سمير سكاف - أسباب وهدف ثورتنا... وانتصاران من ثلاثة!

  • شارك هذا الخبر
Monday, October 21, 2019



ان الهدف الأساسي من ثورتنا هو تغيير الطبقة السياسية!

إن كل تغيير في الأداء السياسي بهدف الاصلاح يفترض تغييرا في الوجوه. إن الإصلاح بالأشخاص نفسهم مستحيل! ولهذا فإن الثورة ستستمر حتى تحقيق هذا التغيير، الذي يبدأ باستقالة الحكومة، وبحكومة بوجوه جديدة غير تقليدية قادرة على معالجة وتأمين عناصر الحياة الأساسية الكريمة للبنانيين! وأساس الحل كلمتين: الصالح يصلح! ولبنان غني برجاله ونسائه! والصالحون تتوفر فيهم المعرفة والقدرة والارادة والمبادرة والشفافية ومحبة الوطن والمواطن وهم الفقراء والعدالة الاجتماعية.

هناك سببان أساسيان للتظاهر. الأول يشعر فيه الناس مباشرة، وهو الوجع الناتج عن الجوع والفقر والظلم وفقدان الأمل بالمستقبل وغياب فرص العمل وفساد أهل السلطة... أما الثاني فهو أسلوب أهل السلطة العنجهي الفوقي في تعاطيهم مع الناس، أهل السلطة الذين لا وقت لديهم لاضاعة الوقت بالاستماع إلى الناس وإلى مشاكلها لكثرة انشغالاتهم في هموم الوطن والمواطنين (!!!)، والذي يعتبرون أنفسهم فوق المساءلة والمحاسبة، وفوق القانون، وفوق الناس... أي بكلمة واحدة (بالانكليزية، لعدم وجود مرادف قوي) Untouchables !

ال Untouchables هم مسؤولون سياسيون (ويمكن أن يكونوا في مجالات أخرى غير السياسة) من دون مسؤولية. يريدون استبدال شعوبهم "الغشيمة" بشعوب ذكية! وهم يعتبرون أنفسهم بركة من الله على شعوبهم، حتى ولو أفقروهم واسأوا إليهم. هم لا يحتاجون لا التفكير ولا المشورة ولا المناقشة. فرأيهم هو للتنفيذ، وليس مطلوبا أن تكون قراراتهم حكيمة أو على حق! فهذا ليس شأنهم. يقومون أو لا يقومون بعمل ما فقط لأنهم يستطيعون من دون الحاجة إلى تقييم لاعمالهم، في حين انهم قد يهتمون أحيانا بتقييم ردود فعل الشعب الذي يضحون بحياتهم من أجله، من دون تقدير الشعب لحجم تضحياتهم!!!! هؤلاء المسؤولون لا يأبهون حتى بآراء بعضهم. فكل واحد منهم Untouchable على حسابه. ولا يمكن لأحدهم مضايقة الآخر.

إن بلوغ هذه المرحلة أي ال Untouchable، وقد بلغها العديد من أهل السلطة والزعماء وفرق عملهم السياسية والادارية، يجعل من المسؤول السياسي يرتكب فعليا الأخطاء بالجملة، وان كان غير مدرك لذلك، وهو في الحقيقة غير آبه بإدراك أو برأي أحد! سرقوا، نهبوا، أفسدوا، هدروا، تحاصصوا، تشاركوا في بلوغ الوطن إلى الحضيض الاقتصادي والاجتماعي... جعلوا القضاء لهم والقضاء علينا (بكل المعاني)!!

برهن اللبنانيون فعلا إن الوحدة تصنع القوة. إن ثورتنا كشعب لبناني تغلبت في وحدة المواطنين وفي أيامها الأولى على كبرياء أهل السلطة. وهي أنزلت أهل السلطة إلى مستوى المساءلة الجماعية في المرحلة الأولى (بانتظار المساءلة الفردية) أي إنهم أصبحوا في الإرادة الشعبية Touchables. وهو الانتصار الثاني لنا. أما الانتصار الأول فهو الانتصار على الذات وقرار المساهمة بالتغيير، أيا تكن نتائجه القصيرة المدى. الانتصار على الذات هو بلوغ مرحلة الوعي الجماعي غير الطائفي (على أمل عدم تراجعه مستقبلا) للسير معا باتجاه الإصلاح.

مارس ويمارس اللبنانيون في ثورتهم أفضل أنواع الديمقراطية. فهم يدلون بصوتهم، ليس بورقة وبصمت، بل علنا وبصوت مرتفع جدا. اقترعوا بأقدامهم وبدعساتهم وبأجسادهم وبأرواحهم. ولا يستطيع أهل السلطة مهما بلغت قوتهم ومخزون سلاحهم أن يتجاهلوا هذا التصويت. نعم أتت بهم الانتخابات، ولكن الدستور هو المواطن والقانون هو المواطن، والمواطن غير رأيه بهم، وهو سيرحلهم.

هاجس أساسي يمكنه أن يؤثر على ثورتنا، وهو خيار العنف الذي قد تلجأ إليه السلطة، أو حتى بعض أحزاب السلطة، التي وضعت سقوفا عسكرية للثورة تتمثل في عدم إسقاط العهد وعدم إسقاط الحكومة، ورفض خيارات الحكومات البديلة. ولكن التجارب السابقة أظهرت القدرة للشعب اللبناني على مواجهة أي حزب لبناني مهما بلغت قوته، مع القدرة على إسقاط الحكومة على الأقل.

ان الانتصار الثالث المنتظر هو تغيير الطبقة السياسية بالاليات الدستورية الممكنة! وكما ذكرت في مقال سابق منذ عدة أشهر، فإن الطبقة السياسية التي تعيش حاليا حالة نكران لعقود من فشلها ولمسؤوليتها عن الحال التي بلغها اللبنانيون من تعتير، تحتاج هذه الطبقة السياسية الفاسدة والمفسدة إلى فرز وإلى عدم إعادة تدوير.