمين على لجنة المال والموازنة، والمطلوب من كافة الأصدقاء في اللجنة اسقاط هذا البند ووقف هذه المهزلة...

الدكتور ميلاد السبعلي