ثلاثة احتمالات واجهها الحريري أمس.. واحلاها مُرّ!

  • شارك هذا الخبر
Saturday, October 19, 2019

أشارت "اللواء" إلى أن المحصلة الأخيرة لليوم الثاني والطويل من الاحتجاجات الشعبية، انتهت بتحديد رئيس الحكومة سعد الحريري لنفسه مهلة 72 ساعة لأن يعطيه شركاؤه في التسوية وفي الحكومة جواباً واضحاً وحاسماً ونهائياً يقنعه بأن هناك قراراً من الجميع بالاصلاح ووقف الهدر والفساد، والا سيكون له كلام آخر، فإن ما قد لا يعرفه المتظاهرون الذين ملأوا الشوارع في مختلف المناطق اللبنانية، ان الحريري قبل إعلان موقفه أو خياره، كان قد أمضى يوماً طويلاً من الاتصالات والمشاورات، سبقه إعلان الأمانة العامة لمجلس الوزراء إلغاء جلسة الحكومة التي كانت مقررة بعد الظهر في بعبدا، بعد اتصال جرى بين الرئيسين ميشال عون والحريري، كما اتصال آخر مماثل بين الأخير ووزير الخارجية جبران باسيل،

ولا يخفى ان الحريري واجه أمس 3 احتمالات احلاها مر، ناقشها بتأن مع حلقته الضيقة والمقربين:

1- استقالة فورية تجاوباً تلقائياً مع خطاب الشارع، لكن تداعياتها قد لا تحصى، بدءاً من انعكاسها على حياته السياسية، وليس انتهاء بالفوضى التي ستخلفها تلك الخطوة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، إلى جانب انها ستعد تنصلاً من مسؤولياته الوطنية.

2- احداث صدمة فورية من الدرجة الثانية، تقضي باقالة وزير الاتصالات مطلق شرارة الأزمة، في مسعى للمحاسبة من جهة ولاستيعاب الشارع من جهة ثانية، لكن تبين ان هذه الخطوة لن تكون كافية في ضوء تصاعد التحركات الاحتجاجية في الشارع، وقد يستدل منها ضعف سياسي.

3- الرجوع خطوة إلى الوراء تمهيداً لوضع كل القوى امام مسؤولياتها، عبر مخاطبة الرأي العام، بالتوازي مع إعطاء مهلة أيام قليلة بما يتيح للحكومة تحقيق ما تعذر لجهة إقرار الموازنة والإصلاحات ومتطلبات الخروج من الأزمة واستطراداً تليين موقف الشارع وتحقيق جزء أساسي من المطالب، لكن يتطلب إنجاح هذه الفكرة خطاب وجداني يُحاكي الشارع على ان يكون حازماً في الوقت عينه.

واستناداً إلى الخيارات الثلاثة، اعتمد الرئيس الحريري الاحتمال الثالث، أي الاستقالة المستحيلة أو المرجأة، مع علمه ان المشاورات التي أجراها أظهرت له ان الخطوة التي اتخذها قد لا تكون كافية لتحقيق اختراق جدي، خصوصاً إذا تبين ان ما من شيء سيتغير خلال مهلة الـ72 ساعة، وقد يزداد الضغط الشعبي، وان الذي شكى منه الحريري بالتعطيل والفركشة ما زال ينتظره على «ضفة النهر».

وحرص الرئيس الحريري في الرسالة التي وجهها إلى اللبنانيين مساء أمس، على مخاطبتهم مباشرة، معتبراً ان وجعهم حقيقي، وانه مع كل تحرك سلمي للتعبير عنه، لكن المهم هو كيف سنعالجه ونقدم له حلولاً، لافتاً نظرهم إلى انه منذ أكثر من ثلاث سنوات كان يقول لشركائه في الوطن انه لم يعد في مقدورنا ان نستمر على هذا النحو، الكهرباء تكلف الدولة ملياري دولار، وسلسلة الرتب والرواتب تبين ان كلفتها فاقت التوقعات أي حوالى ملياري دولار ما يتسبب بعجز إضافي في السنة.

وقال انه اتفق مع كل شركائه في الوطن على إصلاحات لا حل من دونها، موضحاً ان الإصلاحات لا تعني الضرائب، بل تعني ان نغير الطريقة التي يعمل بها لبنان، وانه بناء على هذه الإصلاحات وافق المجتمع الدولي على ضخ أموال جديدة بالاقتصاد اللبناني، لكن الشركاء، أضاف الحريري، لم تبق هناك مماطلة ولم تبق هناك "فركوشة" الا ووضعوها في وجهه، بدءاً من تشكيل الحكومة إلى إصلاح الكهرباء وإلى خفض النفقات ومعالجة العجز والاصلاحات، وكانت دائماً النتيجة ان ما في شيء يمشي، معتبرا ان "اي شعب يواجه أداء سياسياً على صورة ما حصل خلال السنين الماضية تكون ردة فعله الغضب، وهذا الغضب هو بالتأكيد نتيجة أوضاع معيشية، لكن أساسه مستوى السلوك السياسي في البلد".

وإذ ألمح الحريري إلى ان هناك جهات في الداخل سعيدة بما حصل وعملت "قبة باط" لمجموعات نزلت إلى الشارع، وان هناك مخططاً خارجياً لتخريب الوضع، طالما ان هناك متغيرات في الأقاليم وموازين قوى انقلبت، وانه إذا كان الوضع يتجه نحو الهدوء في سوريا فلتخرب في لبنان، فإنه اعتبر ان هذا كلّه لا يلغي ان هناك وجعاً حقيقياً تفجر أمس الأوّل، لافتا إلى انه قرّر التحدث مع النّاس من دون قفازات، معيداً إلى الأذهان انه ذهب إلى التسوية السياسية لكي لا يذهب البلد إلى صراع اهلي جديد، وانه قرّر قلب الطاولة على نفسه لكي لا تنقلب على البلد، وانه من أربع سنوات وأكثر يدور الزوايا.

وأضاف انه بعدما حصل بالأمس بدأ يرى الأمور بعيون أخرى، ليست عيون الندم على التسوية، بل لأنه لم يعد بمقدورنا ان ننتظر.

وفي تقدير مصادر سياسية، ان جزءاً كبيراً من رسالة الحريري كانت موجهة إلى شركائه في التسوية وفي الحكم، ولا سيما لرئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" الشريك الثالث الخفي في التسوية السياسية.