القضاء العراقي عن المفقودين: تبريرات وجهل بمصير الكثيرين

  • شارك هذا الخبر
Sunday, October 20, 2019

للمرة الاولى يتم "الكشف" رسميا عن مصير المفقودين في البلاد الذين يصل عددهم إلى 12 الفا بتقرير اصدره المجلس الاعلى للقضاء يبرر فيه مصير بعضهم بصدور مذكرات قبض ضدهم بتهم ارهاب وهم هاربون ومتوفون ومسجونون.

فبعد مناشدات وشكاوى لعوائل المفقودين وضغوط سياسية من اجل الكشف عن مصيرهم، فقد أشار المجلس الاعلى العراقي للقضاء اليوم في بيان صحافي الاحد تابعته "إيلاف" إلى أنّه تلقى الإخبار بخصوص قائمة من المفقودين من قبل إحدى الجهات السياسية وتم الإيعاز إلى جميع المحاكم للمباشرة بالتعاون مع الجهات المعنية للتوصل إلى مصيـرهم الحقيقي وكانت حصيلة نتائج ذلك لغاية اليوم الاحد العشرين من اكتوبر ان قسماً من الواردة أسماؤهم ضمن القوائم كانوا موقوفين على ذمة قضايا تحقيقية وقد صدر قرار بالإفراج عنهم في حينه لكنه لم يوضح فيما اذا كانوا احياء ام امواتا او انه قد تأكد من عوائلهم عن ذلك.

متهمون احيلوا إلى المحاكم بتهم ارهاب!

واضاف أن قسما من المتهمين الواردة أسماؤهم ضمن القوائم المرسلة اليه سبق وان تم توقيفهم في محافظة بابل "جنوب بغداد" ثم أحيلت قضاياهم إلى محكمة التحقيق المركزية وتم الإفراج عنهم من قبل المحكمة المذكورة حسب ما جاء بكتاب المحكمة بالعدد 12220 المؤرخ في 2019/10/17.

أحدهم توفي وآخر حكم عليه بالمؤبد!

واوضح ان أحد المتهمين الوارد إسمه ضمن القوائم ايضا قد تم توقيفه بتاريخ 2017/7/7 ثم توفي بتاريخ 2017/9/9 أثناء رقوده في مستشفى الحلة التعليمي وتم تسليم جثته إلى ذويه من دون ان يوضح اسباب الوفاة التي عادة ما تكون بسبب التعذيب الذي يتلقاه المحتجزون في المعتقلات العراقية كما وثقت ذلك منظمات دولية حقوقية.

وبين مجلس القضاء ان أحد المتهمين الوارد اسمه ضمن القوائم تم توقيفه تاريخ 2017/7/7 بعدها تم الحكم عليه من قبل محكمة جنايات بابل بالسجن المؤبد وحالياً مودع في سجن الرصافة الخامسة.. وقال ان قسماً من المتهمين ضمن القوائم قد صدرت بحقهم مذكرات أمر قبض وفق المادة 4/1 من قانون مكافحة الإرهاب وحاليا هم هاربون لكنه لم يذكر عددهم وإلى اي محافظات ينتمون.

وأشار إلى أنّ "القسم الآخر قد تم تسجيل أخبار لدى محاكم التحقيق المختصة بفقدانهم، من ضمنهم مفقودو قرية الشيحة/ناحية الصقلاوية التابعون لمنطقة الشيحة (عشيرة المحامدة) وفقدوا بعد سقوط محافظة الأنبار بيد العناصر الإرهابية وراجع اغلب ذوي المفقودين محاكم التحقيق وسجلوا أخبارات في محاكم التحقيق في مجمع الفلوجة وقد اتخذت الإجراءات اللازمة بخصوصهم وتم تعميم الأوصاف ومفاتحة الجهات الأمنية كما تم توصية محاكم الأحوال الشخصية بإصدار حجج القيمومة الموقتة بخصوص المفقودين من العاملين في دوائر الدولة لذويهم ولم يتهم أي من ذوي المفقودين أي جهة أمنية في البلد بخصوص فقدان ذويهم".. وعادة ما تخشى العوائل اتهام جهات بعينها بتغييب ابنائها خوفا من انتقامها منها لكنه من المعروف في العراق ان غالبية المغيبين كانت قوات الحشد الشعبي قد اعتقلتهم او قتلتهم.

جارٍ البحث..

أما بالنسبة لمفقودي محافظة صلاح الدين فقد تم تسجيل أخبار بفقدانهم وجارٍ البحث والتحري عنهم من دون ذكر عددهم.. وكذلك مفقودي محكمة تحقيق المشروع مسجل أخبار بفقدانهم وجارٍ التحري والبحث عنهم.

