روي حرب- كم انتحار بدكم بعد؟!

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, December 11, 2019

عذراً ... فنحن انغمسنا في ملذات الحياة اليوميّة والسطحيّة ولم نقف عند معاناتكم أو نتوقّف عند ألمكم... لقد انهمكنا بتحويل مدّخرات العمر الى المصارف السويسريّة، ونسينا أنّكم لا تملكون ثمن ربطة خبز... لقد أتعبتنا الثورة فلم نستطع أن نسحب ألا حفنة من الدولارات أسبوعيّاً ونسينا أنّكم لا تملكون ثمن العشاء....

عذراً ... فنحن نعيش في منازل مرفّهة، وننتقد فيها كلّ تقصير، وقد تناسينا أنّكم بلا مأوى... تتّخذون من المقابر والساحات منازل لكم... وتموتون في أسرّتكم لأنّ البناء تآكل والفساد أنهكه، فضاعت المسؤوليّة كما ضاعت أرواحكم....

عذراً يا أحبّتي... فنحن ما زلنا غنماً نصفّق لهذا الزعيم أو ذاك، ونتقاتل كلّما تناقشنا في مواضيع سياسيّة ساخنة وتناسينا أنّكم أنتم وقود الثورة، أنتم من لا تملكون ثمن "منقوشة" لأطفالكم...

منكم نطلب السماح.... لأنّنا لسنا أهلاً لاحتضان جثثكم بعدما انتحرتم من كثرة ظلمنا واستهتارنا، لا من شدّة فقركم...

سامحونا ... وسامحوا هذا البلد المرتهن لسياسيين غلّبوا ضيق مصالحهم على آفاق ابنائكم الرحبة، ففضّلتم الإبحار نحو المجهول على البقاء في حياة ظلمها بات معروفاً...

وإن كان الإنتحار "ساعة تخلّ"، او "لحظة هروب"، أو "أرجوحة ببن الشجاعة والجبن"، إلا أنّ حالات الانتحار المتزايدة في لبنان باتت تشكّل علامة استفهام أساسيّة يجب التوقّف عندها والتدقيق في حيثيّاتها من باب علم الاجتماع... لأنّ الشخص الذي صار مستعداً ليفقد حياته من أجل ألفٍ من ليرات بالية طلبتها ابنته، وضحّى ببسمتها ورؤيتها تكبر أمام ناظريه، إنّما بلغ من البؤس أوجه، تماماً كما هي حال البلد اليوم، فهل بتنا نشهد عملية انتحار جماعية أم انتحار وطن؟

#خدوني_ع_قد_عقلاتي (مقال اسبوعي)
روي ج. حرب