خاص - سمير جعجع وعين الرمانة… قدرٌ وقضاء - بقلم ديامان رحمه جعجع

  • شارك هذا الخبر
Sunday, October 24, 2021

خاص - ديامان رحمه جعجع

الكلمة اونلاين

قلة تعرف ان سمير جعجع البشراوي دماً وتاريخاً، هو ابن عين الرمانة، حيث ولد وعاش ودرس وبدأ حياته السياسية الطالبية. وعيُه السياسي تشكّل بين بشري صيفاً وعين الرمانة شتاءً فجمع في شخصيته بين تأثيرات المنطقتين.
لم تكن عين الرمانة مكاناً عابراً في حياته، بما حملت من رمزية أثناء الحرب وتشكُّل خطوط التماس، ثمّ في حرب الإلغاء التي كان لعين الرمانة فيها موقِعةً بارزة.
وفي السلم طالما ارتبط اسم عين الرمانة بالقوات اللبنانية وسمير جعجع ، لتتكرس هذه الصورة عند كل اهتزاز أمني أو استفزاز سياسي يطال خط التماس القديم بين الشياح وعين الرمانة.
قدرٌ وضع سمير جعجع عند تخوم عين الرمانة، في تكريس رمزي لصورته كمدافع أول عن منطقته وأهله كلما دعا داع، ولو تعددت أشكال الدفاع او تنوعت بين زمن الحرب المفتوحة، ووهم السلم المهّدد بالسلاح غير الشرعي.
لم يكن ببال أحد، ولا في التوقعات ، أن يلاقيَ هذا القدَر قضاءٌ، في لحظة تفلّت سياسي من كل معايير المنطق والوعي.
فها هي القوات في مواجهة القضاء والقدر، مرة ثانية، ولو اختلفت الظروف والأبعاد عن ما كان سائدا عام ١٩٩٤.
سنوات مرت منذ ذاك التاريخ، تغيّر لبنان، تغيّرت المعادلات، تغيّر سمير جعجع. ما لم يتغيّر، أن هذا الرجل، كلّما دارت الدوائر، يقف وحيداً في مواجهة خط النار.
لا حلفاء يُذكرون، ولا أصدقاء ثابتون.
ورغم أن للقوات ورئيسها قراءة مختلفة، الا ان البعض يحمّله مسؤولية هذا الواقع، بفعل خياراته السياسية، لا سيما حساباته الانتخابية التي يعتبرون انها جردته من حلفائه الطبيعيين.
صحيح أن بعضهم أبدى، من بعيد او قريب، شيئا من التفهم والتعاطف في الأحداث الأخيرة. لكنه يبقى وحيدا في معركته مع القضاء والقدر.
وحدها الكنيسة كما في التسعينات، تضع خطوطاً حمراء حول استفراد القوات اللبنانية وترفض الاستنسابية...
ووحدهم القواتيون يبقون الدرع الحامي والمحافظين على الارث النضالي ، والقواتيون هنا، ليسوا الحزبيين فحسب، بل أصحاب النَفَس النضالي المقاوم، اينما وجدوا.
بعض هؤلاء يقول في تعبير مجازي: " سنطلق النار الى جانب جعجع في الاتجاه نفسه، قد يكون كتفنا على كتفه، من دون ان نلتفت اليه، ننهي المهمة ونعود الى بيوتنا مرتاحي الضمير، تجاه مجتمعنا وشهدائنا."
جزءٌ من هؤلاء يقولون ان سمير جعجع أقصاهم أو تم إقصاؤهم على مرأىً منه، لحسابات بعيدة كلياً عن الخط السياسي السيادي للقوات. لكنّ "الوقت ليس لهذه الحسابات" يحسمون.
الكنيسة والمناضلون هم درع القوات الحقيقي الوحيد في مواجهة فُرضت عليها.
ففي حين قرأ البعض ان حزب الله تمكن من استدراج القوات الى لعبة الشارع كمقدمة لحرب أهلية يسعى اليها أو لانفجار في الشارع يحرف الأنظار عن التحقيق في جريمة المرفأ، يتساءل مراقبون:هل كان على اهالي عين الرمانة ان يبيحوا شوارعهم ويفتحوا صدورهم أمام اجتياح الحزب، كي لا يدخلوا في لعبة الشارع، ويتركون الحزب يعيث بمناطقهم ويتعرض لكراماتهم وحيواتهم؟

في أي حال إن معركة القوات مع حزب الله ستطول، ولكنها لن تتجاوز السياسة، حسب هؤلاء المراقبين لأن "غلة" الحزب من حادثة عين الرمانة لم تأت كحسابات بيدره.
وتبقى المسألة القضائية المطروحة أمام جعجع، اليوم، تحتمل الكثير من الأبعاد السياسية، لكنها مختلفة تماما، عن اللعبة القضائية التي وَضعت سمير جعجع في السجن أحد عشر عاماً بتركيبة من النظام الأمني اللبناني السوري حينها.
هذه المرة، حسب مصدر مراقب، لا يعدو التوجه القضائي كونه خطوة تهديدية تلويحية محدودة في الزمان والمكان، فالجميع يعرف أن مشروع حزب الله وضَع جميع اللبنانيين في موقع الخصومة معه وليس سمير جعجع والقوات فحسب، وإن أحجم الباقون عن المواجهة.
في هذا الوقت تبدو فيه اللعبة القضائية "لمعاقبة" سمير جعجع على صموده بوجه الحزب، محدودة المفاعيل، في ظل المناخ الدولي والعربي الذي يصنف الحزب إرهابياً، ويعامل رئيس الدولة والحكومة اللبنانية على أساس الطاعة والتعاون اللذين يتعاملان بهما مع هذا الحزب.
إذا كان الانتقام القضائي من القوات وسمير جعجع صعب التحقيق في هذا الزمن السياسي، فإن التحكم بالتفلت الميداني والأمني الذي يهدد بالشارع وبالاغتيالات قد لا يبدو بهذه السهولة، ما يضع جعجع أمام احتمالات الخطر اليومي، وحتمية المواجهة مع القدر.. وليس مع القضاء.