وفي ما يخص مفقودي محافظة كركوك الشمالية، فقد اوضح مجلس القضاء ان رئاسة محكمة استئناف كركوك الاتحادية قد بينت أن ذوي المخطوفين قد قاموا بتسجيل شكاوى أصولية لدى هذه المحكمة وتم اتخاذ الإجراءات القانونية وان التحقيق قد قطع شوطاً طويلاً وان بإمكان ذويهم مراجعة الجهات التحقيقية لمعرفة الإجراءات وإفهام أصحاب العلاقة من لم يقم بتسجيل أخبار لدى المحاكم بمراجعة المحكمة المختصة لغرض تسجيل أخبار أو شكوى بخصوص الموضوع لاتخاذ الإجراءات القانونية الأصولية.

وأشار مجلس القضاء إلى أنّ التحري سيستمر عن الذين لم يتم التوصل إلى مصيرهم بالتنسيق مع الجهات المعنية بالأمن في السلطة التنفيذية بمختلف مسمياتها مع الإشاره إلى إنه نقلت التقارير من رئاسة محكمة استئناف ديإلى بخصوص الزيارة المفاجئة إلى معسكر (اشرف) بمحافظة ديإلى شمال شرق بغداد من قبل القضاة وأعضاء الادعاء العام وكذلك التقارير الواردة من رئاسة محكمة استئناف بابل بخصوص الزيارة المفاجئة إلى محطة كهرباء المسيب من قبل القضاة وأعضاء الادعاء العام وتبين عدم صحة المعلومات بخصوص وجود معتقلين في هذه الأماكن.

وسبق أن أعلن مجلس القضاء الاعلى في 22 اغسطس الماضي الموافقة على تشكيل هيئات تحقيقية في كل محافظة تعرض مواطنوها إلى الخطف أو التغييب وفتح المجال لذويهم بتقديم شكاواهم اليها.

تأخر الكشف عن المغيبين ينذر بخطر كبير

ومن جانبه كشف النائب عن "تحالف القوى العراقية" السنية خالد المفرجي عن أماكن تواجد السجون السرية للمغيبين من أبناء المحافظات المحررة من تنظيم داعش موضحا انها في جرف الصخر بحزام بغداد وصدر القناة في بغداد ومعسكر أشرف بمحافظة ديإلى شمال شرق بغداد.. موضحا أن بعض المغيبين محتجزون في السجون الرسمية.

وعلى الصعيد نفسه فقد اكدت اللجنة المكلفة بمتابعة قضايا المغيبين والمختطفين برئاسة رئيس مجلس النواب السابق سليم الجبوري أن الوقت قد حان لحراك تضامني جاد وعاجل لإنهاء ملف المغيبين والمختطفين.

ودعا الجبوري في ‏رسالة مفتوحة إلى المجتمع الدولي والجهات المسؤولة في الدولة العراقية ومنظمات المجتمع المدني والشعب العراقي تابعتها "إيلاف" إلى "البدء معاً وبروح مخلصة وصادقة لإنهاء معاناة الاف الاشخاص والعوائل".. منوها إلى عدم وجود أرقام وإحصاءات دقيقة حول عدد المفقودين والمغيبين إلا أن أعدادهم تقدر بالآلاف من أهالي محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك وديإلى وبابل بغداد ومناطق أخرى.

وأشار إلى أنّه سبق وأن قام عدد من النواب والناشطين المدنيين بإرسال قوائم بأسماء المختطفين إلى خمس جهات أمنية منها ثلاث وزارات ولم يستلموا ردا فضلاً عن ان آلاف الاشخاص اختفوا في ظروف غامضة أثناء عملية تحرير المناطق المحتلة من داعش.

وحذر من أن تأخر "الكشف عن المغيبين ينذر بخطر كبير في إنهاء حياة هؤلاء الأشخاص خصوصا مع فقدان تنظيم داعش الارهابي والمجموعات الخارجة عن القانون مواقعها الميدانية ما سيضطرها إلى تصفية هولاء المواطنين للتخلص منهم".

وأشار الجبوري إلى أن "تردد بعض عوائل الضحايا من تسجيل ذويهم لدى الحكومات المحلية ومنظمات المجتمع المدني الناشطة يرجع للخوف والقلق من اتهامهم بالإرهاب ‏وهنا يتوجب على الحكومة تقدم تطمينات حقيقية لهذه العوائل كي تسرع بالإفصاح عن ذويها و تسجيلهم لديها".

وكانت الامم المتحدة قد دعت الحكومة العراقية في 30 أغسطس الماضي إلى التحقيق في جميع حالات الاختفاء القسري وتحديد مصير المفقودين وأماكن وجودهم وإعادة المحتجزين إلى عائلاتهم وتحديد المسؤولين عن عمليات الاختطاف والقتل ومحاكمتهم.

وفي 21 من الشهر نفسه هدد نواب المحافظات العراقية المحررة من سيطرة تنظيم داعش بتدويل قضية المختطفين والمغيبين قسرا والجثثِ مجهولةِ الهوية وحملوا حكومة عادل عبد المهدي مسؤولية تجاهل هذا الملف.. مشيرين إلى ضرورة اخذ القضاء دوره القانوني في هذه القضية بعيدا عن الأجندات السياسية.