ناصر قنديل - قرارات وزير العمل « الطائشة »

  • شارك هذا الخبر
Thursday, July 18, 2019


– لا يستطيع وزير العمل [ الآتي من مكانة حقوقيّة مرموقة و من عالم المال و الأعمال في الأسواق العالمية ] الادعاء : بأنه كان يتحرك بقوة القانون الحرفية أو بدافع « وطني » ساذج منطلقه الحرص على اليد العاملة اللبنانية فقط ، فهو ممن لا يفوتهم إدراك أمرين يحضران فوراً قبل اتخاذ أيّ قرار مشابه ؛

- *الأول :* أن ظاهرة الوطنية الساذجة التي تنطلق من حساب الصراخ بأولوية العمالة الوطنية موجودة في كل العالم و اسمها اليوم « الترامبية » ، لكنها تبقى بحدود كبيرة خارج قرار الحكم ، لحساب قرارات أكثر حكمة تراعي البعد الوطني لحاجات العمالة الوطنيّة و أولويّتها ، لكنها تراعي معها عوامل و اعتبارات أخرى ، اقتصادية و سياسية و أمنية و إجتماعية ، تُصاغ من مجموعها ما يُسمّى بالمصلحة العليا للدولة .

- فالترامبية الموجودة على تويتر ليست الترامبية الموجودة في الواقع ؛ حيث العمالة المكسيكية كحاجة اقتصادية للصناعة و الزراعة و قطاع السياحة في أميركا تعيش التجاذب بين حدود القانون و الوطنية الساذجة بالتوازي مع الحاجات الاقتصادية ؛

- *أما الأمر الثاني :* فهو إن أي قرار بهذا الحجم في بلد كلبنان يتصل بقضية بهذه السخونة و الحساسية في توقيت بهذه الدقة و الخطورة و التعقيد لا ينزل على رؤوس الناس كالصاعقة بلا تشاور و تمهيد ضروريين يفترض أن يطالا المجال السياسي اللبناني أولاً و السوري و الفلسطيني ثانياً .

– السوريون و الفلسطينيون جزء من المعادلة الاقتصادية اللبنانية منذ عقود طويلة ، و حضور العمالة السورية و الفلسطينية في الاقتصاد اللبناني حاجة اقتصادية في مجالات عديدة ، و مصدر مشكلات في مجالات أخرى ، و في سجلات وزارة العمل أرشيف مليء بالمعلومات التي لا تستجيب للدعوات الغرائزية المنطلقة تحت شعار اطردوا السوريين و الفلسطينيين ؛ و التداخل الاقتصادي ليس أحادي الجانب تختصره العمالة .

- فالتحويلات التي ترد لبنان من الجاليات الفلسطينية في الخارج تُقدَّر بملياري دولار أميركي سنوياً ، و الودائع الفلسطينية في المصارف اللبنانية تقدر بخمسة مليارات دولار ، و الودائع السورية تقدَّر بأضعاف هذا الرقم و البعض من الخبراء يتحدّث عن عشرين مليار دولار كمجموع ودائع للسوريين في المصارف اللبنانية ؛

- و السوق السورية بنسبة كبيرة تتغذّى بالبضائع الأجنبية بما فيها السيارات و الآلات الصناعية عبر تجارة يُديرها ويملكها لبنانيون ويعزو إليها بعض الخبراء ارتفاع فاتورة الاستيراد اللبنانية ؛ بينما يعزو إليها آخرون رفضهم رفع الضرائب على المستوردات كي لا تتحوّل عن لبنان، ما يعني ان المعادلة الاقتصادية المركبة تستدعي النظرة المركبة ، و هذا ما واجهته صيحات الترامبية في أميركا ضد المكسيك ، و مثلها صيحات اليمين الفاشي في فرنسا ضد المغاربة و التوانسة ، و الصيحات النازية الجديدة في ألمانيا ضد السوريين المهاجرين ؛ حيث وقفت مصلحة الدولة العليا بكل جوانب المشهد تقيّم الموقف و ترسم السياسات .