من يقف وراء ما يحصل في الشارع الأمريكي؟- بسكال الديب

  • شارك هذا الخبر
Monday, June 1, 2020

بعد إندلاع الشارع في الولايات المتحدة إثر وفاة أمريكي من أصول أفريقية نتيجة عملية القبض عليه من شرطي أبيض، يتناول الكثيرون غضب السود الأمريكيين. إذا نظرنا بعين المراقب نجد الكثيرين من المحتجين ليسوا من السود. دون الدخول في هوية المجموعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات، نطرح السؤال حول إمكانية وجود محركا خارجيا يساعد في صب الزيت على النار في الشارع الامريكي.

صرح مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين حول مسؤولية جهات خارجية تسعى لتعزيز الإنقسام في أمريكا، ملمحا الى إمكانية دور صيني وروسي وراء زيادة العنف في البلاد.
تجدر الإشارة الى تزامن هذه الأعمال مع صعود التوتر الدبلوماسي الأمريكي- الصيني نتيجة ملف الكورونا، كما مع بدء صعود التوتر على خط الدبلوماسية الأمريكية- الروسية نتيجة إتهام الرئيس الأمريكي وإدارته الصين وروسيا بالتضليل فيما يتعلق بالكورونا. يضاف الى ذلك موقف ترامب من الصين حيال المظاهرات في هونغ كونغ.

وقد صرح ترامب حول إمكانية وضع إجراءات لمنع دخول المواطنين الصينيين الذين يشكلون "مخاطر أمنية" الى بلاده. بعد صمتها حيال هذا الامر، ما لبثت الصين ان إعتبرت بنبرة حازمة في بداية هذا الأسبوع "أن أي كلمات أو أفعال تضر بمصالحها ستقابله بهجوم مضاد وقوي".

بالنسبة لما يحصل في الشارع الأمريكي، لم تصدر الصين أي بيان رسمي حول رأيها بالموضوع، لكن الصحافة الرسمية الصينية تستمر في تناول إتساع أعمال الشغب محاولة التركيز على التمييز العنصري في أمريكا . أما بعد وصف متحدث بإسم وزارة الخارجية الصينية ما يحصل بالإحتجاجات بالعرقية ، إعتبر روبرت أوبراين أن هذا الكلام يوضح بأن تعليمات الفوضى الحاصلة في بلاده تأتي مباشرة من الحكومة الصينية وهو أمر يجب مراقبته.

من جهة أخرى، صرحت سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكية السابقة حول إشتباهها بإمكانية وجود دور روسي وراء هذا العنف. إعتبرت رايس أنها لن تتفاجأ في حال ثبت اي تمويل أو تحريض روسي لهذه الأعمال عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي. دفع هذا الإتهام المتحدثة بإسم الدبلوماسية الروسية ماريا زاخاروفا بنفي الموضوع وإعتباره مجرد إفتراءات.

على أبواب الإنتخابات الرئاسية الأمريكية، حاول ترامب إحتواء تأثيرات الكورونا بعدم إبتعاده عن الساحة في وقت إلتزم خصمه بادين بقواعد الحجر. كما شدد على مسؤولية الصين ومنظمة الصحة العالمية في أزمة الكورونا للحد من أي إنتقادات داخلية له في إدارة لهذا الملف.

أما اليوم يظهر ما هو مهم وطارىء للرئيس الأمريكي وهو الأمن الداخلي للبلاد الذي يعتبر عنصرا أساسيا في السياسة الأمريكية وفي فكر الناخب الامريكي يشكل مهمة جوهرية لأية إدارة أمريكية.

بغض النظر حول المحرك لما يحصل في الشارع، من المرجح قيام ترامب بطريقة سريعة الى إحتواء ما يحصل في مرحلة مهمة من المسار بإتجاه الإنتخابات المقبلة. تظهر أولى اجراءاته بنيته بإدراج منظمة "antifa" الأمريكية المشاركة فيما يحصل ضمن لائحة المنظمات الإرهابية

يبقى لتسجيل بعض النقاط الإنتخابية لصالحه بعض هذه الإضطرابات، أنه من الممكن أن يتقدم ترامب بخطاب قوي يحوي خطوطا عريضة لإجراءات يمكن أن تريح الشارع وخاصة الشارع الأسود . هذا الأمر مهم لإقفال الطريق على من يسعى من خصومه للإصطياد في المياه العكرة ولمنع الأمواج العاتية سواء خارجية أو داخلية من ضرب سفينة عودته الى رحاب البيت البيض.

بسكال الديب- باحثة دكتوراه في العلاقات الدولية والسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط