البروفسور فريد البستاني - فليكن الخلاص عن طريق مجلس النواب

  • شارك هذا الخبر
Monday, October 21, 2019



مخطئ من يعتقد أن إنتفاضة اللبنانيين التي فاجأت الجميع ، بشمولها كل المناطق والطوائف وجمهور الأحزاب ، هي ثورة الواتساب الذي فجر الإنتفاضة الإعلان عن ضريبة تفرض على إستخدامه ، فالبعد المطلبي الإقتصادي والإجتماعي ، والدعوة لتحسين الأحوال المعيشية ، جانب مهم من مطالب المنتفضين في الشارع ، لكن البعد الإصلاحي للإنتفاضة يغلب على جانبها المطلبي ، فقد شكلت مكافحة الفساد ، والمطالبة بإعادة المال المنهوب إلى خزينة الدولة ، ومساءلة كل من تولى مسؤولية الشأن العام عن كل صرف للنفوذ أو إثراء غير مشروع ، عناوين بارزة في مضمون الحراك الشعبي ، وهذا يفسر سقف الحراك العالي الذي إختصره شعار إسقاط النظام والمطالبة بإستقالة المسؤولين ، تعبيرا عن الغضب مما يعتبرونه عجزا عن السير في إجراءات إصلاحية جذرية ويصفونه بالتلكؤ في جعل هذه الأهداف الإصلاحية ممكنة .
لذلك سيبدو الرهان على إصغاء الحراك لخطة حكومية جديدة لمواجهة الأزمة الإقتصادية والمالية تأخذ بالإعتبار الإبتعاد عن اي ضرائب أو إقتطاعات تطال الفئات الفقيرة ، وتظهر مساهمات الفئات الأكثر قدرة ، غير كاف لملاقاة نداء الشعب ، الذي عبر عنه هذا الحراك .
من الزاوية الديمقراطية الصرفة ، الشعب هو مصدر السلطات ، وقد قال الشعب كلمته واضحة ، بأن الإصلاح الجذري ، وخصوصا تصحيح علاقة من يتولى الشأن العام بالمال العام ، قضية محورية في الثقة بين السلطة والشعب ، وكل تلكؤ في إظهار الجدية بالإستعداد للسير في هذا الإتجاه يعني مواصلة نهج الإستهتار والإستخفاف بالشعب ، سيؤدي إلى نتائج عكسية .
إن المجلس النيابي بصفته مجلس ممثلي الشعب أول المطالبين بالإصغاء لصوت شعبه ، وهم الناخبون الذين منحوا وكالتهم التمثيلية للنواب لينقلوا صوتهم إلى تحت قبة البرلمان ، وبمستطاع المجلس النيابي أن يتلقف نداء الناس ويعبر عن الجدية المطلوبة في تلبية النداء .
هناك ثلاثة إقتراحات قوانين موجودة في المجلس النيابي ، إقتراح قانون يدعو لرفع الحصانة عن الرؤساء والوزراء والنواب في كل مساءلة قضائية تتصل بالمال العام خصوصا ، وإقتراح قانون يرفع السرية المصرفية عن الرؤساء والوزراء والنواب والمدراء وكل من يتولى مسؤولية في الدولة ، وإقتراح قانون خاص بإستعادة الأموال المنهوبة ، و إقرار هذه القوانين مع الآليات التي تتضمنها للتطبيق العملي للأهداف الإصلاحية التي نادى بها الشعب ، سيشكل أهم إستجابة للنداء الذي سمعناه يتكرر خلال الأيام الماضية .
من المحتمل أن يعترض عدد من النواب على هذه الإقتراحات ، أو أن تقرر بعض الكتل النيابية إسقاطها بالتصويت في الهيئة العامة لمجلس النواب ، ولأن المهم ان يعلم الشعب بحقيقة مواقف الذين إنتخبهم لتمثيله ، فإننا نتوجه إلى رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري لتحديد موعد عاجل لجلسة نيابية علنية تنقل على الهواء مباشرة للتصويت على إقتراحات قوانين ، رفع السرية المصرفية ، ورفع الحصانة ، وإستعادة المال المنهوب ، وليتحمل كل مسؤولية مواقفه ، ويقف الجميع على المحك وأمام مرآة الشعب مباشرة بلا ماكياج ولا رتوش ، وعسى أن يشكل حضور الشعب في الشارع ضامنا لتصويت بالإجماع على هذه القوانين فندخل مرحلة نوعية من العمل العام ، لا ينهب فيها المال ولا تتجمع فيها الثروات في حسابات مصرفية تحميها السرية ، ولا يغرق المسؤولون في الفساد ويستغرقون فيه وتحميهم الحصانات .


الجمهورية