باسيل يمنح الثقة بشروطه.. والمفتي رفع البطاقة الحمراء- جوزفين ديب

  • شارك هذا الخبر
Sunday, September 19, 2021

كتبت جوزفين ديب في "أساس":

يعمل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على تركيب الكلمة التي سيلقيها في جلسة الثقة النيابية غداً الاثنين، يشرح فيها موقف تكتّله والأسباب التي دعته إلى إعطاء الثقة للحكومة. ولذا سيرفع نواب التيار الوطني الحر أيديهم "ثقة" بالحكومة الجديدة على الرغم من كلّ الكلام الذي يوحي من خلاله التيّار بأنّه لا يزال يدرس خياراته بمنح الثقة أو حجبها عن الحكومة.

كذلك، لأن باسيل في اليومين الأخيرين من مفاوضات التشكيل اشترط تسمية هنري خوري وزيراً للعدل مقابل منح نواب التيار الثقة لحكومة ميقاتي بالطبع وافق الرئيس ميقاتي وصدرت المراسيم.

في ساعات بعد الظهر التي سبقت توجّه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى بعبدا لإعلان وتوقيع مراسيم التشكيل، كان ميقاتي سبق أن حصل على ضمانة من حزب الله، بأنّ تكتّل لبنان القوي سيمنح حكومته الثقة. لم يكن ميقاتي المكبّل حتى لحظة التشكيل بشروط نادي رؤساء الحكومات السابقين، ليتوجّه إلى بعبدا لو لم يضمن ذلك. في المقابل، طلب باسيل تبنّي الحكومة، وتحديداً في بيانها الوزاري، مجموعة من البنود التي يعتبرها باسيل "إصلاحات" يبني عليها في مرافعته تجاه جمهوره أوّلاً، وتجاه الرأي العامّ ثانياً. وعليه استطاع أن ينتزع من ميقاتي السير بالتدقيق الجنائي قبل الذهاب إلى جلسة الثقة، فترجم ذلك في توقيع وزير المال الجديد العقد الذي طال انتظاره. بغضّ النظر عمّا ستكون خواتيم هذه القضية، غير أنّه في الشكل، على الأقلّ، حقّق فريق رئيس الجمهورية ما يعتبره انتصاراً له.

غير أن التفاهم المسبق بين ميقاتي وباسيل لا تزال تحيطه ألغام كثيرة. فالبيان الصادر عن اجتماع الهيئة السياسية للتيار الوطني الحر تضمّن تعبيراً عن ارتياح التيار إلى إقرار البيان الوزاري مطالب التيار الوطني الحر، ولا سيّما كلّ ما يتّصل بالإصلاحات الماليّة والنقدية، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، ومكافحة الفساد، وتوفير شبكة الأمان الاجتماعي، والتدقيق الجنائي، وإعادة الأموال المحوَّلة إلى الخارج، والكابيتيل كونترول، والفوائد المشجّعة للاقتصاد المنتج، والبطاقة التمويلية، والانتخابات ومشاركة المغتربين، والتحقيق في انفجار المرفأ وإعادة إعماره، وتنفيذ ورقة سياسة النزوح، وإقرار قانون اللامركزية الإدارية.

إلا أنّ كلّ بند من هذه البنود يبدو إشكاليّاً حتى هذه اللحظة، خصوصاً تلك المتعلّقة بالشقّ المالي. فميقاتي الذي يحاول تمرير المرحلة بإرضاء الجميع سيصطدم حتماً بالمصالح المتناقضة حول بنود الإصلاح الماليّ و"إعادة هيكلة المصارف" والكابيتيل كونترول وغيرها، وكيفيّة تطبيق شروط صندوق النقد الدولي للدخول في مرحلة التفاوض معه لاحقاً. فكيف سيقفز ميقاتي وباسيل فوق التناقضات حول هذه البنود التي سيبني عليها باسيل كلمته لإعطاء الحكومة الثقة؟ هذا في الشق الماليّ، فماذا عن التحقيق في جريمة المرفأ؟

بعد جلسات الثقة لن يحتاج قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار إلى رفع الحصانات ليستكمل مسار تحقيقاته. حتى الساعة تبدو القوى السياسية لا تزال مرتبكة حول مجرى التحقيق بين فريق يدعم التحقيق في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وبين فريق يدعم القاضي البيطار في التحقيق العدلي. وكيف سيتعامل ميقاتي مع الانقسام الحاصل؟

صدر عن المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بيانٌ يوم السبت بعد جلسة برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، ودعا فيه المجلس إلى وقف الاستئثار والتسلّط على حساب الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، واضعاً المسؤولين أمام مسؤولية الخروج من الهاوية التي أوصلتنا إليها هذه الممارسات. وطالب المجلس برفع كلّ الحصانات من دون استثناء من خلال إصدار قانون جديد في المجلس النيابي، وذلك في إشارة إلى العريضة التي حملها تيار المستقبل لإجراء تعديل دستوري ورفع الحصانات عن الجميع، ومن بينهم رئيس الجمهورية. واعتماد المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء أي المرجعية الصالحة لمحاكمة المتهمين من الرؤساء والوزراء حسب نص الدستور.

كيف سيوفّق ميقاتي بين مطلب دار الفتوى ورؤساء الحكومات السابقين وبين تمسّك باسيل بتحقيق المرفأ وإدراجه في البيان الوزاري؟ لا شكّ أنّ الألغام السياسية تحيط بأكثر من ملفّ لا يزال شائكاً، ولا شكّ أيضاً في أنّ الرجلين يحاولان القفز فوق الألغام، كلٌّ وفق مقاربته لكيفيّة الاستعداد للانتخابات النيابية المقبلة.