خاص- "المدارس في زمن كورونا" الشغل الشاغل للأهل... هل ستنجح تجربة التعلم عن بُعد؟

  • شارك هذا الخبر
Sunday, September 20, 2020

خاص- ميراي خطار النداف

لن تجلس مع أم أو أب في هذه الأيام الا ويكون موضوع دخول الأولاد الى المدرسة في زمن الكورونا ثالثكما، خصوصا بعد اتخاذ وزير التربية قرار فتح المدارس في الثامن والعشرين من أيلول الجاري عبر اتباع النظام المدمج أي بين الأونلاين والحضور الى المدرسة، علما أن بعض المدارس باشرت بإعطاء الدروس وفتح أبوابها أمام التلامذة حتى قبل هذا التاريخ، الا أن أسئلة كثيرة تدور في بال الأهل القلقين على مصير أولادهم صحيا وتربويا. فهل سيكون هذا العام شبيها بالعام المنصرم؟ وهل المدارس مؤهلة للتعليم المدمج؟ ماذا عن الأساتذة الذين لم يتلقوا تدريبات كافية حول التعليم اونلاين؟ ناهيكم عن مسألة الانترنت وسرعتها في لبنان وتركيز التلميذ في المنزل بينما الأهل في العمل. كل هذه المواضيع طرحناها على المعالجة النفسية الدكتور ماري أنج نهرا مرعي.

تقول د.مرعي للكلمة أونلاين إن التعليم عن بُعد له خصوصيته، وهو في الدول المتطورة والمجهزة لهذا الأسلوب فعّال ومنتج فهذه الطريقة من التعليم مميزة ومعقدة في آن لأنها تتطلب معايير معينة أهمها التركيز وهو ما لا يتلاءم ولا يتماشى مع النمط التربوي في لبنان لأسباب عديدة أهمها البيئة الحاضنة غير المجهزة والتي لا تساعد على التركيز، فلا يعتاد الطالب في لبنان منذ صغره على فكرة الاستقلالية في درسه بل بالعكس يعتاد على التبعية فهو يتكل على "العلامة" وليس على البحث والجهد الخاص، في حين أن في اليابان مثلا الطلاب لديهم قدرة على التركيز لأنهم اعتادوا على النظام والجدية في العمل منذ صغرهم.

هل الأساتذة في لبنان لديهم القدرة على إعطاء الدروس عن بُعد؟
طبعا لا، تجيب د. ماري أنج، الأساتذة في لبنان غير مؤهلين لذلك، لأن معظم الأساتذة في لبنان يتبعون النمط التقليدي في التعليم لا بل هناك من يذهب الى تلقين المادة للطالب فتصبح نظرية أكثر منها عملية وتفاعلية وبالتالي قريبة من فهم الطالب، فكم بالحري الموضوع بالتعلم عن بعد؟

هل الجو العام في البلاد يساعد على التعليم عن بُعد؟
الجو العام غير مستقر لا معنويا ولا أمنيا خصوصا بعد انفجار الرابع من آب، ولا ماديا تقول الدكتور مرعي، فبعض العائلات لا تملك لابتوب أو أكثر في حال وجود أكثر من تلميذ في منزل واحد.

أما إذا أردنا التطرق الى التجهيز التكنولوجي فهنا حدث ولا حرج، فهو ليس على المستوى المطلوب وهي معضلة كبيرة ومهمة يواجهها هذا النمط من التعليم، ففي لبنان لطالما نعاني من التقطع في الانترنت والبطء فيه والمشاكل التقنية التي تعتريه.

إذا، كل هذه العوامل تتابع الدكتور ماري أنج من شأنها أن تؤدي الى صعوبة التعليم عن بُعد خصوصا عند الطلاب في الصفوف الابتدائية والمتوسطة، فيمكن لذلك أن يكون أكثر منطقيا في الصفوف الجامعية فيكون هنا الطالب في عمر يستطيع إدارة أموره بنفسه وتحمل المسؤولية، وتنظيم وقته بحيث يكون ملائما مع وقت الدرس عن بُعد.
إنما الصعوبة تكمن عند الأعمار ما دون الثامنة عشر وهو عمر حساس جدا يمر فيه الطالب بمرحلة المراهقة ويكون ثائرا على كل شيء بما فيه الأهل والمدرسة والتعليم وعلى أي سلطة أخرى قد تُفرض عليه، والتلامذة بالعادة في هذه الأعمار يتمردون على الأساتذة ولا ينصتون الى كلامهم فكم بالحري في المنزل حيث هم مرتاحون وفي ال Comfort Zone الخاصة بهم، أي في غرفة نومهم أو أي غرفة يرتاحون فيها في المنزل، فهم بالتالي لن يكونوا في وضعية الدرس أو الكتابة أو التركيز بشكل سليم.
أما في عمر الطفولة فتشير الدكتور مرعي لموقعنا الى أن هذا الأمر سيكون شبه مستحيل، في الوقت الحالي، لان الطفل بحاجة الى من يكون الى جانبه، والأمهات لن تستطيع أن تكون في فترة ما قبل الظهر الى جانب أولادها وهي مهمة صعبة جدا عليهنّ، موضحة أن التركيز بالنسبة للولد داخل المنزل مفقود كليا بين الأيباد والتلفاز، وهنا تقع المهمة على عاتق الأساتذة الذين تقع عليهم مسؤولية ابتداع أساليب لجذب الطلاب ليستمروا بالتركيز معهم طوال الحصة التعليمية عن بُعد.

وفي الخلاصة تقول المتخصصة في علم النفس الاجتماعي، كل الأمور والأسباب التي ذكرناها هي خير دليل على أن التعليم عن بُعد في لبنان في الوقت الحالي هو حل ولكن ليس الحل السليم، الا أننا لا نملك خيارا آخر، لان الوضع لا يسمح الا بذلك في ظل جائحة كورونا والوضع الذي نمر به في البلد، مؤكدة أن هذا النوع من التعليم في لبنان سيؤدي حتما الى خفض مستوى التعليم الممتاز الذي لطالما تميز به لبنان خاصة على المستوى المدرسي.

إذا، بعد كل الصعوبات التي ذكرناها قد يكون العام الدراسي 2020-2021 الأصعب ليس في لبنان فقط بل في الكثير من الدول ولكن الفرق يبقى في إمكانات هذا البلد الصغير على تأمين التقنيات والاحتياجات المطلوبة على الصعيد العلمي لتأمين مرور العام الدراسي بسلاسة وحتى لا يلقى مصير العام الفائت.
كل ذلك يمرّ وسط تخوف من ارتفاع الإصابات في أول الخريف حيث ستبدأ فيروسات الرشح والانفلونزا العادية بالاختلاط مع حالات الكورونا، ولن يكون عندها باستطاعة المدارس أن تفرق بينهما.